الجمعة , أبريل 19 2024
الأديبة السورية نادية خلوف

نادية خلوف تكتب :أحسدهم-أعني الأمريكان-

الجمال الأبيض، والأسود ، والأصفر يضجّ في مراسم حفل تنصيب ترامب. كلّهم جميلون. حتى ترامب تعوّدنا عليه بطريقته ، وقد حاول أن يقلّد أحد  الممثلين في خطبة التنصيب.

لن نتحدّث في سياسة ترامب، فهو من حيث المبدأ لا يقرّر إلا بعض الأشياء، فأمريكا هي أمريكا يحكمها رأس المال.  أتحدّث عن الحضور النّجومي لهؤلاء الذين يحكمون العالم. كان كلّ منهم نجماً .

شعرت بالغيرة. ليست غيرة طبيعيّة بل غيرة مرضيّة جعلتني أعيد تدوين تاريخ جرائم الشّرف في سوريّة،وتاريخ الكفاح السّلمي والمسلّح، والقضيّة التي نعلك بها. تاريخ  قتلنا لبعضنا. لا أعتقد أن هؤلاء يجيدون استخدام السّلاح. هم يوظّفون القتلة فقط. حقّاً إنّ المال يصنع السّعادة.

 تابعت مسيرات النسّاء أيضاً ضد ترامب. ما أروعهنّ! هو الجمال يسير على الأرض. كم أنا بحاجة إلى أن أصرخ مثلهنّ، وتكون ثيابي مثل ثيابهنّ.  هنا جمال، وهناك جمال. في حفل التنصيب. كان الجمال يتحدّث، وهنا الجمال، والدفء والمشاعر تتحدّث.

أنا اليوم لا أتحدّث سياسة. أتحدّث عن الجمال، وعن مشاعر الحسد التي تنتابني. حسد يصل إلى حدّ المرض. أكاد أذهب إلى أمريكا خلال لحظة، أحضر حفل التنصيب، ثمّ أشارك النّساء، فأنا بحاجة للصّراخ.

لا أرغب أن أكون عربية، أو غير عربيّة. أرغب أن أعيش كما يعيشون. أغني، أرقص، وأصرخ، والعالم ينظر لي بإعجاب.

ليس ذنبي أنّني خلقت عربية. هكذا شاء القدر، وشاء أيضاً  أن أحضر حفلات غسل العار، واستعادة  الشّرف، حفلات الطّهور، وصباحيّة فضّ غشاء البكارة، وشاء القدر أن أكون محام أشارك النّساء آلامهنّ. كم بكيت عندما قتلت رويدة ذات السبعة عشر عاماً على يد أخيها، وبكيت أكثر عندما تصالح أعمامها مع المغتصب، وعندما رحل طفلها الوليد مع عائلة غريبة.

في السويد وصف أحدهم إحداهن بالعاهرة، فطلبوا منه أن يستقيل على الفور. رئيسة حزبه قالت له :  نحن نحترم العاهرة .في بلادنا مساواة. خذني بلطفك يا رب. لماذا ذهبت أمّ فتاة سوريّة تعرّضت للاغتصاب إلى ألمانيا، ووظفت من يقتلها غسلاً للعار بينما جميع الذين يحكون العالم، والذين حضروا حفل التنصيب لا يهتمون سوى بالجمال، والاستعراض والمال.

لا أرغب أن أكون عربية. مللت حفلات القتل، وشرب نخب الشّرف.

لماذا تسير النّساء في مسيرة ضد ترامب لأنهن يعتبرنه ضد المرأة ، ولا أحد يسمع لي عندما  أقول : أوقفوا القتل؟

عندما أقول العرب فإنني أعني جميع شركائهم في الوطن ، وعندما أقول السّوريين فإنّني أعني الأكثرية، والأقليات القومية، والطّائفية.

هل بإمكاننا فعلاً أن نجعل السّوري يكفّ عن الحماس المصطنع، وعن الحديث بأيّة قضيّة بعد الآن. أليس الأجدر به أن يذهب إلى أمريكا عسى أن يصبح رئيساً في يوم ما، ونحضر حفل تنصيبه، يشتري لنا على حسابه ثياباً لائقة. ليتهم يكّفون عن التحليل- طبعاً أعني السوريين-

 

 

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.