السبت , أبريل 27 2024
الشيماء حسن

الوعى الجمعى

ان يكون هناك هدف عظيم نحيا من اجله .. مبدأ يشعرنا بقيمة الحياة .. هى فطرة انسانية
لذا يحرص الجميع عليها وان لم يجدها احدهم اخترع هدفا ما ( وان كان وهميا او لا قيمة عملية له ) المهم ان يجد هدفا يشعره بذاته .
ياحبذا لو كان هذا الهدف قوميا يساعد على خلق وعى جمعى حينئذ يتنمر الجميع وكأنه محور الكون ودونه ينهار العالم
نجح عبد الناصر فى حشد هذا الوعى الجمعى تجاه فكرة العدالة الاجتماعية والقومية العربية

( حقيقة كانت او وهما ) الا انه استطاع زرع بذرتها فى قلب كل مصرى حتى بات الحديث عن تنحية الرئيس ( محمد نجيب ) الذى طالب بانتخاب رئيس مدنى وحكومة مدنية وما تلاه من معاملة لا تليق به وتُنبأ بحكم عسكرى ديكتاتورى ضربا من الخيال ولا يعنى الكثير

كان المصريين مشغولين بتلبية النداء الناصرى ( ارفع رأسك ياأخى ) فلم يحنوا رؤوسهم لرؤية انتهاك حقوقهم المدنية وؤاد حرياتهم وسحق المعتقلات لساكنيها وفحش المشاركة فى حرب اليمن الاهلية فى ظل حلم “الكرامة المصرية “
التف المصريين حول رئيسهم لتأيد قرار التأميم ولم يلتفتوا الى سياساته الخارجية التى وترت علاقة مصر بالخارج فهو حدث عربى فريد نما معه حلم الوحدة العربية
هذا الوعى الجمعى دفع المصريين لدفن ابنائهم ثم الخروج فى مظاهرات عارمة للمطالبة بعودة من تسبب فى قتلهم ورفض تنحيه بعد نكسة 67 تلك النكسة التى اسفرت عن هزيمة تقصم ساحقة وانهيار اقتصادي ومائة ألف قتيل تحت رمال سيناء وعتاد عسكري تحول الى خردة

نكسة مات فيها ابناء هؤلاء غدرا ونتيجة مباشرة لسياسات غير واعية ورؤية قاصرة لجهاز المخابرات الذى انشغل رئيسه ( صديق عبد الناصر المقرب ) بعلاقات وسهرات اودت بنا الى كارثة الا انه يظل الهدف القومى هو الجوهر
واستمر هذا الهدف مع تولى السادات الحكم وبات الحلم بتحرير سيناء وخوض الحرب مع العدو اللدود هو الهدف الاسمى الذى جعل المصريين يترفعوا عن اى مشكلات اقتصادية او اجتماعية فى سبيل تحرير الارض .
ومع نصر اكتوبر وتحرير الارض واحلال اتفاقية السلام مع العدو الصهيونى بدأ هذا الوعى الذى يجمع المصريين على قلب رجل واحد فى التلاشى اختفت الاحلام العامة والاهداف الكبرى وعم الهدوء …

واصبحت السلطة فى البلاد مهددة فكيف نترك الطريق للمصريين للتفكير والرغبة فى التغيير ومناقشة امور الحكم او المطالبة بسلطة منتخبة او حلول للقضايا الكبرى او او او لذا كان لابد من خلق وعى جمعى جديد يلبى الفطرة الانسانية ويشعر فيه المصرى بقيمته وذاته ويتنمر الجميع من اجل حمايته فكان الهدف الجديد ( الاخلاق والمبادى العامة للمجتمع ) ولان هذا الهدف لا يرتكز على اساس ثابت فالمجتمع المصرى حينذاك كان يتمتع بثقافة واسعة ونمط فكرى مستنير ومنفتح وقاعدة من الخلاق والحرية الشخصية مما يصعب معه توحيد المصريين على فكرة ” قمعية ” كان لابد من زرع بيئة خصبة لاثماره وبالطبع لم يكن هناك افضل من خلق ( هوس دينى ) فالدين يظل الحل السحرى افيون الشعوب القادر على اخضاعهم ) واستثمار الفكر الوهابى القبلى الذى اثبت نجاحا فى السيطرة على مجتمعات عربية وتحريكهم كالدمى لذا بات الدين هو الحصان الرابح لشغل المجتمعات وابعادها عن القضايا والمشكلات الكبرى

هذا (الوعى الجمعى ) الذى تحول لهاجس يتنمر معه الجميع لاحداث سخيفة ووقائع تافهة لا قيمة لها على الاطلاق لكنه احساس الفروسية الذى يشعر معه الافراد انهم حماة الحما ذلك الوهم الذى يلهيهم عن مقومات الحياة والتقدم
من تعليم وصحة واقتصاد ورؤية مستقبلية واكتشاف عوالم اخرى والرغبة التنافسية فى اللحاق بركب القادة

نثور وننتفض كلما رأينا ما يخدش هذا ( الوعى الجمعى ) وان كان مجرد تصرف شخصى لا يعود بنفع او ضرر لكن فكرة الحريات الشخصية تلاشت وحل محلها مفهوم الوصايا المجتمعية وحماية ” المجتمع ” مما لا يليق مسئوليتهم .. فيتحد الجميع لقمع تصرفات الفردية يرون انها لا تليق ( بالاخلاق والمبادئ العامة )

ينتفض الجميع عند رؤية تعبير حب علنى بين خطيبين مطالبين بؤادهم وكأنهم السبب الرئيسى فى ضياع الوطن وتشرأب الاعناق لحفلة مراهقيين بينهم من ينادى بالتنوعية بينما تنحنى تلك الرؤؤس امام مستقبل مهدد وقادم اسود يتميز بنقص مقومات الحياة من مياه وكهربا وسكن وانهيار تعليمى واقتصادى وثقافى وغياب الرؤية او الامل فى غد افضل #وعجبى

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.