الجمعة , مارس 29 2024
الدكتور رأفت جندى
رأفت جندى

الخائفون لا يرثون

الخائفون لا يرثون

دخل الخوف إلى العالم بعد الخطيئة فقال آدم للرب “سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأتُ.”، والفكر المسيحي يصف الخوف بأنه ضعف إيمان، وسفر الرؤية ينذر الخائفين بأنهم لن يرثوا الحياة الأبدية “وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي“. (8:21) والكتاب المقدس يقول دائماً وبتعبيرات مختلفة “لا تَخَفْ لأنِّي مَعَكَ”

وكلمة لا تخف ذكرها الكتاب المقدس مئات المرات، والسيد المسيح ظهر لبولس برؤيا في الليل وقال له “لاَ تَخَفْ بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ”، والقديس بولس يقول إننا لم نأخذ روح العبودية لنخاف بل روح البنوة للرب الإله أبينا.

حتى العلاقة بالرب الإله فبدايتها خوف وفي عمقها محبة تطرد الخوف، وسليمان الحكيم يقول “رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ” بمعنى بدايتها، ولكن القديس يوحنا يقول بعد اكتمال الإيمان “لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ.”، والقديس الأنبا أنطونيوس قال إنه لا يخاف الله ثم أكمل وقال “لأنني أحبه والمحبة تطرد الخوف.”، وهذا بالطبع يفرق تماماً عن عدم خوف الشرير من الله بروح الشر لأنه لم يصل لبداية معرفته للرب.

والشيطان يحاول دائماً أن ينشر الخوف بين الناس، ومن الأمثال الشعبية “من خاف سلم” وربما يكون هذا المثل أتى بعد الغزو العربي الإسلامي لمصر والخوف من السيف، ولهذا أسلم البعض، وتبرير الخوف يأتي أيضاً في أمثال شعبية “الذي لدغته حية يخاف من الحبل”.

البعض يحاول أن ينفي عن نفسه تهمة الخوف ويبرر خوفه بآيات أخرى عن الحكمة وكأنه يحاول خداع نفسه وخداع الرب الإله، ولقد استخدام إبليس آيات الكتاب المقدس بطريقة خاطئة أيضاً فى التجربة على الجبل ولكن السيد المسيح صحح لنا المفاهيم بآيات أخرى.

جميعنا تحت الضعف، حتى القديسين الأقوياء مروا بأوقات خوف يعبر عن فترة ضعف إيمان، إيليا القوى والذي استجابت له السماء عندما منع المطر لسنوات وأيضا عندما طلب نارا من السماء هرب يطلب سلامة نفسه عندما هددته الملكة الشريرة ايزابيل، داوود الجسور الذي لم يرهب العملاق جليات الجبار وهزمه تظاهر بالخبل والعبط فى وقت آخر لُيطلق سراحه، بطرس أنكر المسيح، ومعظم التلاميذ هربوا وقت الصليب. ولكن تبرير الضعف والخوف بأنه حكمة وتدبير حسن يؤدي لاستمرار الضعف فينا وأيضاً لعدم استخدامنا لوزناتنا التي أُعطيت لنا.

أحد الوعاظ يعظ دائما بعدم الخوف، ولكنه نراه يخاف من أشياء لا توحى بالخوف سوى من أوهام غير حقيقية.

المؤمن الحقيقي يواجه ضعفه ويعترف به ويطلب قوة الإيمان من الرب الإله الذي يعطي بسخاء ولا يعير.

د. رأفت جندي 

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.