الجمعة , أبريل 26 2024

أفكار شيطانية .

بقلم . شحات خلف الله كاتب ومحام

إنهم يتوددون ويتقربون ويرتدون الآلاف من الأقنعة تارة قناع الراهب فى صومعته والشيخ العاكف فى محرابة وتارة قناع القائد الملهم الفارس المغوار وتارة قناع الناصح الأمين وتارات اخرى كثيره فى مسرحية هزليها السيناريو فيها حرمان وجفاف العواطف وضيق الحياة الواقعية لكى ترسم واقع أجمل يشبع ارواح الشياطين النهمة العطشي لدماء النخوة والكرامة .
شاشات تختفى خلفها شخصيات متنوعه من شرائح عمريه مختلفه وأنماط وسلوكيات مجتمعيه تختلف أيضا فى التكوين والتنشئة ولكنها تتفق فى النوازع والعواقب

مقال اليوم يلامس واقع المجتمع العنكبوتى فى جزئية محدده يغلب عليها التصنيف كجريمة من جرائم تقنية المعلومات تسمى التهديد والأبتزاز عبر الأنترنت وبرامج التواصل الأجتماعى المختلفة .

فى البداية لا بد من إيضاحى لمعنى إبتزاز بعيدا عن الخوض فى المصطلحات القانونية حرصا على وصول المعلومة لكافة الشرائح دون تعقيدات لغوية أو قانونية ومن وجهة نظرى تعريف الإبتزاز { هو أخذ مال أو منفعة معينة من شخص بعد تهديدة بنشر أمر معين من الأمور الشائنة التى لا يرغب فى هتك سترها أمام الأخرين } وهى جريمة من الجرائم التى لها عقوبات مقيدة للحرية وتصل الى السجن فى بعض الدول العربيه أو الغرامات المالية الكبيرة .

دولة الإمارات العربية المتحدة كان لها السبق فى تغليظ الجرائم فى تقنية المعلومات ومنها الإبتزاز والتهديد وقد تصل جريمة التهديد والابتزاز على الإنترنت مثل التهديد بنشر صور فاضحة إلى الحبس مدة لا تزيد على عامين وغرامة لا تزيد على 50 ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين، بينما تصل عقوبة المساس بالأخلاق والآداب العامة باستخدام وسائل الاتصال، مثل إرسال رابط يمس الأخلاق العامة إلى الحبس لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات والغرامة أو إحداهما والمشرع المصري تأخر عن معظم دول المنطقة في تشريع قانون للجرائم الالكترونية إلا انه عندما شرع قانوناً جاء هذا القانون ناقصاً و معيباً سواء من ناحية الصياغة القانونية أو من ناحية الحماية الفعلية ضد الجرائم الالكترونية لكونه لم يوفر الحماية الكافية لمستخدمى البيانات والمادة (12 )من قانون جرائم الانترنت تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين و غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، كل من حاز أو أحرز أو صنع أو أنتج أو استورد أو صدر أو تداول بأية صورة من صور التداول أي أدوات أو برامج مصممة،أو محورة، أو شفرات أو رموز،بغرض استخدامه في ارتكاب أو تسهيل ارتكاب أية جريمة ،أو إخفاء آثار أو أدلة .

وبالنظر في نص هذه المادة نجد أنها تعاقب فقط على استخدام البيانات أو الأدوات لارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون فقط و ليس في قانون العقوبات بأكمله اى أنها لا تحمى البيانات الشخصية للضحية ولا تعاقب على انتهاك خصوصية المستخدم أو استخدام بياناته أو تحوريها كما يحدث مع صور الفتيات و تركيبها على صور أخرى لتصوير الفتاة الضحية على أنها من الباغيات .

ومن أجل ذلك فإن جرائم تقنية المعلومات تحتاج الى المزيد من الجهد القانونى والفقهى واجراء الكثير من التعديلات التى تضمن بتر أذرع مرتكبي تلك الافعال فى المجتمعات .

الفراغ فى المجتمعات وعدم نشر ثقافة الأنترنت الإيجابية والظن بإنه بعيداً عن طائلة القانون ساعد مرتدى تلك الأقنعة على التفنن فى اختيار الشخصيات التى من خلالها الولوج الى مواطن العفة فى المجتمعات بين الشرائح المختلفه وسوء ثقافة الأستخدام جعلت الكثير من الأسر فى حالة دمار شامل ولما لا .وهى من الجرائم الأنكى فى وقعها من القنابل النوويه بانهيار الأسر وانتشار حالات الطلاق وضياع أجيال كاملة

هناك برامج متخصصه حاليا تستطيع من خلالها أن تكون قادرا على ايهام الطرف الأخر بإن المتحدث من النوع المختلف عنه فنرى ذاك الشاب الجميل مفتول العضلات صاحب القدرات الخارقة للطبيعة وهو يتحدث مع فتاة تفوقه فى الجمال والقدرة والأثارة التى تسلب العقول وحقيقة الأمر أننا أمام شخصيات مختلفة فكلاهما ارتدى قناعات ويبحثان عن احلام خيالية يصورها العقل المريض وسعادة لحظية وعند إنكشاف الواقع يحدث الصدمات التى لا حصر لها فقد تم التقاط الصور وتسجيل المقاطع المرئية وتبدأ المعاناه الحقيقية بالتهديد بإستغلال تلك المواد أو الأستجابه دون تفكير لمتطلبات الشخص المبتز إما ماديا او معنويا بالمزيد والمزيد من تدنيس الكيان البيولوجى .

هنا نجد تلك اللحظات قد تحولت الى كوابيس تَقُضْ المضاجع وتؤرق النوم وتنقلب الحياة الى جحيم لا يطاق .

وهنا لا بد من الوقفة الحاسمة تجاة هذه النوعيات من البشر سواء كان مبتزاً (ضحية ) والشخص الذى قام بالإبتزاز (متهم ) الضحية بإحتوائها أُسريا ومجتمعيا وقانونيا وعدم اشعارها بإنها كانت المسبب الرئيسي لما وصل له الأمر. فكلنا بشر ولا يوجد ملائكة على الأرض ، والمتهم بوضع العقاب الرادع له حتى يكون عبرة ومثال وذلك بإصلاح القوانين والتشريعات فى كل المجتمعات وتغليظ العقوبات عليها .

الأفكار الشيطانية كانت وستكون داء العصور المقبلة فى ظل العولمة الحديثة وسهولة اختراقها لثقافات الشعوب وقد لاحظنا فى مجتمعاتنا. كيف اصبحت الأخلاقيات وانتشرت الأفكار المدمرة لكل اسس المجتمعات واصبح زنا المحارم من الأمور المألوفة بعد أن كان يقف شعر الرأس عند التلميح بها .

التبليغ وعدم الصمت على المبتزين سيكون أفضل بكثير من التمادى فى الإستجابه لتلك الطلبات التى لن تتوقف ما بقى هناك ضعف التصرف فى المواقف

ختاما . آن الآوان لنفيق من غفوة الأفكار الشيطانية والتيقن بإن خلف الشاشات أقنعة تجيد تمثيل أدوار الأبالسة لا يغرنكم السن والنصح وارتداء الملابس الإيمانية وكفانا لعباً فى البحث عن الوهم فى عالم الوهم .

شاهد أيضاً

ليلة أخرى مع الضفادع

في ضوء احداث فيلم الوصايا العشر بشأن خروج بني اسرائيل من مصر التى تتعلق بالضربات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.