الجمعة , مارس 29 2024

ماجد سوس يكتب : لا تربية ، و لا تعليم

    ما يحدث في إمتحانات الثانوية لهو أمرٌ عن جد خطير فالمشهد يزداد سوءاً في مجتمع فقد كل مقومات النخوة و الرجولة فبعد ان قام نفر منه بتعرية أم فاضلة في حادثة مخذية امام أعين الدنيا ، ها هو المشهد يتكرر بعد ايام قليلة بتعرية الوطن الأم بكارثة لا تقل في أي حال من الأحوال عن الكوارث الطبيعية التي تصيب الشعوب فأنا ارى بالفعل انه زلازل مدمر يدمر المجتمع و ضربه في مقتل ، فتسريب اسئلة إمتحانات الثانوية يخفي وراءها إنهيار مجتمع بأكمله فهي بمثابة جريمة تمس أمن الدولة العليا ، تحتوي على غش ، تدليس ، فساد ، رشوة ، سرقة ، احتيال ، نصب ، اهدار مال خاص متمثل فيما تتكبده الأسرة المصرية من مصاريف و تكلفة باهظة و بالطبع اهدارا للمال العام أيضاً.
سلسة الجرائم التي ذكرتها أقل من تللك الجرائم النفسية التي تصيب الطالب المجتهد الذي يسرق منه تعبه و مجهوده و لعل الأزمة النفسية التي مرت بها الطالبة مريم في العام الماضي تكشف كم الظلم الذي أحاق بها حين اجتهدت كعادتها و تم التلاعب في ورقة إجابات و ضرب بتظلمها عرض الحائط رغم شهادة أساتذتها و الخبيرة المتخصصة المحايدة التي اطلعت على اوراق إجابتها و جزما بأن هناك تلاعب واضح .
خطورة الأمر اننا اصبحنا امام مجتمع يسير بظهره و بدلا من ان نجد لدينا مجدي يعقوب اخر او احمد زويل اخر سنجد اطباءنا على مستوى جهاز الكفتة او من يتركون الفوط و المناديل و المقات في أحشاء المرضى كما سنجد المهندسين الذين لا يتورعون في غش مواد البناء المسببة في انهيار المباني و الكباري و سنجد انفسنا اما قضاة يذنبون البريء و يبرئون المذنب و امام قادة يبيعون ذممهم بأبخث الأثمان .
السؤال الذي تبادر في ذهني ، هل هناك ارادة سياسية و مجتمعية من حل مشكلة التعليم في مصر و التي ضربت المجتمع في مقتل منذ بداية السبعينيات من القرن الفائت .
لقد تم تسريب اسئلة الإمتحانات بإجابتها النموذجية هذا العام ، و هذا معناه ان هناك جريمة و تواطؤ يسهل كشفه بداية ممن وضع أسئلة الإمتحان ثم الناسخ و الطابع و الناقل و ربما يصعب كشفه لتورط كبار رجال الدولة فيه فقد انما الى علمي ان هناك لجان أنشأت خاصة بأولاد الضباط و القضاة و لست اعلم مدى صدق الرواية و ان صحت فنحن نكون امام اقصى معدلات الفساد عرفه الإنسان .
كأستاذ مساعد في معهد أمريكي للغات أتذكر في بداية عملي ان هناك طالب أمريكي تظلم لأني أعطيته درجة زيادة يرى انه لا يستحقها و حين أفهمته ان إجابتك تقترب من الصواب ، فقال لي اسف انا لا اقبل درجة لا استحقها فألغيت الدرجة بناء على إلحاحه و كنت مصدوماً من تلك الآمانة .
أتذكر أيضاً أنني ، ذات مرة كنت اراقب الطلبة في الإمتحان النهائي في ولاية هاواي ، وجدت طالبا متوترا و مرتعشا و كاد ان يصاب بمرض فإقتربت منه محاولاً تهدئته وحين هممت مساعدته و بدأت بقرأة احدى الأسئلة معه ، صرخ في وجهي قائلا من فضلك أستاذ لا تحاول ان تساعدني فأنا لا اقبل ان انجح بالغش !! فقلت له بالطبع لن أغششك و لكني فقط أريد ان اهديء من توترك فشكرني بإبتعدت عنه و انا فخور به.
يقال ان وزارة االتربية و التعليم تعج بالفاسدين و بالإخوان و السلفيين و لكن و ان سلمنا بخطورة هذا فإن القرار الآن لا بيدهم بل بيد آخر فهل الآخر اتفق الجميع على تعرية الوطن امام الدنيا . هل اتفق الجميع على تدمير المجتمع و أجياله هو ارتضى الجميع ان تتحول وزارة التربية و التعليم الى لا تربية و لا تعليم.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.