الجمعة , أبريل 26 2024
أخبار عاجلة
المغرب
عساسي عبدالحميد

سعودة مصر؛ من السادات الى السيسي .

عساسي عبدالحميد


بعد حروب مصر مع اسرائيل 56- 67 – حرب الاستنزاف – 73 – و حرب اليمن 65 ؛ وكلها حروب كان سببها

الثورة البكباشية الملعونة؛ التي حولت مصر من واحة الفنون والموضة والأدب؛ ومركز لرجال المال والأعمال؛

ومنارة جذب مغرية للعديد من الجنسيات؛ اليونانية والايطالية والأرمنية و غيرها التي استقرت بأرض مصر

و أثرت المشهد الثقافي و الاقتصادي والفني ؛ إلى دولة مفلسة شارفت على الانهيار؛ إذ تم تحويل الملايين

من المصريين إلى كائنات سلفية مفلوجة غير قادرة على الإنتاج؛ أو مواكبة وتيرة التطور والتنمية التي يشهدها

العالم؛ ممسوخات تولي وجهها شطر المرجم والحرم؛ بدل النيل والهرم.

========
كان المزاج العام المصري ما بين 1805 حتى1952 أي منذ مجيء محمد علي باشا حتى ثورة يوليو 52 يروم

الحداثة والانفتاح و الليبرالية والأصالة المصرية المبنية على القيم النبيلة ؛ بيد أن وصفة عبدالناصر بعد الثورة

وعن طريق الخطأ القاتل حولت شرائح واسعة من الشعب المصري الى عبدة صنم مكة الأسود؛ ومريدين مخلصين

لمراجم آل سعود؛ ومعتنقين متحمسين للفكر الوهابي الإرهابي الذي يقسم العالم إلى دار إسلام ودار كفر.

========

توفي جمال عبد الناصر سنة 1970 بعد أن رأى ببؤبؤ عينيه هزيمة 67 الماحقة ؛واحتراق الجنود المصريين في

سيناء داخل مدرعاتهم؛ و هروب العشرات الآلاف منهم في طوابير طويلة مشيا على الأقدام تحت شمس سيناء

الحارقة و قد أرهقهم العطش والجوع والصدمة وما أشد الصدمة من عودة جنود خائبين كان الشعب المصري

وحسب اعلام عبدالناصر يظن أنهم وصلوا الى مشارف تل أبيب؛ وقد ألحقوا هزيمة نكراء بالعدو؛ ورأى عبدالناصر

قبل مماته تدمير الطيران الحربي الاسرائيلي للمطارات المصرية ؛ ووصول جنس الموساد الناعم إلى فراش قادة

الجيش المصري وكبار المسؤولين بالدولة .

========

بعد رحيل زعيم القومجية العروبية؛ جاء السادات الذي عرف عهده طفرة مخيفة في المزاج العام لشريحة واسعة

من الشعب المصري؛ التي تحولت الى كائنات سلفية مخيفة؛والحال أن عبدالناصر الخاطئ في وصفته كان يريد

مواطنا عروبيا اشتراكيا علمانيا؛وسط فضاء يمتد من المحيط الى الخليج يكون فيه هو الزعيم والمرجعية؛ لكنه

ارتكب خطئا في وصفته .

=======

بعد خوض كل هذه الحروب الخاسرة والتي مازال المواطن المصري يدفع ثمنها الى اليوم ؛ وبعد ان تحول اقتصاد

مصر إلى اقتصاد حرب؛ و تزعمت مصر الأمة العربية للدفاع عن صنم العربومانية الأسود ورمي اسرائيل في بحر

عكا ومضايق تيران ؛ أمست مصر في عهد الرئيس المؤمن أنور السادات على حافة الافلاس والانهيار.

=======

كان السادات بحاجة إلى المال لإنقاذ اقتصاد مصر المهلهل الذي نخره سوس العروبة و دمرته حروب الثورة ؛وخلق

مناصب الشغل لملايين الشباب العاطلين الحاصلين على الشواهد الجامعية؛ وتحسين بعض من الحياة المعيشية

للمواطن المصري؛تجنبا لأي انفلات أمني قد يستغله تنظيم الإخوان الدولي؛ وضمان سلم اجتماعي يتيح للرئيس

السادات البقاء على سدة الحكم.

لم يكن أمام السادات طريقا آخر غير طريق مكة؛أو طريق الحج المصري القديم الذي كان يسلكه موكب المحمل

حاملا كسوة الكعبة في عهد السلطان الظاهر بيبرس عند اقتراب كل موسم الحج ؛ نعم لم يكن أمام السادات غير هذا

الطريق؛ طريق الحج القديم ؛ فالمال متواجد تحت أستار كعبة قريش لكن بشروط…

=========

حينها ؛ كانت الشروط السعودية للسادات لكي تفتح له خزائنها؛ هي أن تفتح الدولة المصرية الباب على مصراعيه

للمصريين لاعتناق الفكر الوهابي؛ عبر وهبنة المنظومة الوطنية؛ و على رأسها قطاع التربية والتعليم و الثقافة

والاعلام ومشيخة الأزهر؛ وتمكين قيادات اسلامية اخوانية محسوبة على السعودية من مناصب داخل أجهزة سيادية 

========

كان السادات المحتاج الى المال بارعا في بعث رسائل للمملكة الوهابية؛ إما عبر تصريحات كوصفه ذات يوم للملك

فيصل بن عبدالعزيز بأمير المؤمنين والملك الصالح ؛ أو بتضييق الخناق على أقباط مصر وتمكين رجال الدين

المسلمين المتشددين في مصر من العمل الجمعوي الدعوي؛ وكلنا نتذكر كلمته المأثورة في حق أقباط مصر (( لن

يبقى في مصر من المسيحيين غير ماسحي الأحذية )).

ورسائل السادات للسعودية كانت كذلك عبر تصرفات تنقلها كاميرات التلفزيون المصري عبر الأثير؛ كحرصه على

أداء صلوات الجمعة والأعياد بالجلباب صحبة كبار رجال الدولة؛ و لقاءاته الحميمية بغرانيق الأزهر المتشددين

و على رأسهم الشيخ متولي الشعراوي الذي كان يتوجس من مشروع الكنيسة القبطية بمصر؛ وكان ينقل توجسه

هذا لرجال الدين بالسعودية بأن نصارى مصر يشكلون خطرا على الأمن الروحي لبلاد الحرمين .

ولعل تصرفات السادات الغريبة هو لقاءاته بالبابا شنودة عدة مرات؛ وكان السادات يتعمد قطع اللقاء مع البابا عند

سماعه صلاة العصر ليقوم للصلاة صحبة مرافقيه وسط المقر البابوي.

كانت تصرفات السادات تشبه عملية إغواء اتجاه السعودية؛ تقوم بها مومس مفلسة أمام رجل غني من أجل ابتزازه

والحصول على أمواله؛ وتيرة السعار الوهابي ستتزايد بالاعتداءات المتواصلة على أقباط مصر

(( الخانكة….. الزاوية الحمراء…. و أحداث متفرقة بمحافظات صعيد مصر ))

التي أودت بحياة أقباط من بينهم رجال دين ؛ وقد بلغ سعار السادات أوجه بفرض الإقامة الجبرية على البابا شنودة بوادي النطرون .

=========

رغم تجذر تنظيم الاخوان داخل الأجهزة السيادية؛ ومنها الجيش و الأمن و جهاز المخابرات التي فتحها الرئيس

السادات للإخوان في محاولة منه لفرض مقاربة أمنية تتيح له استرضائهم و تدجينهم؛ الا أن التنظيم الذي كان

يتوفر على قاعدة شعبية واسعة كان يرى نفسه الأحق بتدبير حكم مصر؛ فكانت حادثة المنصة سنة 1981 اثناء

استعراض عسكري في ذكرى 6 أكتوبر؛ حيث وجهت عناصر من الاستعراضيين الاسلامين بقيادة الاخونجي خالد

الاسلامبولي فوهات رشاشاتها ومدافعها نحو المنصة الشرفية حيث كان السادات رفقة كبار الجيش والدولة ورجال

الدين…

========

مات السادات مخروما برصاص الإخوان المسلمون ؛ بعد أن حاول اللعب مع ضباع وتماسيح مفترسة؛ فلم يحسن

أصول و قواعد اللعبة ؛ ومن مكر التاريخ أن نفس اللعبة يعيدها اليوم الرئيس السيسي لكن مع ثعابين السلفية

الملساء والفرق أن السيسي يحاول اللعب بطريقة ناعمة لكنها مميتة ….ونفس الشروط التي فرضتها السعودية في

عهد الملك فيصل على السادات لدعمه ماليا هي نفسها التي فرضتها السعودية على نظام السيسي؛ أن يتحالف مع

السلفيين المحسوبين على الفكر الوهابي الابن تيمي وتمكين الفكر الوهابي من التغلغل في مفاصل المجتمع

المصري.

=======

فلا غرابة ان شاهدنا في عهد السيسي أعلام السعودية يرفعها نواب عبد العال داخل البرلمان المصري على هامش

زيارة الملك سلمان لمصر ؛ و قصائد المدح والثناء والتمجيد يتسابق ممثلو الأمة تحت قبة البرلمان لإلقائها على

مسامع ملك السعودية؛ ومختلف أشكال الترحيب التي عرفها الشارع المصري من طرف بلطجية النظام و أصحاب

السوابق من رواد السجون الذين شاهدناهم يملؤون الشوارع رقصا و تطبيلا وتزميرا.

ولا غرابة أيضا ان رأينا الرئيس السيسي وهو يصرح في مؤتمر رؤية مصر 2030 قائلا و الدموع تنحبس في

مقلتيه (( ان كان ينفع أتباع هتباع ))؛ و بعدها تم عرض مشروع التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح

السعودية.

ولا غرابة أن تتزايد في عهد السيسي السلفي وتيرة الاعتداءات على أقباط مصر من تفجيرات طالت المسيحيين وهم

داخل كنائسهم و في غرة أعيادهم ؛ و استهداف متاجرهم ومساكنهم؛ و خطف بناتهم وتعرية وتطويف حرائرهم ؛

و المجالس العرفية التي تنتهي في معظمها بتهجير وتغريم الأقباط؛ وأغلبية المجرمين كانوا طلبة سابقين بجامعة

الأزهر إحدى قلاع الفكر الوهابي القاتل ؛ هذا دون أن ننسى فتاوى رجال الدين المسلمين المصريين التي تنعت أقباط

مصر بأفظع وأشنع الأوصاف أمام مرآى ومسمع من الدولة المصرية .

========

مصر اليوم أشبه بفتاة حسناء فائقة الجمال لكنها مصروعة تسكنها روح شريرة تسللت لها من شعاب وغيران مكة

الرهيبة؛ والحال أننا في عهد السيسي نكون قد دخلنا مراحل متقدمة من مشروع تنزيل الدولة الدينية السلفية التابعة

إيديولوجيا و عقائديا لمهلكة آل سعود..

========

السيسي لن يكتفي اليوم ببيع مصر للسعودية وتغريبها و سلخها عن هويتها الفرعونية القبطية الأصيلة؛ بل سيذهب

الى ما هو أبعد ؛ أي اعدام المصريين عن بكرة خالقهم؛ فالسيسي على علم بتفاصيل خطورة سد النهضة الاثيوبي

الذي سينهار فور ملئه ب 74 مليار طن من المياه؛ والملء بهذه الحمولة سنكون كمن نصطنع زلزالا؛ وهزة أرضية

خفيفة بمقدار 1 فقط ستجعل سد النهضة المبني أصلا على فوالق زلزالية خطيرة ينهار؛ و سيتسبب في موجة

تسونامي ستمحي السودان و ستجرف السد العالي الركامي لتصل المياه إلى حدود الجيزة.

========

كل هذه المخططات تندرج طبعا في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد؛ والهادف إلى إحداث تغيير جذري في

التركيبة الديمغرافية بالمنطقة لصالح إسرائيل؛ فصناع القرار بتل أبيب يدركون أن الإسرائيليين ما هم سوى نقطة

صغيرة وسط بحر عرمرم من العرب ؛ وأن استمرارية دولة إسرائيل رهين بإفراغ بلدان الطوق من أغلبية ساكنتها.

لقد بدؤوا المخطط الرهيب بتهجير وتقتيل شعوب العراق وسوريا واليمن؛ و الخطة جاهزة للكارثة العظمى في مصر

والسودان والدور سيأتي طبعا على السعودية .

والسيسي هو احدى هذه الأدوات التنفيذية؛ والرجل سبق له أن أمضى فترتين تكوينيتين بأمريكا في اطار ما يسمى

بالزمالة العسكرية ؛ كانت الأولى سنة 1981 بولاية جورجيا و الثانية كانت سنة 2006 بولاية بنسلفانيا ؛ كما

أمضى فترة سنة واحدة ما بين 1998 و 99 في السعودية كملحق عسكري

و في الأخير لا يسعنا الا أن نقول لك الله يا مصر.

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.