الجمعة , مارس 29 2024
مدحت عويضة

الأقباط يعيشون عصر الذل

بقلم: مدحت عويضة

كلما حاولت الإبتعاد عن الكتابة في السياسة وخصوصا حقوق الأقليات والتي بسببها دفعت الثمن غالي جدا، أجد نفسي مجبر علي عدم السكوت، بلادي وإن جارت على عزيزة .. وأهلي وإن ضنوا على كرام.

 وما يحدث هذه الأيام فاق بكثير الأمور التي تسببت في أن ننضم للحركة القبطية في المهجر بل فاقت الخيال، فالعام الماضي وفي سنة ٢٠١٧ شهدت أحد قري الصعيد مظاهرات أمام منزل أحد العائلات مطالبين الأب بتسليم بنته لتزويجها من شخص ما بحجة أنها أسلمت،  وأنا اتصفح السوشيال ميديا رأيت خبرا غريبا، وهو أن ٧ أسر قبطية من بلدة تدعي ”علي باشا“ تابعة لقرية شوشة بمركز سمالوط إضطرت لترك القرية والنزوح لمنازل أقاربهم في القري المجاورة!!!!.

أما السبب فهو مصدر العجب فهناك فتاة مسيحية أسمها فرنسا يوسف عبد السيد هربت من البلده وتزوجت من شخص يدعي شعبان إبراهيم توني في أبريل العام الماضي. وهي في طريق عودتها تستعد البلدة لزفتها، وأن تعيش في منزل زوجها الملاصق لمنزل عائلتها وبعد أن إشتعلت الأمور علي السوشيال ميديا بالتهديد لأسرة الفتاة ولكل الأقباط في البلدة، فأجبرت الأسر المسيحية علي ترك البلدة ومغادرتها.

الخبر أستوقفني كثيرا ولا يهمني من تزوج من ومن أسلم ومن تنصر، الذي يهمني هو الذل الواقع علي الضعيف والمهانة التي يعيشها الأقباط في ذلك العصر والذي يحق وبكل صدق أن نقول عنه أنه عصر الذل للأقباط. لم يكفيهم أسلمة الفتاة لم يكفيهم زفتها لم يكفيهم كسرة أبيها ولم يكفيهم حرقة قلب والدتها وأخوتها، بل راحوا يهددونهم ويضطرونهم لترك منازلهم بل وبلدتهم وبعد ذلك نقول أن الأقباط يعيشون عصرهم الذهبي!!!!!.

الحقيقة أنه عصر الذل وكتم الأفواه علي مصر بالكامل والأقباط جزء من المجتمع المصري، فالذين يؤيدون الدكتاتورية لا يفهمون أن الحرية هي الحصانة الوحيدة للأقليات، ولحقوق الإنسان بوجه عام، فإذا أنتهكت حقوق الأغلبية فماذا تنتظر الأقلية هل تنتظر العيش في كرامة ومن أين تأتي الكرامة في وطن نزعت منه كرامته.

لم أكن أتصور يوما أن تصل الأمور لهذا الحد في مصر من سجن شباب الرأي ومنع منابر التنوير من الظهور علي الشاشات، وتحكم الأجهزة الأمنية في المادة الإعلامية لدرجة أنهم الأعلاميين آصبحوا تحت سيطرة الأمن تماما، وآصبحوا ينتظروا ما يملي عليهم فباتت برامجهم مسخرة الجملة الواحدة تنطق في كل البرامج، ومع رصد الجمل ووتقضيع الفيديوهات تستطيع عمل آفلام كوميدية سوداء قر تبكيك وقد تضحكك، علي قدر حبك لبلدك وعشقك للحرية.

كيف وصلنا لهذه الدرجة كيف فرطنا في الحقوق التي انتزعناها من مبارك قبل ثورة يناير ومن المجلس العسكري والإخوان بعد ثورة يناير، كيف وصل بنا الحال لهذه الدرجة، في الماضي كنت أقول أن التهاون في حق الأقلية قد يضَيع حق الأغلبية، الأن أصبحت مؤمنا أن انخفاض سقف الحريات في المجتمع قد يقضي علي وجود الأقلية.

كيف نقول أين المفكرين والأدباء والإعلاميين ولم يعد أحد من هؤلاء قادر علي الكلام أصلا، وأصبحت الساحة متاحة فقط للطبالين والكذابين والمنافقين وعلي قد ما تعلي رنة طبلتك علي قد ما تتسع مساحة ظهورك في الإعلام، ياله من زمن صعب نعيشه!!!!.

أن الحرية وجودة الزمن من ردائته لا يقاس بحسب أحوال صفوة المجتمع ولا بحسب زيارات المسؤلين لأماكن العبادة ولا بالكلمات الرنانة الجميلة التي يعلم الجميع أنها كلمات نفاق ورياء، بل يقاس بحرية وحفظ كرامة الإنسان الفقير والبسيط ونصرة الضعيف وتطبيق العدل والقانون. ،عليكم سادتنا أن تتمتعوا أنتم بالعصر الذهبي ونصلي نحن أن يعيننا الله علي عصر الذل الذي نعيشه.

 

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

تعليق واحد

  1. من فضلكم اريد ايميل للتواصل وارسال مقالاتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.