الجمعة , مارس 29 2024

كسوة الكعبة

كان العرب بالجاهلية يتسابقون لنيل شرف كسوتها، وذلك لأن فريضة الحج كانت موجودة منذ أن أقرت بعهد سيدنا إبراهيم وجميع الأنبياء من بعده ،فكان يكسوها ميسوروا العرب وملوكهم وعامتهم بكل ما تيسر،إلى ان وصلت إلى (قصى بن كلاب )الجد الرابع للرسول صلى الله عليه وسلم والذي قام بتنظيمها، بعد أن جمع قبائل قومه تحت لواء واحد وعرض على القبائل أن يتعاونوا فيما بينهم كل حسب قدرته في كسوة الكعبة، وفي غيرها مثل السقاية. وكانت الكسوة (ثمرة الرفادة)، وهي المعاونة تشترك فيها جميع القبائل …
حتى ظهر
(أبو ربيعة عبدالله بن عمرو المخزومي)، وكان تاجراً ذا مال كثير وثراءٍ واسعٍ، فأشار على قريش أن يكسى الكعبة سنة ،وجميع قريش تكسوها سنة!!!! فوافقت قريش على ذلك، وظل كذلك حتى مات ، وأسمته قريش (العدل)، لأنه عدل…
إلى أن جاء الإسلام فكساها الرسول صلى الله عليه وسلم، بالثياب اليمانية، ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده، أبوبكر الذى كساها بالقباطى
ثم في خلافة عمر رضي الله عنه كساها أيضًا القَبَاطي ، وأمر أن تكون الكسوة من بيت مال المسلمين ، وقد كانت تحاك في مصر ، وسار على سنته سلفه عثمان بن عفان رضي الله عنه ، إلا أنه كان أول من قرر للكعبة كسوتين الأولى بالديباج يوم التروية والأخرى بالقَبَاطي يوم السابع والعشرين من رمضان .
ثم اهتم الخلفاء الأمويون في عصر الدولة الاموية بكسوة الكعبة وفي عهد معاوية بن أبي سفيان كسيت الكعبة كسوتين في العام كسوة في يوم عاشوراء والأخرى في آخر شهر رمضان أستعدادا لعيد الفطر وكانت ترسل كسوة الكعبة من دمشق وكانت تجهز بأحسن الاقمشة وأفضلها وترسل إلى مكة في منطقة على اطراف دمشق سميت (الكسوة )نسبة لذلك ، حيث اشتهر محمل الحج الشام الذي ينطلق من دمشق بجموع الحجيج المجتمعين من كافة البقاع ومن دول كثيرة في الشرق ووسط آسيا، كما أن معاوية هو أيضا أول من طيب الكعبة في موسم الحج وفي شهر رجب.
وفى عهد الدولة العباسية
اهتم الخلفاء العباسيون بكسوة الكعبة المشرفة اهتماماً بالغاً، لم يسبقهم إليه أحد، نظراً لتطور النسيج والحياكة والصبغ والتلوين والتطريز، ولذلك بحث العباسيون عن خير بلد تصنع أجود أنواع الحرير، فوجدوا غايتهم في (مدينة تانيس) المصرية، التي اشتهرت بالمنتجات الثمينة الرائعة، فصنعوا بها الكسوة الفاخرة من الحرير الأسود على أيدي أمهر النساجين، وكانت لها قريتان (تونة وشطا) اشتهرتا أيضاً بصنع الحرير وتطريزة.
ومع بداية الدولة الفاطمية أهتم الحكام الفاطميين بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة (بيضاء اللون).
وفى العصر المملوكى وللمحافظة على هذا الشرف أوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر في عام 751هـ وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة، وهذا الوقف كان عبارة عن قريتين من قرى القليوبية هما (بيسوس وأبو الغيث)، وكان يتحصل من هذا الوقف على 8900 درهم سنويا؟؟؟؟؟؟
وفي عهد السلطان سليمان القانونى أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قري أخرى لتصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة
(تسعة قرى) وذلك للوفاء بالتزامات الكسوة .
وفى عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1222هـ الموافق عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ.
ثم أسس محمد على باشا دار لصناعة كسوة الكعبة بحي “الخرنفش” في القاهرة عام 1233هـ ١٨١٨م، وهو حي عريق يقع عند إلتقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن !!!
وهى تحتفظ بآخر كسوة صنعت !!!وكانت تحمل من هناك سنويا إلى مكة في احتفال كبير يسمى “المحمل”، وكانت ملونه باللونين الأخضر والأحمر أو الأبيض .
وإستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام 1962م، إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة لخلاف سياسى ؟؟؟؟
ومنذ ذلك التاريخ تولت المملكة العربية السعودية
شرف ذلك …
وأسست المملكة مصنع كسوة الكعبة في مكة المكرمة لتجهيز الكسوة السوداء المطرزة بالذهب لتغطية الكعبة المشرفة أقدس الأماكن عند المسلمين!!!
وتحاك الكسوة من الحرير والقطن وتزين بآيات من القرآن الكريم تخط بخيوط ذهبية،
ويبلغ وزن الكسوة نحو 670 كيلوغراما لتغطي الكعبة بأكملها، ويجلب الحرير الذي تصنع منه الكسوة من إيطاليا، أما الذهب والفضة الذي يزين قماش الكسوة فيجلب من ألمانيا!!!!
وتشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة ويطلق عليها البرقع وهي معمولة من الحرير بارتفاع 6 أمتار ونصف المتر وبعرض ثلاثة أمتار ونصف المتر، مكتوب عليها آيات قرآنية ومزخرفة بزخارف إسلامية مطرزة تطريزاً بارزاً مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب حوالى ١٥٠ كيلوجرام ؟؟؟
وتتكون الكسوة من 5 قطع، تغطى كل قطعة وجهاً من أوجه الكعبة المشرفة، والقطعة الـ5 هي الستارة التي توضع على باب الكعبة وتقدّر التكلفة الإجمالية لثوب الكعبة بـ22 مليون ريال . .
وقبل تثبيت الكسوة، تـُغسل الكعبة المشرفة ويستخدم لغسلها ماء زمزم ودهن العود وماء الورد.
اللهم أرزقنا بحجة خالصة لوجهك الكريم ..
بقلم أحمد بدوى

 

 

 

 

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.