الأربعاء , أبريل 24 2024
أخبار عاجلة
د.إيهاب ابورحمه

د. إيهــاب أبورحمـــه يكتب: مســـدس صـــوت!!

 

🔻منذ سنوات و أنا أعشق التاريخ و أعشق الزعماء الذين غيروا مجري التاريخ ، حتي أني و رغم أن دراستي هي الطب إلا أنها لم تمنعني أبداً من الإهتمام بالتاريخ و قراءة كتبه ولكن بمناسبة ذكري ميلاد أحد زعماء التاريخ قررت كتابة هذا المقال.

🔻دفعني حبي الشديد وعشقي لوطني الغالي مصر لقراءة تاريخها و سماعه فكنت أظل بالساعات أمام قنوات التلفاز المحدوده و التي كانت تنقل برامج أظنها أكثر قيمةً و هدفاً من مثيلاتها الحاليه ، فكنت أترك كتبي الدراسيه لمتابعة برامج التاريخ و البرامج السياسيه التي تحكي تاريخ مصر من أكثر من منظور مع أني لست من أنصار السياسه ولكنه عشق التاريخ.

🔻كنت ناصرياً حتي النخاع أكثر من ناصر نفسه ، أشتري الصحف الخاصه بالناصريين والتي كانت في الأغلب أسبوعيه و أتابع برامج التلفاز و لعل أهمها برنامج إختراق الذي كان يأتي لنا بشهود عيان للحقبه الناصريه ، كانت بالنسبه لي البرامج التاريخيه أكثر قيمةً من كافة البرامج الأخري ، عشقت ناصر بجنون حتي أني كنت أحاول جاهداً إيجاد المبرر لكوارث حدثت في عصره ، كنت أحاول دائما إيجاد كبش فداء لتخليص ناصر من تهم ألقاها عليه معارضوه .

🔻بالطبع نحن بشر خطاء ، لنا و علينا ، ناصر أصاب و أخطأ و لكن أن أحاول تبرير جميع هذه الأخطاء فهذه حماقه وقعت فيها كثيراً ، فقد كنت دائم الحلول لهذه الأخطاء حتي أنني كثيراً ما كنت أدعي جهل ناصر بما كان يحدث من خطايا في عصره.

🔻وما أن مرت الأيام و أصبحت أبحث في تاريخ الحقبه الملكيه المصريه و أقرأ في تاريخ مصر من عصر المصريين القدماء مروراً بالروم و الفرس و مروراً بالحقبه الفاطميه ثم الأيوبيه و العصر الأهم في تاريخ مصر في الدوله المملوكيه إلي أن وصلنا للعثمانيين و أسرة محمد علي ثم الفرنسيين و الإنجليز حتي أن بدأت مصر جمهوريتها ، تاريخ غني و عظيم به فترات حالكة السواد و فترات إزدهار ، فترات كانت مصر فيها قلب الأمه النابض و التي أنقذت الأمه العربيه و الإسلاميه من مصير غامض .

🔻و لأني قرأت للمقربين من دوائر الحكم و من المعارضيين ، اكتشفت أني وقعت ضحيه لعاطفة الحب لكاريزما ناصر و التي لا ينكرها إلا جاحد ، ولأني لا انتمي لأي فكر بعد أن توبت عن الفكر الناصري أصبحت أراقب من بعيد كل الأفكار فقرأت كثيراً عن ناصر و علاقته بالإخوان و عن كره الإخوان لحزب الوفد العلماني و للملك فاروق و تحالفهم مع الضباط الأحرار لإسقاط الملكيه المصريه و التي ظُلمت كثيراً من كُتاب العصر الناصري .

🔻كانت مصر الملكيه دوله لها مكانتها و قيادتها في العالم العربي و الإسلامي خاصةً بعد سقوط الدول العثمانيه رغم أن مصر كانت تحت الإحتلال الإنجليزي الوحشي ، نعم كان هناك سلبيات و لكنها كان لها جوانب منيره و مضيئه ، وإلا فكيف لهؤلاء الأحرار بمناصبهم في دوله لا تعطي المصريين حقوقهم و كيف ل طه حسين أن يصبح عميداً للأدب العربي في دوله الخواجات و كيف لشقيق طه حسين ابن الطبقه الفقيره أن يصبح طبيباً و غيرهم من الأمثله ، نعتوا الملك بالخيانه و هو من فُرضت عليه حكومات من قِبل الإنجليز قالوا عنها أنها وطنيه ، قالوا عنه أنه سكير و زير نساء و كل الشواهد الآنيه تنفي عنه هذه الصفات كما قد شاهدنا أعمالاً فنيه و روايات تنفيها و تعيد له كرامته ، قالوا عنه ليس مصرياً و هو المولود في مصر هو و والده وهو لا يعرف له وطناً غير مصر و هم نفسهم من هللوا و تفاخروا بداليدا الإيطاليه الوالد و المولد و هم أيضاً من فرحوا بمصرية السندريلا ابنه الرجل السوري ، فهل هناك فجر في الخصومة أكثر من هذا ؟؟ اتهموه بدعم البغاء وهو من انتهي البغاء في عصره بعد أن كان مقنناً في عصر محمد علي باشا الذي تغنوا به كثيراً ، قالوا عنه دمر الصناعات و قد كانت صناعة الغزل والقطن في عصره مضرب المثل ، قالوا عنه ترك المصريين حفاةً عراه و هو صاحب مبادره الأحذيه للفقراء ، اتهموه بإهمال التعليم و كان التعليم إلزامياً في عصره و بدأت مجانيته بقرار من الدكتور طه حسين و لعلي شاهدٌ علي هذا فأنا ابن طبقه لم تكن يوماً من الإقطاعيين و لكن عائلتي منذ قديم الأزل تعج بالمتعلمين ، كانت الصحه في مصر علي مستوي راقٍ و كانت كليات الطب المصريه مُعترف بها دولياً بل ويدرس بها جنسيات غربيه وكان الطبيب له قامه و باع في بلاده، حتي الإصلاح الزراعي عرفنا لاحقاً أن فاروق نفسه هو من بدأ هذا المشروع .

🔻لم يكن الملك فاروق شيخاً ولا رجل دين و لكن كان مصرياً عاشق لمصر و ترابها فهو الذي رفض أن يستنجد بالإنجليز ضد الضباط الأحرار و هم علي بوابة مصر الشرقيه لحماية إمتياز قناة السويس ، لم يأمر بإطلاق الرصاص ضد المصريين أبداً حتي أنه كان علي علاقة وطيده بهتلر عدو الإنجليز، و ها قد ثبت كذب أسطورة الأسلحه الفاسده مع مرور الزمن.

🔻ولكن علي كل حال ، انتهت الحقبه الملكيه بحلوها و مرها لتبدأ مصر عصراً جمهورياً بتحالف الأحرار مع الإخوان ضد الملك و نظامه وضد علمانية حزب الوفد و تحت كنف محبة الجيش والشعب للواء المحبوب نجيب و لعلي أضعه في قفص الإتهام فهو كان من أضلاع اتهام فاروق بأكثر مما كان عليه، و لكن ظن الإخوان أنهم سيصبحون البديل الأقوي لخلافة الوفد في السياسه المصريه طمعاً ما جعل ناصر ينقلب عليهم بعد أن قيل أنه كان أحدهم فانتهت العلاقه بحادثه المنشيه سواءاً كانت مدبره أم مجرد تمثيليه كما يصفها البعض .

🔻سرعان ما انتهي شهر العسل بين الأحرار و نجيب أول رئيس يحكم الجمهوريه المصريه و لكن كان اعتقال نجيب و تغييبه عن الساحه أحد أهم الأسباب للتوبه من الذنب الناصري الذي عشته لسنوات فبعد ما قدمه نجيب للأحرار يُهان هكذا إهانه !! و أصبحت الساحه فارغةً تماماً الأن لناصر و بطانته و التي عليها الكثير جداً من المآخذ فقد كانت مصر مرتعاً لهم في الفساد و التعذيب و التجبر و لعل مذكراتهم الشخصيه كافيه جداً لإتهام العصر كله بالفساد و كافيه لجعلي أكره الحقبه الناصريه قدر حبي السابق لها و كذلك كم التعذيب الهائل لكل المعارضيين من إخوان و وفديين و إسلاميين وقد وثقت السينما المصريه هذه الجرائم بأفلام تظل شامخه و علامات مميزه في تاريخ السينما المصريه من شئ من الخوف للكرنك و كذلك الزوجه الثانيه و إحنا بتوع الأتوبيس و غيرها الكثير .

🔻ولا أخفي سراً أنه كان للعندليب الأسمر و الست دور في إعجابي بمصر ناصر و لكن سرعان ما اختفي هذا الإعجاب حينما استمعت لصوت الست وهي تغني الأغنيه تلو الأخري في حب الملك فاروق!!.

🔻ناصر كان حاله نادرة الحدوث و لعلي أنفي عنه حتي الأن تهمة الخيانه لمصر فقد كان حقاً رمزاً للتحرر من قوي و استبداد الإحتلال و كان شوكة في زور الأمريكان فهم اعترفوا أنهم لن يسمحوا بوجود ناصر جديد في المستقبل ، فقد كان حقاً مجهول القرارات و مجهول التصريحات ، كما حدثت في عصره نهضه صناعيه ضخمه علي يد أبو الصناعه المصريه عزيز صدقي ، كما كان له دوراً هاماً في تحسين أحوال الفقراء بتوزيع أراضٍ عليهم و مع أنها أثبتت مستقبلاً فشلاً ذريعاً لأنها أدت إلي تفتيت الأراضي الزراعيه في مصر و لكنها في وقتها كانت من الجوانب الإيجابيه لفقراء الوطن وكذلك يحسب له إنجاز مشروع السد العالي الضخم .

🔻ساهم ناصر في تحرر الكثير من دول العرب و إفريقيا والعالم من قوي الإستعمار وكان رمزاً نضالياً هاماً لكل مناضلي العالم و لكن علي الجانب الداخلي كانت مصر في يد مجموعة من الصبيه المراهقين سياسياً أدت شهواتهم الجنسيه إلي كارثه استيقظت عليها مصر ألا وهي النكسه التاريخيه و الهزيمه المُذله في عام ١٩٦٧ ، والتي لم يمحوها انتصار أكتوبر بشكل كامل فقد أدت إلي إخراج مصر تماماً من الصراع العربي الإسرائيلي و إلي توغل الكيان الصهيوني في بلداننا العربيه و إحتلال الكثير من أجزائها ومواقعها الهامه.

🔻نعم ناصر كان مسئولاً بشكل مباشر عن كل أتباعه و كل بطانته فهل كان مجبراً علي الرضوخ لهم؟؟ هل كان مجبراً علي تركهم في مراكزهم ؟؟ هل كان هو الحاكم أم هم؟؟ لماذا تم إذلال نجيب بهذا الشكل؟؟ لماذا اسقطت الجنسيه المصريه عن الملك فاروق بهذا الشكل؟؟ لماذا حاربت مصر في اليمن ؟؟ ، إذا كان يعلم بجرائم رجاله و تسلطهم و ظل صامتاً فهي كارثه و إذا لم يكن يعلم فهي مصيبهٌ أشد!! أين الظاهر و أين القاهر؟؟ لماذا وصلت ماليزيا إلي ماهي عليه الأن و تأخرنا نحن لأكثر من نصف قرن عن مصر الملكيه وقد كنا سوياً علي نفس الخطي ؟؟ لماذا أصبحت اليابان وكوريا هكذا و قد جاء منهما الخبراء لينقلوا تجربه مصر الصناعيه ؟؟، كلما شاهدته في خطبه وهو يتحدث عن الإستعداد للحرب أشعر أنه كان يتحدث عن دوله أخري غير التي منيت بهزيمه شنعاء و أتذكر جمله قرأتها أنه كان مسدس صوت !!.

🔻ناصر كان صاحب كاريزما و كان رمزاً للكفاح ضد الإستعمار لكن انتهت معه مصر بإستعمار من كيان صهيوني كان كثيراً ما يحقر منه وبهزيمه ساحقه مُذله لمصر كلها ، فهل كانت النهايه بسبب ذنب فاروق الذي قالوا عنه ما ليس فيه أم أنها لعنة نجيب الذي حُرم من حريته لسنوات طويله ؟؟.

🔻لا أدافع عن ملكيه كان لها مساوئها ولا أتحدث عن مساوئ ناصر فقط بل حاولت جاهداً إنصاف الملك فاروق قدر ما علمت كما وجب إظهار مساوئ ناصر فلم يكن عصره إيجابياً في مجمله و لنا في سيرة نجيب الذاتيه و سيرة الكثير من شهود هذا العصر و كذلك أفلام السينما في هذا الوقت الدليل في هذا ، هي ليست محاوله لكسر زعيم و لكنها محاوله للإنصاف و فقط و دعوه لتحرير العقول فناصر ليس ملاكاً كما يدعي عشاقه و فاروق لم يكن أيضاً شيطاناً كما يصوروه هم أيضاً كلاهما أصاب و أخطأ و يظلان جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الأمه المصريه العظيمه.

🔻قد تكون أهداف الضباط الأحرار جليله و لكن ماذا انتهت إليه هذه الأهداف و ماذا نتج عن سياساتهم ؟؟ ، كما قد تكون الملكيه في نهاياتها سيئه لكن هذا لا يعطي أحداً الحق في النيل من شرف و خُلق فاروق و لعلنا نري الآن المقارنات التي حدثت مؤخراً من أناسٍ عاصرت الحقبتين و لكن لنا الآن أن نحكم علي ما آلت له البلاد بعد مصر الملكيه من انهيار الصحه و التعليم و كذلك العشوائيه في العماره و الذوق العام و الأخلاق.

💥حفظ الله مصر من كل شر و كفاها شر الفرقه و الخونه.

شاهد أيضاً

إعتذار إلى اللـه

مقال للفنانه /إسعاد يونس -مع إزدياد الضغوط على الأقباط فى مصر كانت المرارة تزداد داخلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.