الجمعة , مارس 29 2024
د.ميرفت النمر

شهداء القهوة

يظن البعض أن الفتاوي والبدع التي تخرج من شبة الجزيرة العربية وتنتقل الي القاهرة شيء جديد فهناك العديد والعديد مما قام صناع الدين بالفتوي بتحريمه مع إقامة الحسبة ، وفرض عقوبات تصل لحد التجريس والقتل وكل هذه الادعائات والمحرمات الشخصيه تمارس باسم الله !

فقد كان للقهوه شهداء يسأل عن ارواحهم المزهقه بعض المدعين من رجال الدين وأرباب الفتاوي.
فقد انتشر البن اليمني إنتشارا واسعا وأصبح تناول القهوة محببا ومفضلا لأصحاب الفكر والكتاب والتجار ومن المنبهات لبعض الصوفيين المتعبدين
والتي كانت تساعدهم علي السهر للصلاة إلي جانب انتشارها في شبة الجزيرة العربية ، وأصبحت من المشروبات الأساسية والمستحبة ، والتي كان يتناولها الجميع في التجمعات الأسرية حتي بين النساء
وعلي أبواب المنازل وجوانب الطرق وأثناء مرور بعض رجال الدين واأامير خاير بك المملوكي والمعين من قبل السلطان العثماني في مكة

وجد جمعا من الناس جالسين يتناولون القهوة بجانب المسجد الحرام فتوجه إليهم وسألهم عما يفعلون وافادوه أنهم يشربون القهوة,
فذهب وجمع فقهاء المدينة وطلب منهم فتوي بتحريم البن وحرمة شرب القهوة كما أن شاربيها يستمعون إلي عزف العود والدف فذهب رأي الفقهاء إلي أن حبة البن في ذاتها ليست حراما ، ولكن عندما يجلس الجمع لشربها مع الاستماع الي الغناء والعود فهذا حرام شرعاً
ووظل خاير يجمع شهادات الفقهاء والأطباء من المدينة وكان فحواها أن القهوه مفسده للبدن وأن تناولها يجر المسلم إلي المعصية والي تغير الحواس والتباس العقل وفقدانه للوعي وأنها من المسكرات
واستصدر فتوي شرعية بتحريمها فقهيا وطبيا وقام بإغلاق المقاهي والمحال وحرق كافة مخازن البن في أنحاء مكة

فقامت ثورة عارمة بسبب تحريم القهوة التي اعتاد الناس علي شربها فقام البعض بتناولها سراً في البيوت
ولكن من يفتضح أمره تتم معاقبته بتجريسة علي ظهر حمار باجراس كبيرة يطوف به شوارع المدينة ليكون عبره لمن يعتبر ، وكان من الطبيعي أن تنتقل المسجلات الفقهية حول تحريم شرب القهوة إلي القاهرة
حيث أنها أيضا تحت الحكم العثماني وطرح أحد فقهاء مكة سؤالا إلي فقهاء القاهرة صيغ بحنكة صناع الدين والفتاوي ليقتنص الموافقة بالتحريم من أفواه فقهاء القاهرة

وكان سؤاله: (ما رأيكم في الشراب المسمي بالقهوة الذي يشرب منه جماعة علي أساس أنه مشروب مباح علي الرغم من انه وراء حدوث أعمال الشغب التي عمت أرجاء مكة فضلا عن أنه يعصف بالرأس وضار جدا بصحة المسلم

ويعد من المسكرات التي تغيب العقل , هل هو حلال ام حرام ؟ وأرفق فرض رأيه الشخصي في نهاية سجل الفتوي عام 1572 – بأنه يري القهوه حرام شرعا

وبعده مباشرة قام الفقيه ( أحمد بن عبد الحق السنباطي من علماء اأازهر) بمهاجمة القهوة وشاربيها بعنف
ووجوب قتل شاربيها وبائعيها, مما دفع اتباعه ومؤيدية من الغوغاء إلي مهاجمة محال بيع البن والمقاهي والتعدي علي روادها
الي جانب تكسير أواني القهوة وهدم الكوانين واستمرت معاداة القهوة وأصابت عدوي التحريم عموم القاهرة بعد الهجمات الشرسة التي ظل يشنها الفقية السنباطي ضد القهوة والمقاهي وتجار البن

ادي ذلك الي تدخل تجار البن ومنتجي القهوة يطالبون السنباطي بالتراجع عن فتواه بحرمة القهوة والتعدي علي شاربيها ومنتجيها وحاولوا اقناعه سدي بأن القهوة من المنبهات وليست من المسكرات فنهرهم بكل عنف وقسوة ” ما دامت تؤثر في العقل سلبا أو ايجابا فهي حرام شرعا”

فقامت علي آثر ذلك معركة حامية بين اتباع الشيخ ومؤيديه وبين تجار البن وأصحاب المقاهي وتم قتل العديد من تجار البن واصحاب المقاهي فهرب السنباطي ومن معه للاختباء داخل المسجد وحاصر التجار ومؤيديهم الشيخ واتباعه داخل المسجد من كل جانب الي أن عرفوا بوفاة شاب آخر من الذين تم الاعتداء عليهم من قبل الشيخ واتباعه

وأن هناك العديد من الشباب في حاله خطرة فاصيبوا بصدمة عندما علموا بموت العديد من مؤيديهم
فقرر التجار الاستمرار في محاصرة المسجد والتخلص من الفقية السنباطي واتباعه ومؤيدي تحريم القهوة
وانضم أهالي القتلي في الحصار وأقاموا صوان كبير حول المسجد محاصرين الشيخ ومؤيديه
وقاموا بتناول القهوة بجانب اسوار المسجد الذي يختبئ فيه السنباطي ورجاله لمدة ثلاثة أيام نكايه فيه
وكل من أيد تحريم القهوة وتناولها وعمت الفوضي في شتي ربوع القاهرة بين مؤيد ومعارض
وتصاعدت أعمال العنف والتوتر حتي وصل الأمر إلي السلطان العثماني والذي قام باستصدار مرسوما بتعيين مفتي جديد لكي يسيطر علي أعمال الشغب والعنف والحد من حالات الاقتتال بين المصريين
فقام المفتي الجديد بجواز شرب القهوة واستصدر السلطان مرسوما آخرا بفتوي جديده بعدم حرمة شرب القهوة
واعتبر تجار البن وأصحاب المقاهي هذا انتصارا لهم وفتحت المقاهي أبوابها واشتعلت الكوانين وأصبح شرب القهوة

عرفا يمارس الي الآن في حالات العزاء في مصر حيث قام التجار بشرب القهوة الساده لمده ثلاثه أيام متتالية نكاية
وتحدي للسنباطي ومؤيديه وبدون سكر حزناً علي الشباب التي زهقت أرواحهم في معركة وفتوي القهوة ,
وسميت بالقهوة التركي رغم أن البن كان وقتها يتم جلبه من اليمن إلا إنه وبعد استصدار المرسوم من قبل السلطان العثماني فنسبت القهوة الي السلطان التركي ..
رحمة الله علي شهداء الفتاوي .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.