الجمعة , أبريل 26 2024
ماريا ميشيل
ماريا ميشيل اخصائية نفسية

الاكتئاب بعين الحضارة الفرعونية

 

قديم الايام منذ الانسان مجلوب،، تاريخ ميلاده بعيد يرجع لبدء اول الشعوب،، و منذ ان تأخذ عواصف الضغوط فى الهبوب،، يبدأ ان يسكن فى النفس و القلوب،، و معه الحزن و التشاؤم مصحوب،، فى ممرات الوجدان يجوب،، و ما ان تحل ريحه فى مكان الا و تبعث معها غم غير مرغوب،، و عن اولى حالات الاكتئاب سردت لنا قصاصات الاوراق تاريخه كشاهد مكتوب،، على انه ليس للتقدم و الحداثة مندوب،، و لا حكر لعصر ملئ بالعيوب،، بل معدل زيادته يرتفع مع تعقد الحياة و هموم الضروب،، فنرى الحياة باهتة بقتامة لون الغروب،، و رأت الحضارة الفرعونية سببه يرجع لامر غامض سره محجوب،، او رهن لعالم الارواح و السحر الملئ بالغيوب،، و حاولوا ان يعالجوه ليغادر النفس و يفر بالهروب،، و ان كانت محاولات تفسير اسبابه و علاجه بدائية بها العديد من الثغرات و الثقوب،، الا انها الدفعة الاولى التى انطلق منها صاروخ العلم الى ان بلغ المرجو منه و المطلوب، و الان هيا نرجع لنقطة البدء و نرى الاكتئاب بعين الحضارة الفرعونية القديمة

الاكتئاب ليس بدعة وليدة العصر الحديث او انه نتيجة لتعقد الحياة و التطور السريع بل انه قديم بقدم الانسان منذ العصور السحيقة … لكن فى كل عصر له سمات المميزة
و هذا ما برهنت عليه البرديات الفرعونية… بخبراتهم مع مرضى الاكتئاب

حيث تعتبر بردية ابرز (1600 ق.م)
اضخم وثيقة طبية فرعونية … ذكرت العديد من الاعراض النفسية و العقلية .. و فى الجزء الرابع منها (كتاب القلب) تطرقت الى وصفات تفصيلية لحالات الاكتئاب

و وصفوا الاكتئاب فى كثير من الروايات .. منها الاتى 
زوجه توصف حال زوجها ” لقد رفع ملابسه و رقد , لا يدرى اين هو… اما زوجته فممدت يدها تحت ثيابه و قالت ” يا اخى لا اشعر بالحمى فى صدرك او اطرافك و لكنه الحزن فى قلبك “

.. و ايضا مقتطف اخر يعكس اليأس و التشاؤم فى اظلم اشكاله 
“الان ..الموت بالنسبة لى كالصحة للمريض, كرائحة زهرة اللوتس, كرغبة الرجل فى ان يرى داره بعد سنوات من الاسر”
و تحت هذة الملاحظات و المدونات … نجد ما تم ذكره من مظاهر و اعراض فى هذة الروايات نطلق عليه اليوم فى عالم الطب النفسى مسمى الاكتئاب 
و بذلك يمكننا القول ان مصر القديمة توصلت الى مفهوم الاكتئاب كما نسميه فى عصرنا هذا
و ارجعوا الاكتئاب و الاعراض النفسية الى الاتى

اسباب وعائية دموية,حزن فى القلب فالقلب عند الفراعنة مركز و مربط الشخصية و الامراض النفسية , التلوث, اسباب غامضة يشيروا اليها فى البرديات ب “أ- أ-أ”
و احيانا يفسروها بعوامل تعود الى مسائل شيطانية او روحانية

و كانوا فى علاج الاكتئاب يستندوا على العلاج الجسدى و النفسى مستخدمين السحر و الدين و الاعشاب و النباتات

كثيرا ما نظن اننا فى زمان مشؤم متفردين بما نعانيه بكأبتنا و احزاننا اكثر من اى عصر سالف و لكن لكل اوان صعوباته و تحدياته اذا جسمت بثقلها على الانسان تفجر منابع الاضطراب النفسى فالبينان النفسى للانسان واحد منذ بدء الخليقة الى الان… المرض النفسى نشأ منذ وجود الانسان ككيان غامض و لكن بتطور الايام ترجمت شفراته المعقدة عرفنا سماته و وضعنا له عنوان .

اخصائية نفسية
ماريا ميشيل 
mareya2000@hotmail.com

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.