الثلاثاء , أبريل 23 2024

ماجد سوس يكتب : احذروا .. ثورَةُ السَتْرِ قادمةٌ

فجأة استيقظ أكثر من خمسين مليون مستأجر في مصر على مشروع يعد أكبر كارثة إنسانية ستحيق بالمجتمع المصري وربما منذ نشأته . كارثة ستحرق الأخضر و اليابس بل و قد تؤدي الى حرب أهلية شرسة والكارثة في موضوعها و توقيتها . وهي مشروع ينهي عقود الإيجار القديم إنهاءً قسريا بقوة القانون، وبالتالي العودة لقانون 4 لسنة 1996 الذي أطلق معايير الإيجار بلا ضابط ، وبالتالي ترتب عليه مبالغة في القيم الإيجارية أهدرت حقوق المستأجر كل هذا مع تهاوي قيمة الجنية المصري والتضخم الذي حل بالبلاد والارتفاع الجنوني للأسعار في كل السلع الضرورية لحياة الإنسان . مقترح القانون بزيادة متدرجة للقيمة الإيجارية، وتحرير العقود على فترة انتقالية تختلف باختلاف نوع الإيجار، فالإيجار الإداري للحكومة مثلا وهيئاتها، حددها من سنة إلى 5 سنوات في المناطق الخدمية، أما التجاري بعد 5 سنوات، والإسكاني تتحرر عقوده بعد 10 سنوات، وهي مواد تعكس التناقض في بنية المشروع المقدم، حيث لامنطق من زيادة الإيجار لمستأجرين أيا كان نوعهم وهم مآلهم الطرد فى النهاية من الشقق! بالإضافة إلى مواد أخرى جاءت مجحفة أيضا، وهى الزيادة المبالغ فيها للقيم الإيجارية من قيمة المثل، فمثلا أن تكون الزيادة في السنة الأولى للقيمة الإيجارية 20% من قيمة المثل، بمعنى لو أن مستأجراً يدفع إيجار الشقة فى السيدة زينب 50 جنيها، وقيمة المثل الحالية 1000 جنيه، أي أن المواطن عليه أن يدفع في أول تطبيق 250 جنيها، ثم تصبح أعتقد أنه ليس بأمر يسير لكل المستأجرين. أما المستأجرون غير القادرين على دفع مبالغ إضافية لقيمة الإيجار الحالي، فسيتم توفيق أوضاعهم من خلال الأجهزة التنفيذية، ثم إنشاء صندوق إسكان برئاسة مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء المختصين، مثل التضامن الاجتماعي والإسكان، يتولى إنشاء وحدات سكنية بديلة لهولاء المستأجرين، تكون قريبة لعقاراتهم، بتمويل من ملاك العقارات !! وهو أمرٌ وهمي لا يمكن تطبيقه عملياً فكيف ستجد الحكومة أراضي فضاء داخل المدن و كيف ستجد الحكومة التمويل اللازم للبناء في ظل ارتفاع اسعار مواد البناء الرهيب و أين ستضع المستأجرين حتى الإنتهاء من أعمال البناء أنه لأمر هزلي لايمكن تنفيذه عملياً اطلاقا أما بخصوص أرزاق الناس فقد نص مشروع القانون أنه بقوة القانون تنتهي عقود إيجار الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن والمخصصة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو تجاري أو مهني أو حرفي بوفاة المستأجر، ولا تمتد إلا مرة واحدة وتكون مدتها 5 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، وتزداد القيمة الإيجارية خلال هذه المدة طبقًا لجدول مرفق بالمشروع. و إذا طبق هذا القانون بصورة عامة مجردة فسيكون كالسكين المحماه على رقبة البسطاء الذين يستأجرون محلات صغيرة في حواري و نجوع مصروأحياءها الشعبية و كيف سيستطيعون العمل و الحياة بدخلهم البسيط.. أما بخصوص الشقق المغلقة بسبب سفر أصحابها للخارج أو غلقها بسبب شراء شقق أخرى فنص المقترح على تسليمها للمالك بقوة القانون اذا لم تستخدم خلال ثلاث سنوات من غلقها و هنا سيبدأ التحايل على القانون و التلاعب سواء من جهة المستأجر لإثبات استخدامها ولو ليوم واحد خلال الثلاث سنوات لقطع مدة التقادم و التلاعب من جهة المؤجر ليثبت العكس . أعلم أن هناك وجهة نظر أخرى تقول: كيف لمالك يؤجر شقته في مصر الجديدة ب10 جنيهات في الوقت الذي تصل فيه قيمة إيجارها إلى 4 آلاف جنيه و هي وجهة نظر تبدو منطقية لكنني أرى انها ليست بعادلة فأنا لست ضد الزيادة في القيمة الإيجارية من حيث المبدأ نهائيًّا، واريد للمالك أن يحصل على إيجار عادل ومتوازن، لكن ليست بهذه القيم المبالغ فيها بالمشروع الجديد أما توقيت الزيادات في الظروف القاسية التي يعيش فيها المواطن المصري هو توقيت كارثي سيؤدي إلى اضطرابات قد يصعب تداركها و ربما يفتك بعض المستأجرين بمالكهم اذا استشعروا انهم سينامون على الأرصفة و قد يزداد الفساد أكثر كي يحصل المواطن البسيط او الموظف على المال ليسدد به احتياجاته الضرورية كالإيجارات فلايعقل تحميل المستأجر القديم كل السياسات الاقتصادية الإسكانية الخاطئة التي حدثت خلال العقود الماضية! خاصة أنه بقى في شقته بقوة القانون و ليس بإغتصابها عنوة. هل أعضاء البرلمان الذين يمثلون كل طوائف الشعب لايدركون خطورة العبث في هذا الملف أم غالبيتهم من الملاك و أصحاب العقارات الذين لايشعرون بالطبقة المستأجرة الكادحة في المجتمع !! ففي الوقت التي أعطت المادة 78 من الدستور المصري لكل مواطن الحق في السكن ، ذلك حق الذي ييكفله الدستور في دولة يتجاوز فيها حد الفقر الخمسة وسبعين بالمائة نجد البرلمان يقدم لنا مشروعًا يتعامل مع حق السكن على أنه سلعة وليس حقًّا ! فكما قال أحدهم إن مشروع القانون الجديد يتعامل مع الإيجار بمنطق «اللي معهوش ميلزموش» في دولة تعاني من أزمة سكانية وكارثة إنسانية؛ نتيجة غياب الخطة التنموية البشرية، فيأتي المشروع طاردًا لملايين البشر، في ظل دولة عاجزة عن تقديم الحق في السكن الملائم لهم، لذا القانون الجديد لا يحل مشكلة السكن بل يعقدها. أنني أرى أنه على مجلس النواب أن يتوقف عن مناقشة مشروع هذا القانون في الوقت الذي يتربص به أعداء الوطن بسلامة مجتمعه بل أذهب الى أبعد من هذا و أرى إن هناك أيد خفية وراء طرح المشروع في هذا الوقت بالتحديد حتى تقوم حرب أهلية تقضي على استقرار الدولة لامانع أن تكون هناك زيادة في الإيجارات معقولة يؤخذ بعين الإعتبار فيها ارتفاع أسعار المياه و الكهرباء و الغاز و القمامة و كل السلع التموينية كما اننا حتى نكون عادلين علينا ألا ننسى انه مع إنخفاض قيمة الجنية هناك تهالك للمباني و قدمها . أقول هذا حبا في مصر بضمير صالح فأنا لست من طائفة المؤجرين أو طائفة المستأجرين ولا محسوب على أحدهما لكني أرى أنه ما يمس الإنسان في مسكنه هو مايمسه في حقه في الحياة و أن يبقى فيها مستوراً والا ان فقد حياته سيخرج في الشوارع يسلب غيره الحياة و حينها ستكون ثورة الستر القشة التي قسمة ظهر البعير و أنهت على وطن و نظامه.

شاهد أيضاً

الحرحور والجحش وحمار الحكيم…

الذكريات كتاب مفتوح ووقائع مازالت تحيا فى القلوب وبقاياها يعشش فى العقول ، وعندما نسافر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.