الجمعة , مارس 29 2024
ايهاب أبو ررحمة
ايهاب أبو ررحمة

د. إيهــــاب أبورحمـــه يكتب : الطبيـــــــب الزبـــــــاله.

صرح منذ أيام قليله أحد وكلاء وزاره الصحه في مصر تصريحاً أساء به إلي جموع الأطباء في مصر و إلي شخصه حيث أنه من المفترض أنه من أطباء مصر معتبراً أغلب أطباء مصر زباله علي حد وصفه و لم يقف الأمر علي هذا الوصف الذي لا يعتبر زله لسان فسيادته أصر علي اللفظ و لم يهتم بتصوير الحدث بل و طالب بالتصوير ضارباً كرامة الأطباء عرض الحائط .!!
و بدوري و كطبيب مصري أرفض تماماً تصريحات هذا الشرشر تجاه أطباء مصر أجمعين ، و أطالب بإيقافه من عمله فلا يصح لمثل هؤلاء أن يظلوا قابعيين علي كراسيهم فليس بينه و بين الطبيب إلا العمل و بحرفيه مطلوبه فأقصي ما يستطيع فعله لو كان علي حق معاقبه الطبيب وظيفياً في حاله الأخطاء المهنيه و خلافه .
و لكن دعونا نتعرف علي طبيب مصر الزباله و عن قرب و من منظور طبيب مصري من هؤلاء الأطباء الذي وصف أغلبهم هذا الوكيل بالزباله ، هذا الطبيب الزباله هو أكثر الأطباء عملاً بلا مقابل يحترم أدميته و بلا حقوق تحفظ له كرامته و هو الأكثر في العالم عملاً بعدد ساعات لا تعرف الإنسانيه ، هذا الزباله يعاني منذ أن كان في الجامعه و ما قبلها فهو قضي حياته في الجد و التعب من أجل أن يستريح مستقبلاً فصدمه الواقع و وجد نفسه في عذابٍ دائم بين الكتب و العلم من ناحيه و بين ضعف الإمكانيات و صعوبه الحياه بمرتب هزيل أقل كثيراً من رواتب سُعاه البنوك و عمال شركات الكهرباء و البترول .
في دول العالم التي تحترم الطبيب (المش زباله) عدد ساعات العمل يبلغ ٤٠ساعه أسبوعياً و في أقصاها لا يتعدي ال ٤٨ساعه في الأسبوع و لو عمل عملاً إضافياً فله أجر زائد عن راتبه ، في دول الكواكب الأخري التي تحترم الأطباء لا يتم توزيع الأطباء علي هوي المسئوليين فيها و لكن كلٌ علي قدر تقديره و حسب الإحتياج له ، في هذه الدول إذا مرض الطبيب فله أجره كاملاً لفتره من الزمن ولا يعتمد راتبه علي بدلات يتحصل عليها بعد رضاء المسئوليين في وزارته ، في هذه الدول التي يحترم مسئولو المنظومه الصحيه فيها المرضي و من قبلهم الأطباء و العمل في هذه المهنه فلا يهتم هؤلاء بدفاتر الحضور و الإنصراف دون النظر إلي المستلزمات النادره و التي بدونها الطبيب و عمله لا قيمة له من الأساس .
ولكن في منظومه الصحه ووزارة صحتنا المبجله ، الطبيب الزباله هو من يتحمل ساعات عمل مبالغ فيها لا يقدر عليها أي طبيب في العالم و مطالب بالتواجد في مستشفيات خاليه من الإمكانيات و مطالب بمواجهة المرضي بعجز المستشفيات ما يعرضه للسخط الشعبي و بلطجه البلطجيه وكل هذا بأجر رمزي أقل كثيراً من قدر و أهمية مهنته و دوره في التعامل مع صحة المرضي و هو الأجر الذي يتقاضي أضعافه مهن أقل أهميه و قيمه من الطب فلا توجد مهنه في الدنيا تعادل في قيمتها العمل في تعليم و تطبيب الإنسان .
هذا الطبيب الزباله قد يكون مطالباً بالتواجد في عمله الحكومي أكثر أيام الشهر و في نفس الوقت يعتقد المسئولون عن هذه المنظومه أنه يعيش في مستوي عالٍ مادياً أو علي الأقل مقبول و لكنهم لا يتسائلون كيف له أن يحقق هذه المعادله الصعبه !!!؟؟ و لكن الحل هو إما التهرب من العمل الحكومي و البحث عن العمل الخاص ولو حتي علي حساب عمله الحكومي أو أن يستغل وقت فراغه من عمله الحكومي (في حال أعمل ضميره) و يعمل في عملٍ خاص و في الحل الأول فقدان لجزء كبير من ضميره و صحته و في الحل الثاني فقدان تام لأدميته و صحته و أسرته وعلاقاته المجتمعيه .
هذه هي حياة الطبيب الزباله يا شرشر ، أصبح كالحرفي لو أصابه المرض وهو الحاله الأعم لو لم يحتفظ ببعض المال لأصبح عاله علي الأخرين فراتبه(دون بدلات وحوافز) لن يكفيه ليوم أو يومين علي الأكثر، هذا الطبيب الزباله الذي ظل سنوات حياته في أوهام و أحلام لن تتحقق له إلا بالسفر خارج بلاده أو الهجره أو التنازل عن ضميره و إنسانيته أو أن يقرر التنازل عن أدميته و يعمل في (ساقيه) الدنيا بلا أدني راحه!!.
للأسف ليسوا الأطباء هم الزباله ولكن الظروف التي حولهم هي الزباله التي جعلت ثلثي الأطباء يغتربون عن أسرهم و يهاجرون عن وطنهم الأم الذي طالما حلموا بخدمه أهليهم و ذويهم و بسطاء شعبهم الذي يعشقون ، الظروف الزباله هي من جعلتهم يعانون مرارة الغربه داخل الوطن و خارجه ، هي من جعلت منهم مطمع لآلات الإعلام يقطعون في لحومهم وتشويه سمعتهم و يتهمونهم بأبشع الإتهامات والتي طالت كل تخصصات الطب بلا رحمه .
الطبيب الزباله يا وكيل وزاره الصحه هو من يقبل بإساءاتكم و تطاولكم عليه بدون وجه حق أو حتي عن حق فبينك و بينه جهات التحقيق و فقط .
لسنا أطباء زباله فنحن من يعمل بأقل الإمكانيات و بأقل الرواتب عالمياً و في أحلك الظروف الأمنيه داخل المستشفيات و أكثر المهن في ساعات العمل و ضغطه .
فبعد توفير الإمكانيات اللازمه لعلاج المرضي من أجهزه و أدويه و خلافه ، و بعد عمل سلم رواتب يعطي الأطباء حقوقهم ، و بعد العمل بساعات العمل العالميه الصحيه ، و بعد تأمين المستشفيات جيداً يحق لكم يا مسئولي وزاره الصحه المصريه محاسبه الأطباء قانونياً و عن حق و ليس بالسباب غير هذا ليس من حقكم .
وأخيراً لن ينصلح حالنا إلا بالتعليم و الصحه ، بالعلم ترقي الأمم وتقل معدلات الجريمه ، و بالصحه تعيش الأمم في رخاء وسلامه و يزيد الإنتاج و كل ما يترتب عليها.
#حفظ الله مصر للمصريين
الكاتب د. إيهــــاب أبورحمـــه

 

 

 

 

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.