الجمعة , مارس 29 2024

ماجدة سيدهم تكتب : جليلة .. خزانة الأسرار

ذاع صيتها في كل القرى المجاورة لقريتها ..مشهود لها بطيبة القلب ورجاحة العقل وحسم المواقف ومساندة الجميع من تسديد ديون أو تجهيز العرائس وتنظيفهن (سترة البنات ستر دنيا وآخرة ..ستر الولايا بركة ) .

الست جليلة فلاحة ممشوقة القوام مشدودة الظهر ..لونت حرارة الشمس بشرتها لونا ذهبيا ..دؤوبة من طلعة الشمس وحتى مغيبها .. في جلبابها الأسود الفضفاض وطرحتها السوداء الشفافة المعتقة برائحة الارض والخبز الفلاحي والحليب الطازج تجوب تتفقد بيوت قريتها بالسؤال لتمنح الكثير من الطمأنينة في قلوبهم

ف بجانب عملها كداية إذ اتقنت عن حماتها فنون الولادة لتحدد بأصابعها داخل عنق الرحم موعدالولادة المرتقب ..أيضا تجيد جبر الكسور وختان البنات

نسيت أن أخبركم أن أهم ماتقوم به الست جليلة هو حضور ليلة الدخلة حين يتعذر على العريس إتمام المهمة الأولى خشية طلاق وشيك وعراك عائلي لا محالة …لتلقي بمنديلها الغارق في دمه لأم العروس ( الود لسه صغار والبت عفية )

جليلة خزانة الأسرار لا تفعل هذا مع بكارى البنات فحسب بل الأهم الصبايا المجروحات ..

الحقيتي ياخالة جليلة ..أبوس ايدك ياخالة استريني أبوس ايدك ….تصمت الست جليلة لثوان بينما تهوي صفعتها قوية على وجه عروس تزف الليلة أو ربما غدا ..ثم برأفة تضمها إلى صدرها دون أن تنطق بحرف واحد .

تدخل بيت العروسين يوم زفافهما .. تلتقط كل هذا الوجوم عن ملامح كل الوجوه المنتظرة والشاخصة إليها ..فقد طال الوقت في انتظار المنديل الملطخ ببقع الشرف ..

بمهارة وثقة المحنك تطلب منديلا أو ملاءة بيضاء. . لتسرع أم العروس بإحضارها بلهفة الملتاع ..تغلق خلفها باب الغرفة حيث ترقد العروس على سريرها بفستان زفافها غارقة في دموعها بينما يجلس العريس مغموما على مقعد بمقربة من السرير في حالة من التيه والتحفز ..

:وسع لي كدا يابا …خيبة على الرجالة ..تقول له بحدة

تلف طرف المنديل باصبعها وفي حركة خاطفة تسكب محتوى زجاجة دم طير اتقنت اخفاءها في ثنايا كم جلبابها الواسع ..وفي لمح البصر تدخل اصبعها وتخرجه غارقا في دمه (بابك غويط يابت كدا ليه ),لتلقي بالمنديل على الوجه الشاحب للعريس ..

تفتح الست جليلة باب الغرفة لتنكفيء أم العروس تحضن ابنتها وبالزغاريد تضج الغرفة بالأهل مقابل اتهام العريس بالخيبة ..

جليلة بحدة : لاء عريسنا زي الفل ..البت وشها غويط.. .. حد يتكسف من حلاله ياعريس ..قوم قوم خد مراتك في حضنك ياوله ….ثم تطلب منها الاغتسال بمطهرات تحضرها معها (حتى لا تتعرض لضرر بقايا دماء ليست منها ),

تخرج جليلة مثقلة بالهدايا والأطعمة والدعوات ( سترة الولايا ستر في الدنيا والآخرة ..سترتهم خير وبركة )

تنطلق رصاصات الدم ..يفزع الحمام ..تتشبث عروس الخوف بعنقه ..تغمض عينيها في ملاذ حضنه ولفائف من عصير الرجفة والدم

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.