الجمعة , أبريل 26 2024

مدحت قلادة يكتب :الدولة في شرقنا التعيس

تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن الدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين متفق عليه فيما بينهم، وتشرف الدولة على أنشطة سياسية، اقتصادية، واجتماعية تهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها.

بالطبع تختلف الأنظمة السياسية في الشكل والمضمون (مَلَكْي، جمهوري، كونفدرالي).. ولكن يظل مفهوم الدولة والوطن كما سبق بل تظل مسؤولية الدولة هي إقامة الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بهدف تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى الأفراد فيها “المواطنين” مهما اختلفت انتماءاتهم، والمعيار الوحيد لانتماء المواطن للدولة والاستفادة من الرقي والازدهار هو معيار الجنسية فقط.

وأما في شرقنا التعيس تختلف مسؤولية الدولة والأنظمة الحاكمة تجاه مواطنيها فالدولة ليس من مسؤولياتها تحقيق العدالة والتقدم والازدهار فقط إنما تتخذ مسؤولية والتزام آخر تجاه رعاياها.

حماية الدين.. فدستور الدولة به مواد تنُص على أنها دولة لها دين فتحتوي معظم دساتير دول المنطقة على نصوص تحوي في طياتها أن الدولة تتبع دين معين… وتتحفز كل أجهزة الدول الشرق أوسطية لحماية هذا الدين تارة بالمطوعين، وأخرى بأجهزة أمنية وعقابية.. فالمسؤولية الأولى للدولة هي حماية الدين، وليست حماية المواطنين.. وانطلاقاً من أن الدولة لها دين!! أصبح معيار الجنسية ليس هو الأهم إنما الدين هو الأهم، ولذلك أصبحت حياة المواطن في منطقتنا التعيسة تستباح بل وأيضاً مصدر رزقه، ومسكنه، انطلاقاً من معيار أن الدين هو الذي يحتل الصدارة في اهتمامات الدولة وعليه طبقاً للدساتير الشرق أوسطية المواطن المسلم هو الأهم ثم يأتي ذوي الأديان الأخرى بعده في الترتيب… أضف إلى ذلك أن هناك قوانين هدفها الأول التنكيل بمن يخرج عن السرب.

التقدم والازدهار.. انعدمت مسؤولية الدولة في شرقنا التعيس تجاه رفاهية أفرادها وازدهار البلاد بل أن الواقع يؤكد أن مسؤولية الدولة الأولى هي اقتياد المواطنين “خاصة الغالبية إلى الجنة” فاستمدت القوانين من الشريعة رغم تعارض العديد من موادها مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فأصبحت المرأة نصف الرجل في مواد القوانين الخاصة بالميراث والشهادة أمام المحاكم.. ولا تتعجب أن ترى متطوعاً مُكَلف من قِبَلْ الدولة في تعقب من لم يصلي!! بل وجلد المفطر!! وليس بعجيب أيضاً أن تسمع أحاديث مديري أمن دولة ما.. أنه تم القبض على عدداً من المفطرين في شهر رمضان، ومن العجيب أنهم ربما يكونون من ديانات أخرى.

الدولة والاضطهاد: ففي شرقنا التعيس تُقَنن الدولة الاضطهاد بقوانين لتفرق بين مواطنيها فكل خدمة تقدمها الدولة للمواطن يقابلها مبلغ من المال إلا شهادات واستمارات الأسلمة فهي بدون مقابل ويُعَامل حافظ القرآن معاملة حامل المؤهل العالي فيما تُعفى المساجد من ضريبة العوائد العقارية كما توفر الدولة مصادر تمويل للجامعات الدينية رغم أن الآخر محروم من الالتحاق بها.

أخيراً: إن مفهوم الدولة في شرقنا التعيس ليس توفير فرص عمل بل بناء مساجد، وليس مسؤلة في تحسين جودة التعليم بل في إخراج أجيال عديدة كل عام من خريجي الجماعات الدينية ليساهموا في تأخر الوطن بالاعتماد على قرون سحيقة لسلف مضى، ولم ير نور العلم ولا قيمة الإنسان.

الدولة: في شرقنا التعيس هدفها الأول والأخير قيادة الشعوب للجنة المزعومة فجيشت كل ما لديها من قوانين وأجهزة أمنية ورقابية لهذا الغرض فقط.. ومن الغريب أن دول المنطقة ترفع شعار العدل أساس المُلك وتجد أن قوانينها وقياداتها لا تعرف العدل ولكنها وتسمع الكل يصَّرح العدل من أسماء الله.

فلا هم أقاموا العدل ولا قاموا بمسؤولياتهم تجاه الدولة والمواطنين بل أضاعوا مفهوم الدولة..

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.