الجمعة , أبريل 19 2024

العار

روزالين فهيم

بين الحين و الاخر تطل على الساحة احدى جرائم الشرف من قتل زوجة لزوجها, سطو مسلح و قتل اهل البيت ,رشوة موظف كبير بملايين الجنيهات. هذه حوادث متكررة و يوجد مثيلتها في كل البلدان. اما عند حوادث الاغتصاب و التحرش فأنها تمثل اقذر انواع الجريمة حتى ان المدانين بها مكروهون داخل جدران سجونهم من المساجين الاخرين. و قد كان هذا هو الحال  في الحقبة الزمنية الماضية و ما يقصه كل الاباء و الاجداد.

الايام تدور و تدور فتستيقظ على ادانة فتاة بتهمة انها استحقت التحرش!!! نعم انك تقرأ الجملة صحيحة. الان لا يتم ادانة الجاني بل المجني علية! تهمة اي فتاة هي ملابسها .اذا ما قارنت ملابس السيدات في الشرق الاوسط بتلك في اوروبا او الامريكيتين ستجد ان الملابس بلا شك تحتوي على الكثير و الكثير من القماش ,طبقات و طبقات . و ماذا تجد في المقابل ؟ان التصنيف الدولي لمصر يجعلها في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث التحرش و عدم الامان للمرأة. اما في البلاد التي يقال عنها متقدمة فان نسب القماش حتما اقل بكثير و لكن تلك البلدان اكثر امانا للمرآه فلا تجد من يتحرش بها  عيانا بيانا .

أكثر ما يؤلم ان بعض السيدات رضعن كراهية انفسهن كنساء و اصبحن مقتنعات انهن كائنات لابد ان يتم اخفاءهن, فصوتهن  و هيئتهن و جسمهن عار لابد ان تخفيه. و بالوقت اصبحت تكره الانثى داخلها بل و كل انثى اخرى فلا تشعر بقيمتها كانسان .فلا ترى غير الرجل هو الكائن الذي لابد ان تتغير من أجله ,تخفض صوتها لا جله ,ترتدي الملابس التي يريدها هو .فاذا اخطأ تلوم نفسها و اذا تزوج عليها فهي المهملة و اذا تحرش بها فهي السبب !

فعندما يبحث عن زوجة لا يثق بنفسه فيبحث عن ضعيفة الشخصية التي لا تخالفه الرأي و يضع لها قائمة المحظورات لحياتها و كأنه من انتشلها من ضياع المستقبل و الهدف.

لماذا يلتزم نفس الرجل الشرقي  عندما يسافر اوروبا او امريكا ,لماذا لا يدين ملابس السيدات هناك او يتحرش بهن بل  انه يتزوج بإحداهن و لا يتزوج عليها ايضا؟؟!!

ما الذي جعل معظم حدائق الورد المشهورة قديما كحدائق انطونيادس وحديقة الزهور تختفي؟ لقد اصبح معظم الناس لا يتركون الزهور في مكانها !! 

و كما اختفت الزهور الجميلة اختفت اناقة النساء و رونقها  و اصبح السباق لا رضاء الرجل الشرقي الذي لا يشبع ابدا.

لقد اختلفت الثقافة المجتمعية في الخمسين عاما الاخيرة. اصبحت تسمع شتائم الامهات في الشوارع, السباق الفني في المسلسلات و الافلام لأكثر الابطال بطشا و ضربا للنساء. الاغاني تحولت من الغزل العفيف و الصريح الى الهجاء و التنمر على الحبيبات او على الزوجات. السباب الذي يصدر من الرجال للنساء التي ترفض رجلا ,فيتطاول عليها و يهددها انه سينتصر عليها كرجل في النهاية لأنها الاضعف من وجهة نظره.

و باستمرار يتم تغذية المجتمع بجلد الانثى ,فهي لابد ان تختتن ,لابد ان تتزوج حتى تتستر كما يقال ,لابد ان تطيع كل ذكر في حياتها لمجرد انهم ذكور اوصياء عليها و الا يتم ضربها او هجرها ,لابد ان تتقبل ان تصبح الزوجة الثانية او الثالثة و ترضى ,اذا تم التحرش بها فأنها تصمت لأنه عار عليها ان تذكر مثل هذا .و اذا قصت على مسامع اسرتها او اصدقاءها انهم يدينونها و ليس ببعيد ان تدين هي نفسها. فهي لا ترى نفسها. لقد تضاءلت و تضاءلت فأعين نفسها فلا ترى ان من حقها اي شيء .

ثم يدينون المرأة انها تزداد في الوزن لأنها تأكل كثيرا. أنها لم تجد قيمتها و استمتاعها الا مع طعامها ,الذي تشعر بالحرية معه!

 ان العنف ضد المرأة يغديه التفكير الخاطئ المشوش من بعض رجال يريدون لزوجاتهن ان يربطن احذية ازواجهن في الشوارع, من رجال يعتقدون ان من حقهم ضرب زوجاتهن و بناتهن اذا رفضن اوامرهن فلا يؤمنون بلغة الحوار.

اذا اراد اي مجتمع اصلاح مكانة المرأة فيجعلها تشعر بقيمتها كأنثى و كانسان ,فهي تختلف عن الرجل بيولوجيا و لكن ليست دونه او اعلى منه في الحقوق و الواجبات. الجميع سيقف سواسية امام العدل الالهي.  يحتاج البعض لإعادة تأهيل نفسي ليعرفوا قيمتهم الحقيقية .فليس عليك يا رجل ان تجعلها اقل قيمه منك حتى تشعر بقيمتك انت. فانت تدمر علاقتك بها و تدمرها و تدمر اولادك فتخلق دائرة مهانة و ضياع للقيمة و عنف و ضياع علاقات مستقبلية.

و من الهام ايضا ان يتم تفعيل القانون حتي يتم سجن المتحرش بعقوبة مشددة و الاعدام للمغتصب مع الغاء امكانية زواجه من المجني عليها. هل وجود عقد زواج يعفيه من  جريمة اغتصابه لها؟ كيف لهذا ان يستمر. العار في العقل و ليس في الجسد.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.