الثلاثاء , أبريل 16 2024
حنان ساويرس

إلى كل مَعدومى الضمير .. ماذا لو تَعَرَت أُمك !!

مَشهَد مُرعب ومُفزع يُندى له الجَبين ويَشيب له الوليد ما تعرضت له سيدة بل أم عَجوُز أي تَعجز عن الدفاع عن نفسها بحُكم السِن تارة وبحُكم أنها إمرأة ضعيفة تارة !! حينما تجمع حولها 300 شخص مُسلح من الغوغاء الرعاع من أشباه الرجال المَوصوم بهم مُجتمعنا ويدعون في خانة الجنس بالرقم القومى ” ذكوراً ” مُجتمعين عليها ساديون يتلذذون مَشهد العُرى لإمرأة مُسنة تُناهز السبعين من عمرها بعد أن جردوها من مَلابسها كاملة بلا رحمة أو شفقة كما ولدتها أمها على حد تعبيرها ليطوفوا بها أرجاء القرية !!

لمُجرد شائعة أطلقوها وقاموا بتصديقها وهى وجود علاقة بين شاب مسيحى وإمرأة مُسلمة كى يضربوا عصفورين بحجر واحد الا وهما التخلص من الزوجة المُسلمة بتشويه سمعتها وتطليقها حتى لا تحصل على حقوقها الشرعية

كما شهدت هي ذاتها بذلك ، وأكدت أنها كانت على خلافات مع أهل زوجها وبالتحديد والد الزوج الذى قام بترويج تلك الشائعة بالإشتراك مع زوجها ، وكى يتخلصوا أيضاً من شريكهم في محل أدوات كهربائية ويدُعى أشرف مسيحى الديانة ، فأختلقوا هذه القصة ليغطوا على طمعهم وجشعهم وإستحلال أموال شريكهم المسيحى ولم يكتفوا بذلك فحسب بل قاموا بتهديده ففر هارباً هو وزوجته قبل تنفيذ تهديدهم له وظل والديه في منزلها إعتقاداً منهما بأنه لن يَمِسَهُما أحد بسوء بحكم سنهما ، فهذه هي تقاليد المصريين لا سيما صعيد مصر

ولكن لم تأتى الرياح بما تشتهى السُفن بل فاقت كل التوقعات !! فقاموا بنهب منازل أبناءهم وعندما قاما بتقديم بلاغ بواقعة السرقة قبل وقوع حَدث السحل والتعرية لم يعطى الأمن لهم إهتماماً بل قام بطردهم وتهديدهم أحد المُتواجدين بالمركز ورفض عمل بلاغ لهم ، وكأنهم يُصَدِقُون على إشتعال الأحداث الذى وقعت بعد أربع ساعات من ذلك بأبشع صورها !!

 الكلام على لسان الأم المصرية المسيحية التي إنتُهك عِرضها وأستباح جسدها للتعرية لمُجرد أنها إمرأة مسيحية !! فقالت الأم المكلومة في كرامتها من وسط دموعها الحارقة … أن هؤلاء البربر المُجرمون عديمى الرحمة والإنسانية قاموا بالهجوم على منزلهم وقاموا بضرب زوجها المُسن وعندما صرخت للإستغاثة قاموا بإخراجها من منزلها عُنوة وسحلها للخارج وجردوها من ملابسها، وزفوها فى الشارع مُكبرين ، ثم تعدوا عليها بالضرب الوحشي، ثم طرحوها أرضاً، لتحبو وتختبئ تحت عربة صغيرة حيت أستطاع أحد الأشخاص مُساعدتها وتوفير ثياباً لها ، فارتدتها وأستطاعت الهرب من هؤلاء الشياطين 

وقالت السيدة سعاد أنها حاولت التكتم على ما حدث شأنها في ذلك شأن اللاتي يتعرضن للاغتصاب أو التحرش خشية من الفضائح ، غير أنها لم تحتمل أن تغالب شعورها بالقهر والإذلال أكثر من ثلاثة أيام ، لتقرر مؤخراً الثأر لعرضها وتقديم بلاغ رسمي بما وقع عليها من جُرم ، فذهبت إلى المركز لتدلي بأقوالها في محضر بعد إمتناع المسئولين هناك عن تلبية طلبها لساعات، وكانت آثار الضرب المُبرح لا تزال ظاهرة على جسدها.

فنحن أمام جريمة مُتكاملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد يتساوى فيها كل أطرافها في الجُرم من مُؤلفيها ومُخرجيها ومُنفذيها من هؤلاء الهمج ، بل من أجهزة أمن المنيا الذين لم يتصدوا للكارثة قبل وقوعها بل قاموا بتهديد الضحية وترويعها وطردها كى لا تسجل ما حدث لهم من تهديد وسرقة ونهب قبل وقوع الطامة الكبرى وهى تعريتها وسحلها في شوارع القرية من مجموعة من الحيوانات الناطقة والحيوانات منهم براء!!

خرج مُحافظ المنيا لينفى واقعة تعرية السيدة المُسنة ونفس الموقف لمدير أمن المنيا بعد أن إطمئنوا من طمس الحقيقة وقمع صوت الضحية لولا عدم قدرتها على إحتمال الظلم والقهر والقمع التي جعلها تنطق وتصرخ مُستنجدة بمن لديهم ضمائر لإنصافها !!

 خرج مُحافظ المنيا مُجدداً مُعلقاً على الواقعة التي أنكرها سابقاً بعد تأكيدها من الأم المجروحة والأنبا مكاريوس قائلاً أن ما يدور بالقرية أمر بسيط، مُشيرا إلى أن هناك إجراءات تم اتخاذها من جانب “بيت العائلة” مُوضحا أن الأمر تم مُنذ خمسة أيام وليس وليد اليوم
 لا أدرى ما البساطة في الأمر .. فماذا لو كانت أمك هي من تعرت يا سيادة المُحافظ .. هل سترى حينها أن الأمر بسيط ؟!! فماذا لو كانت مُمُتلكاتك هي التى نُهبت وسُرقت وحَرق المُتبقى منها 

فلماذا أنت على كرسيك حتى الآن ؟!! لاسيما أن مُحافظة المنيا دائما على صفيح ساخن وهذا إن دل على شيء لا يدل سوى على فشلك ؟!!!

ولا أدرى بيت عائلة ماذا الذى يتحدث عنه ؟!! وكأن الأمر يتعلق بفض مُشاجرة بين طفلين إختلفوا على لعب الكرة بالشارع !! فنحن المُفترض أننا في دولة قانون والقانون لا يعرف ” بيت العائلة ” فبيت العائلة ما هو الا جلسات عُرفية لقهر الضحية ومُساعدة المُجرم على أن ينجو بجريمته الشنعاء ويفلت من العقوبة !!

وما معنى أن الأمر وقع مُنذ خمسة أيام وليس وليد اليوم ؟!! فهل هذا يفرق في أن الأحداث وقعت بالفعل؟!! وأنت من تُؤكد ذلك بنفسك بأنها وقعت مُنذ خمسة أيام بعد أن قُمت بإنكارها برمُتها على الملأ في حالة من الكذب المفضوح ولا تستحى من ذلك !!

 والآن كل ما يشغلك هو لماذا لم تتكلم السيدة في حينها ؟!! أقول لك لماذا ؟ لأنها أستنجدت بالأمن قبل سحلها ورفضوا مُساعدتها وإنتهروها وبعد أن وقع الحادث المؤسف خجلت أن تقول ما حدث لها وبعد ان لملمت جراحاتها وأستردت أنفاسها قررت أن تثأر لكرامتها وعِرضها !!

 الكارثة الكبرى الا وهى تصريحات من يُدعون أعضاء مجلس الشعب عن دائرة أبو قرقاص فأى شعب هم نوابه لا أعرف ؟!! فأحدهم خرج علينا مُردداً نفس كلام المُحافظ فلسان حالهم أن الواقعة تمت مُنذ أيام وكأنهم على إتفاق بتوحيد حُجتهم الساذجة .. قال أيضاً مُبرراً الكارثة بأنها جاءت بناء على رد فعل على حديث عن وجود علاقة بين شاب مسيحى بزوجة مسلمة وأنه لم يحدث تجريد لسيدة مُسنة مسيحية وإنما كانت محاولة قام بها عدد من الشباب لا يتجاوز عمرهم 14 سنة 

وأستطرد البرلمانى إستفزازاته قائلا أن المُسلمين منعوا تجريد السيدة المُسنة من ملابسها ، فضلا عن أن الأسرة القبطية حررت محضرا ضد كبار المُسلمين الذين أوقفوا الشباب الصغار عن تجريدها من الملابس.

فهذا الشخص المُضلل الكاذب المدعو برلمانيا يرى كالمُحافظ أنه طالما أن الحادث وقع مُنذ أيام ” فاللى فات مات”.. رغم أن الجرائم لا تسقط بالتقادم وإن كانت الأم المُسنة ترددت في الإبلاغ عنها عدة أيام فهذا لما نعرفه من حساسية الموقف الذى جعلها تُفضل الكِتمان لفترة

لكن هل هذا يمنع حدوث الجريمة البشعة وأن يُردع مرتكبيها ؟!!
 أما عن تبسيطه لجريمة إنتهاك أعراض نساء مصريات مسيحيات قائلا إنها كانت رد فعل على شائعة وقد تلاعب في وصفها بكلمة”الحديث ” بدلاً من الشائعة ومع ذلك حتى لو كانت حقيقة وليست شائعة .. فهل نعتبر أن ذلك تصريح صريح من النائب المُبجل بأنه عند وجود علاقة عاطفية بين إمرأة ورجل مُختلفى الديانة أن يقوم أحد أهالى الطرفين بتجريد سيدات العائلة الآخرى من ملابسهن وزفهن في الشوارع عاريات 

لا يمكن أبداً أن يكون هذا رد فعل لإناس طبيعيين سواء هم أو من يبرر شذوذهم الفكرى .. لا سيما وحسب رواية الشائعة أنه من المُفترض أن الزوجة المُسلمة المُتهمة بإقامة علاقة مع مسيحى كانت تفعل ذلك بإرادتها .. فما دخل النساء المسيحيات حتى يتم تعريتهن في الطُرقات ؟!!

فالطبيعى أن يقع العقاب على الزوجة الخائنة حسب عُرف أهالى الصعيد وهذا ليس معناه أننى ضد العنف أياً كانت أسبابه ، ومع ذلك علمنا أنها مُجرد شائعة خبيثة صنعها هذا الزوج عديم الشرف والمروءة الذى زج بأم أولاده بفضيحة مُخلة بالشرف حتى يُنفذ أغراضه الشيطانية الدنيئة للتخلص منها ومن شريكه في آن واحد !!

 حاول بمكر مُنقطع النظير تبرئة ساحة المُجرمين الحقيقيين في الواقعة وهم من أطلق عليهم كبار المُسلمين فيبدو أنه وعَدهُم بعدم مُعاقبتهم على جريمتهم لربما ينتخبوه في الدورة البرلمانية القادمة !! فَنَسَبَ الفِعلة للأطفال حتى يُقلل من شأن الجريمة .. فحتى لو كان الأطفال هم من فعلوها .. فمن الذى حرضهم بفعل ذلك الأمر المُشين؟!! ..
ومع ذلك الضحيتين سواء الأم المسيحية المُسنة والزوجة المُسلمة أكدتا نفس الكلام بأن الزوج المُسلم ووالده هما من قاما بالتخطيط والتنفيذ لكل ما حدث ؟!

 أستنكرعضو آخر برلماني عن نفس الدائرة تصريحات الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وأبو قرقاص، التي أكد فيها الواقعة، مُتسائلا: ” لماذا لم يتخذ إجراءات وقتها؟، فالواقعة رغم أنها حدثت الجمعة، بينما تصريحاته الأربعاء
هذا العضو الهُمام لم يستنكر الواقعة بل أستنكر تأكيد الانبا مكاريوس لها ؟!! فالنائب كل ما يشغله ليس تطبيق العدالة بين أبناء الشعب الذى يمثله فحسب بل كل ما يهمه كيف يُبرئ المُذنب !! والغريب أنه يريد من الأنبا مكاريوس مُشاركته في إتمام الجريمة على أكمل وجه وكأن قول الحق سُبة وأن الطبيعى أن يكذب ويُصدق على كذبه الأنبا مكاريوس لتكتمل المؤامرة ببراعة !!! .. وفى تصريح آخر له أعلن عن عقد جلسة في قرية الكرم لتقريب وجهات النظر بين الطرفين !!

 بالطبع لا ادرى في هذا الموقف ما هي وجهات النظر الذى يريد تقريبها بين الطرفين !!!!! فهل مثلا سيحاول يقنعنا بفوائد تجريد السيدة المُسنة ومُحاولة تجريد آخريات من ملابسهن ؟!! وما هي المزايا التي تترتب عن حرق ونهب وسلب أموال وأملاك شركاء الوطن وكيفية خروج الجُناة بجريمتهم كالشعر من العجين وربما يحصلوا على تعويضات لرد إعتبارهم كأنهم أبرياء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب !!

 أرى ما حدث من تدنى الأخلاق وبشاعة التفكير والتخطيط والتنفيذ أنه أبشع ما حدث في تاريخ مصر الحديث وينذر بخطر مُحدق !!
 أوجه رسالتى للأم الفاضلة ، التي أحتملت نِتاج سنوات تخلف وتعفن فكرى وتدنى أخلاقى واجَهَتهُ وحدها كالحمل بين ذئاب أن التجربة التي مررتِ بها صعبة وأشعر بكِ وأنه من الصعب عليكِ تخطى المحنة بسهولة وليس بهين إزالته من مخيلتك .
 فأتخيلك كيف تستيقظين من نومك مذعورة صارخة من هول ما حدث لكِ .. فهل منا من يستطيع أن يمسح دموعك التي لم تنقطع بل دموعنا أيضاً من أجلك؟؟
 كل ما استطيع فعله هو مواساتِك رغم أنه لأول مرة أشعر بعجز قلمى عن التعبير .

 فرسالتى لك يا أمى أن لا تحزنى ولا تبكى فأشعر بك وأشعر بوجعك وبما تشعرين ، فأبكيتينى ببكاءك وقلبى يعتصر من أجلك .. فأعلم جيدا مدى شعورك وأنت وحيدة بين هؤلاء الذين يملأ التعصب والحقد قلوبهم ربما حاولتِ أن تستنجدين بهم منهم وتتوسلى إليهم ان يرحموا شيوختك وسنك وهم يضحكون ويهزأون بضعفك وكأنهم أقوياء وهم مجرد صراصير لا تستحق سوى أن ندهسهم بأقدامنا لننظف المُجتمع منهم فمثل هؤلاء هم وباء أبتلينا به 

أعرف جيداً أن الإنسان عندما يتقدم به العُمر يُصبح كالطفل فيخاف مثلما يخاف ويريد مِمَن حوله الشفقة والعطف . فالموقف الذى تعرضتين له لا يحتمله حتى الرجال من الشباب فما بالنا أم أخذت منها الأيام ما أخذت وأصبحت كالطفل الذى يواجه وحش كاسر وحده فبدلا من أن يُطمئنها المُجتمع يرتكب أكبر جريمة في حقها .

 لا تحزنى يا أمى فلم تتعرى أنتِ بل من تَعَرَى هم المُجرمون عديمى الإنسانية .. وتعرى أيضاً كل من تواطئ معهم أو أنكر ما حدث لكِ أو ضلل الرأي العام أو عرقل العدالة على أن تأخذ مجراها أو سَهل لهم الأمر إعتقاداً منهم أنه لا يوجد مَن يُدافع عنكِ .
 لا تحزنى يا أمى وأرفعى رأسك فهم الجُبناء وأنتِ رمزاً للشجاعة فكفى مواجتهك لهم وحيدة هزيلة أمام مئات من الحشرات الناهشة في الأعراض .. كفى أنك أم صاحبة رسالة وهم عبئاً على المُجتمع يرعون في الأرض فساداً .

 لا تخجلى يا أمى فسبقك سيدك يسوع فعروه ولطموه وضربوه من أجلك فأعطاكِ قدرة الإحتمال مثله وشرف أن تشعرين بما شعر به من قبلك فليس العبد أفضل من سيده .

 أقول للمُحافظ وأعضاء البرلمان الذين سكتوا دهراً وتكلموا كفراً ويرون أن الأمر بسيط ولا داع لتضخيمه ولا أعرف لمصلحة مَن هذه الإستماتة في التشويش على الأمر بإدعاءات كاذبة لعدم ردع المُجرمين بدلاً من إعطاء كل ذي حق حقه .. ربما في مصلحة التعصب الأعمى والعنصرية المَقيتة المُتوارثة ؟!!

أم لصالح الحفاظ على الكرسى ؟!! أقول لكل أحد منهم .. ماذا لو قاموا بتعريتكم وأنتم ذكور .. وطافوا بكم في الشوارع مُكبرين مُهللين وكأنهم أنتصروا في حرب أمام عدو شرس ، وكل هذا التهليل والتكبير من مئات الخونة لهذا البلد أمام إمرأة بسيطة يظهر على ملامحها عوامل الزمن والفقر بدل من أن ترعاها الدولة يُعريها ويزفونها المُتخلفون ويَجدون من يحاول إنقاذهم من العقوبة .. فماذا لو تعرت أمك .. ماذا لو كانت أمك هي من تعرت ؟!!
 آخيراً أقول لجميع معدومى الضمير والشعور .. أن مُبرئ المُذنب ومُذنب البرئ كلاهما مَكرهة للرب .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.