الجمعة , مارس 29 2024
صوره أرشيفيه

لماذا يخاف المصريون من المصرييــن؟

 

لم تشهد مصرُ في المئة عام المنصرمة عهدًا يخاف فيه المصري من خياله، وأصابعه، وأنامله، وهاتفه، وتغريدته على الفيسبوك والتويتر، أكثر من عهد الرئيس السيسي.
لم تشهد مصر أيضا عهدًا يتسابق فيه المصريون على مديح الرئيس، ومجاملته، وتبرير جهله، وتعظيم فشله أكثر من العهد الحالي.
المصريون يجلسون أمام رئيس لا يتمكن من تركيب جملة واحدة سليمة، ولا يعرض مشروعا للاستفتاء، ولا يتنازل عن أرضٍ مصرية بموافقة شعبه، ويلخبط، ويشخبط، ويكذب، ومع ذلك فهو، الشعب الذي وُلدَتْ من رحمه أعظم ثورات العصر.. ثورة يناير المجيدة، لم يخف من قبل كما يخاف اليوم.

المصريون يتبرعون بتخويف أنفسهم وأصدقائهم، ويهجرون نبي الأنبياء الجُدد .. الإنترنيت، خشية تلصص وتجسس ومراقبة ومتابعة رجال السيسي لهم.
المصريون يرفعون راية الخوف من خيال المآتة، ويقاطعون بعضهم، ويخاصمون أصدقاءهم وأهلهم وأحبابهم، ويستبدلون بمصر رئيســَـها، ويرسمون في قلوب مرتعشة” تحيا مصر” لعل رجال الرئيس يغضّون الطرف عنهم.
المصريون يتناقشون، ويتجادلون، ويتحاورون في غرف مغلقة بعيدة عن الجن الأزرق، ومع ذلك فخيال الرئيس في أذهانهم، وصورته تحيل أحلامَهم إلى كوابيس مزعجة.
المصريون صنعوا الــغــول الاكتروني، وسابقوا الرياحَ أمامه، وخافوا أنْ ينظروا خلفهم للتأكد من أن البُعبُع لا يجري خلفهم.
المصريون يراقبون بحسّ الأرانب، وارتعاشة الفئران كل ما حولهم آملين أن لا تحمل الرياحُ غضبــَـهم إلىَ القصر.

المصريون يعانون من كل كوارث ومشاكل وأزمات وفواجع العصر، فقر ومرض وتلوث وفساد وظلم القضاء وتبرئة ولاد الكلب المجرمين واحتقار الرئيس لهم؛ ولذته في اختيار أفشل وأحمق وأجهل مسؤولين في معظم(!) مؤسسات الدولة، وبالرغم من ذلك ران صمتٌ عجيب على أرض الكنانة.
المصريون اختارهم رؤساء، مبارك وطنطاوي ومرسي وعدلي منصور والسيسي، ثم يتحدثون عن خيار الشعب.
حشرات الإعلاميين احتلوا الفضائيات بدعم من القصر لبث الرعب والزيف والفبركة والأكاذيب والتفاهات والانحطاط والطائفية، فكانت أكبر وأقذر وألعن وأوسخ حرب ضد شعبنا لمحو بقايا العقل في جمجمة المصري.

الرئيس صنع الإرهاب بتبنـــّـيه السلفيين، واحتضانه قياداتــهم الداعشية، ثم زعم أن الدولة تحارب الإرهاب على الساحة؛ أما الإرهاب الفكري والنفسي والسلوكي واللساني فلا شأن للقيادة به.
المصريون خائفون .. خائفون .. خائفون؛ حتى لو زعم كل واحد أنه أنبل الفرسان، وأشجع القعقاعــيـين، وأعمق المؤمنين، وأحرص المواطنين على أم الدنيا.

محمد عبد المجيد

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.