الجمعة , أبريل 19 2024
طارق فكرى

 الغرب يُظهِر وجهه الفاشي .

بقلم : طارق فكري – كاتب وباحث سياسي

 لطالما رأينا الغرب نموذجا أفلاطونيا للديمقراطية الفاضلة والحرية المطلقة ، وما زالت الأنفس العربية تتهافت لتنال جنسية غربية تنعم بها وتغسل عنها ذل العبودية وقهر الاستبداد ، ووقع الجميع في الخديعة الكبرى؛ فلم يرى غير الوجه المستعار المُحلى بالديمقراطية والحرية الزائفة .

نجح الغرب في استخدام الحرية والديمقرطية؛ كجنة تنعم بها شعوبهم وتنتظم بها حياتهم ، كما استخدموها نارا تحرق حضارتنا العربية الإسلامية ، وفزاعة يقرعون بها عملائهم من الحكام والمتسلطنيين علي عرش العروبة الضائعة ومنبر الإسلام الغريب.

 لعب الغرب بالعقلية العربية فجعلوا الديمقراطية والحرية حلما يراود الأحرار منا ، فإذا ما لبث الحلم أن يكون حقيقة حولوه لحلم لا يلامس أرض الحقيقة

واستخدموا لذلك أنظمة ديكتاتورية تابعة لهم ومسبحة بحمدهم ؛ فيقمعوا كل حر، ويهدموا كل بناء ديمقراطي، ويحولوا أعراسنا الديمقراطية إلى أحزان فاشية ؛ لترتع الشعوب العربية في وحل العبودية وعار الاستبداد .

– واجه الغرب كل تحول ديمقراطي بالالتفاف عليه وقمعه وهو وليدا في مهده ، وما حدث للربيع العربي ليس منا ببعيد ، بل رأينا الثورة المضادة والغرب يد واحدة ضد الديمقراطية والحرية ؛ لأن الغرب يريد أنظمة تابعة له لا تمتلك سيادة القرار ، بل هي حاكمة بالوكالة تحمي المصالح الغربية وتقدم القرابين للغرب في صورة الصنم الغربي في بلادنا العربية ألا وهي إسرائيل .

– عندما يموت ما يقرب من نصف المليون من الشعب السوري بيد الغرب والنظام العلوي الفاشي ؛ فهذا حجة ضد أنصار الحضارة الغربية والمُمٙولين منها والتابعين لها بحكم موجة العولمة التي تصب في صالح الأقوى .

ها هي أمريكا بما تدعيه من زيف عن تبنيها لحقوق الإنسان من حرية وديمقراطية تحاكم الشيخ الكفيف المسن الدكتور عمر عبدالرحمن بقانون محاكم التفتيش في قرون الظلام الغربي (قانون النوايا) ويحكم عليه بالسجن مدى الحياة ،ليقبع المجاهد الكفيف أربعة وعشرين عاما في سجونهم يُعامل معاملة سيئة فلا يجد من يغسل له ثيابه، ولا يقضي له متطلباته، وهو الشيخ الكفيف المريض بعدة أمراض ، فأين هذه الديمقراطية ؟ وأين مقام الحرية ؟

 الغرب يصنع للحرية والديمقراطية في بلادنا إلها من العجوة فإذا ما جاعوا أكلوه ، تقول اليوروبيان 22/4/ 1993:
“إننا نسمي أنفسنا مسئولين وديمقراطيين، ولكننا في الواقع أنانيون وبرابرة ومعدومو المسؤولية.. إن مئات الأبرياء والمدنيين العزل قتلوا في (سربرنتا) بمدفعية الصرب المتوحشة ونصرّ في نفس الوقت على استمرار حظر السلاح!.. إن أسوأ مجرمي الحرب في هذه المأساة هم قادة الغرب الذين يشاهدون المجزرة ولا يفعلون شيئا لإيقافها.. إن مأساة البوسنة عار على حضارتنا.. فإذا تحول الدم إلى بترول أو تحوّل المسلمون إلى مسيحيين أو يهود فكلّنا يعلم أنه سيكون هناك تدخل وفعل”!

 هناك في فلسطين، جرت عام 2004 انتخابات ديمقراطية نزيهة باعتراف دولي، غير أن العالم وقف ضدها ودعم “إسرائيل” في الحرب على هذه الانتخابات الشفافة والحكومة المنبثقة عنها، ومنذ ذلك الحين لم تتكرر انتخابات أخرى، بل إن محمود عباس انتهت ولايته منذ سنوات ولا يزال يمارس مهامه في منصبه كرئيس للسلطة

الفلسطينية عندما فازت حركة المقاومة الإسلامية حماس في هذه الانتخابات لم يقبل الغرب بديمقراطية الشعب الفلسطيني التى ٱرتضاها لنفسة، بل مما يزيد الأمر قبحا أنّ الغرب أجهض هذه التجربة وألهب نار الصراع بين الحركات الفلسطينة وحول مشهد الديمقراطية الرائع الى حمام دم بين الفلسطينيين وقُتل أكثر من 400 من أبناء الشعب الفلسطيني إثر الصراع الدامي بين حركة حماس وفتح.

كما لعب الغرب على تأجيج الصراعات الطائفية والعرقية مما أثر سلبا على أي عملية تحول ديمقراطي
مثل التحالف الشيعي العراقي الأمريكي ضد أهل السنة – والتحالف الاميركي مع أكراد سوريا ….. وغيرهما .

 علت النبرة الفاشية ضد المسلمين في الغرب بعدما طفى وظهر اليمين المتشدد على السطح مع نجاح ترامب ؛ فحرقت مساجد بأمريكا وأوروبا كنتاج لسياسة فاشية ضد المسلمين وهذا ما حذر منه مارتن سلماير رئيس فريق العاملين مع رئيس المفوضية الأوروبية من “سيناريو الرعب” الذي سيحدث فيما لو حل محل زعماء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا زعماء مثل ترامب ومارين لوبان وبوريس جونسون وبيبي جريلو

وبعد ذلك بشهر، صدمت بريطانيا العالم حين صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، فاستقال كاميرون من رئاسة الوزراء وأصبح رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون المؤيد للانفصال عن أوروبا وزيرا للخارجية ، وفي تغريدة له كتب مؤسس حزب الجبهة الوطنية الفرنسي جان ماري لوبان ووالد زعيمة الحزب مارين لوبان يقول “اليوم الولايات المتحدة وغدا فرنسا”.

 كما أظهرت ألمانيا وهولندا والنمسا وجوها فاشية وأخرى نازية أمام النجاح والصعود الإسلامي لتركيا ؛ فإذا بهذه الدول التي تدعي لحقوق الإنسان تمنع مؤتمرات داعية ومؤيدة للتعديل الدستوري التركي في حين توافق على عقد مؤتمرات مناهضة لهذه التعديلات، فعن أي ديمقراطية يتكلمون وعن أي حرية يتحدثون ؟

ظهر الوجه القبيح للغرب لمن توهم فيهم خيرا رئيس حزب اليمين الهولندي خيرت فيلدرز الذي وصف المهاجرين المغاربة في هولندا “بالحثالة” سابقا اليوم يخاطب الاتراك :

“أيها الاتراك بلدكم إسلامي ولن نقبل أنضمامكم لأوروبا لأن الاسلام لا ينسجم معنا “..!!
ثم يقول :تركيا صوتت لأردوغان (الاسلامي الخطير) !
وليعلم أصحاب البصائر: أن محصلة هذه الحرب الغربية على حرية الشعوب العربية في تقرير مصيرها وإدارة بلادها وقمع أحلامها يصب في صالح حاملي السلاح ومنكري تلاقي الحضارات وساعتها لن ينازع ويُعاني الوطن العربي وحده ،بل سيُصدّٙر هذا للغرب في صورة لاجئين ، أو عنف وإرهاب يفسد عليهم ما وصلوا إليه من حرية واستقرار ، ويحول حضارتهم لمدينة خوف وأشباح .

 أيتها الشعوب العربية المسلمة :

عولتم على الغرب ليساندكم من أجل قضاياكم المشروعة وأحلامكم القيمية والإنسانية ، فخزلكم ودعم أنظمة ديكتاتورية تحمي مصالحه وتحرمكم من حرية وديمقراطية تضع لكم قدما على أبواب الحضارة والتقدم ، فهل من وقفة ضد هذا الخداع الغربي، والهيمنة القبيحة التي حلت استعمارا محل الجيوش الصليبية الباغية ؛ لنرجع لموروثاتنا الدينية والتاريخية والشعبية ، ففيها كل القيم الإنسانية والمناهج السلوكية والادارية .

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.