الثلاثاء , أبريل 23 2024
آل سعود

حمادة إمام يكتب : انقلاب عائلي داخل اسرة آل سعود .

فتح تقرير المخابرات الامريكية عن دور محمد بن سلمان ولى عهد السعودية في مقتل الصحفي جمال خاشقجي في العام 2018.

جراح داخل اسرة ال سعود كانت الاسرة قد تجاوزتها منذ عام 58عندما حاول الملك سعود عبد العزيز اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في سوريا وقت اعلان الوحدة بين مصر سوريا وسبب فشل المحاولة وكشف الدور السعودى في حدوث انقلاب داخل اسرة ال سعود والإطاحة بالملك وتعين شقيقه فيصل بدل منه

صباح يوم 5 مارس 1958، وقبل ان يخطب الرئيس عبد الناصر بإعلان الوحدة اخبر اعضاء الوفد المصري المرافقين له بتفاصيل ما قاله السرّاج في الليلة الماضيةعندما فوجئ بالمقدم عبد الحميد السراج يصر على مقابلته في وقت متأخر مبادرا بالاعتذار عمّا يفعله، قائلاً: «أنا آسف لأني عم ازعجك. بس في موضوع مهم لازم خبرك فيه» ما كان بدي أشغلك بالشيء اللي بدي قلك اياه، لولا خطورته!!((الملك سعود متزوج بسيدة سورية كُنيتها «أم خالد».

وأبوها اسمه أسعد إبراهيم.. اتصل فيني الزلمة، قبل كم يوم، عن طريق وسيط. الوسيط هو النائب عزيز عياد. قابلت هادا أسعد إبراهيم، فبخبّرني إنو ملك السعودية عم يعرض علي ملايين الجنيهات الاسترلينية، إذا بقبل قوم بانقلاب ضد الوحدة بين سوريا ومصر.

أنا سايرتو، لأعرف شو في براس أسيادو. وفعلاً، بيبعتلي سعود دفعة قيمتها اتنين مليون جنيه استرليني، مشان يرشيني)) وكان من بين الحاضرين الاستاذ محمد حسنين هيكل والذى طلب من السراج توثيق شهادته وتفاصيل كل ما حدث بصوته على اسطوانة واستثمار الموقف بفضح المخطط على نطاق اوسع مستفيدا من الظرف الزمنى والاهتمام العالمي سواء من الصحافة العربية او الغربية ولم يمانع السراج وجلس يعيد ما قاله للرئيس عبد الناصر ولكن بشكل اكثر تفصيلا وتوثيقا وقال :

انهى السراج شهادته على اسطوانة صباح يوم 5 مارس 1958وسلمها للأستاذ هيكل قبل ان يصعد الرئيس عبد الناصر ليلقى خطبته امام المواطنين في سوريا والذى وقف بشرفة قصر الضيافة واعلن تفاصيل المؤامرة السعودية قائلا:

لقد أرادوا هؤلاء العملاء والخونة وأعوانهم حينما وضعت هذه الوحدة بين سورية ومصر موضع التنفيذ أن يجدوا أي منفذ اليكم ليقضوا على اهدافكم ولكنهم فشلوافاتصلوا بالجيش وعرضوا عليه ان يدفعوا له ما يريد من اموال حتى يقضي على الوحدة ويقوم بانقلاب ليحكم هذا البلد بأمرهم وتحت سيطرتهم .

نعم لقد اتصلوا بأحد كبار رجال الجيش السوري (السراج) وقالوا له نحن مستعدون لدفع مليوني جنيه استرليني او خمسة ملايين جنيه للجيش علشان يعمل انقلاب ويمنع الوحدة وفي الحال اتصل هذا الشخص (السراج) بالمشير عبد الحكيم عامر وابلغه بالامر واتصل بإخوانه في الجيش واتصلوا بي

مساء يوم الجمعة 7 مارس 1958ساد وجوم ثقيل مجلس الملك السعودي، في قصر الناصرية. وبدا أمراء آل سعود وكأنّ على رؤوسهم الطير.

وحاول الملك أن يلطّف شيئاً من كآبة الموقف، وجهامة وجوه زوّاره، فأخذ يسألهم الواحد تلو الآخر: «وش حالك يا فلان؟»، فيرد: «بخير، يا طويل العمر». حتى إذا وصل الملك سعود إلى عمه عبد الله، أجابه عميد الأسرة السعودية، وقد انفجر غيظه: «أحوالنا خرا!».

ارتبك الجميع، وهم يسمعون تلك الكلمة توجّه إلى صاحب الجلالة، وامتقع وجه الملك سعود.

وحاول الشيخ يوسف ياسين، وجمال الحسيني، وهما مستشارا الملك يومئذ، أن يتدخلا ليهدّئا من روع الرجل الجليل في العائلة المالكة السعودية. فنَهرَهما عبد الله، وهو يرتعش من الانفعال.

ثم قام من مكانه، واتجه نحو ابن أخيه، وقال له: «انتا وين رايح بآل سعود؟!». ولم يدع الأمير للملك الذاهل فرصة للإجابة، فأكمل مزمجراً: «للحضيض! للأرض الحضيض! لجهنم والله!». قال الأمير كلماته، ثم نفض بيده طرف عباءته، وانصرف من المكان عابساً، وسط ذهول الحاضرين.

وعبّرت الكلمات الغليظة التي تفوّه بها الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود تعبيراً قاسياً عن أخطر أزمة عائلية شقّت صفوف الأسرة الحاكمة في تاريخها الحديث. وكانت تلك الأزمة قد تفجرت بعد افتضاح المؤامرة التى دبّرها الملك سعود لإطاحة الجمهورية العربية المتحدة، وانكشاف خططه لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عبر تفجير طائرته في الجو.

ولعل غضبة أمراء الأسرة الحاكمة لم تكن بسبب خطيئة الملك، واشتراكه المباشر في ارتكاب جريمة، بل كان حنقهم بسبب إدارته البائسة للعملية، وتخطيطه الأخرق لها. فلقد سُحِبت أمواله حتى آخر فلس، ثم كشفت رشوته وشيكاته، أمام العالم أجمع، وقُبض على أزلامه وأعوانه ووسطائه.

فأضحى سعود أضحوكة، وأمست سمعة آل سعود في الوحل، بعدما خاب تدبيرهم، وانكشف إجرامهم.

وفي الرياض، كان وقع الاتهامات مزلزل. كانت المملكة، في عهد سعود، تشهد أحلك أيامها: خزينة مفلسة بسبب المصاريف المفرطة، وسياسة متخبطة لم تبقِ لها على صديق، وأسرة حاكمة مفككة بسبب استئثار الملك بسلطة مطلقة، وتحيّزه لأبنائه على حساب إخوانه، وسمعة مشبوهة تلوكها الألسن وتمضغها الأفواه.

وكان أمراء آل سعود يكادون يتميّزون من الغيظ. وسأل الأمير طلال عن أخيه الملك، فقيل له إنه موجود في قصره بالمدينة المنورة. وكلّم طلال أخاه، عبر الهاتف، وسأله إن كان قد سمع اتهامات عبد الناصر له، وما تعليقه على ذلك؟! فأجابه سعود بأن لا ينزعج، وأن يأتي إليه. واستقل طلال طائرة، وجاء إلى قصر أخيه في المدينة.

ويروي طلال كيف دخل على الملك في مجلسه، فوجد عنده أعيان المدينة، وبينهم نائب أميرها عبد الله السديري. وسأل سعود جلساءه قائلاً: «ترى أهل المدينة صدّقوا اللي قالوه عنّا الحاسدين؟!».

وصمت الجميع، وكان صمتهم أبلغ من كلامهم. وأحسّ طلال بالوجيعة من هذا الحال الذي وصل إليه آل سعود، فخاطب أخاه الأكبر، قائلاً له: «بالله يا طويل العمر بيّض وجوهنا. لو تركنا اللي ينقال من غير ردّ، سوّدت الفضيحة وجوهنا. واحنا خمسة آلاف من آل سعود، وين نروح بوجوهنا؟!».

وتمتم سعود قائلاً: «أبشر! أبشر! ما يخالف. ما يصير إلا الخير».في الغد عاد سعود إلى الرياض، فلقي من عمه عبد الله ذلك التوبيخ الذي لم يسمعه منه قبل ذلك أبداً. واكتأب سعود، فاعتكف في قصره، لا يخرج منه، ولا يُدخل عليه أحد. ثم إنّ الملك السعودي اغتاظ، وحزّ في نفسه كيف انقلب حاله.

وأمر حرّاسه أن يأتوا له بمدير «البنك العربي» في الرياض مقيّداً في الحديد. فجاؤوا بالسيد مصباح كنعان من مقر عمله، بعد أن كبّلوه وأهانوه أمام موظفيه وعملائه. ووقف المصرفي المسكين، وهو يرتعش من الخوف أمام «طويل العمر». شهد تلك الواقعة الغريبة محمد سرور الصبان وزير المالية السعودي.

وكان الملك يصيح حانقاً: «كيف تعطون شيكات للسرّاج، تتاخذ دليل ضدنا. المفروض ما تعطوه الصكوك».

وردّ كنعان قائلاً أنه لم يفعل سوى ما أَمره به الديوان الملكي، ولديه توقيعان من وزير المالية الصبان، ومن رئيس مؤسسة النقد السعودي معتوق حسنين يأذنان فيه بتحويل المبلغ المذكور. ولم تعجب سعود هذه الإجابة، فأمر بحبس الرجل، وإغلاق فروع بنكه في المملكة كلها. واهتزت السوق المالية السعودية من هذا التصرف الأهوج. وأخذ كبار الأمراء يسحبون أموالهم من بعض المصارف، وتبعهم عامة الناس.

وأغلقت الفروع البنكية أبوابها أمام الزبائن، فتحولت مطالبات المواطنين بسحب أموالهم إلى ما يشبه التظاهرات. فجأة هبطت قيمة العملة السعودية هبوطاً مدوياً، في ظرف أيام قليلة، من 3.75 ريال مقابل الدولار الواحد، إلى 6.5 ريال.

وأصبح المشهد السعودي كله كئيباً!في قصر الأمير طلال المعروف بـ«الفخرية» اجتمعت مجموعة من أمراء آل سعودكانوا تسعة أمراء: عبد الله، وعبد المحسن، ومشعل، ومتعب، وطلال، ومشاري، وبدر، وفواز، ونواف. وقرّروا أن يطلبوا من أخيهم الأكبر فيصل بن عبد العزيز تولّي الحكم بدلاً من سعود.

ثم إنّ هذه المجموعة سريعاً ما قويت شوكتها، بعد مساندة العم عبد الله بن عبد الرحمن لها، ومعه السديريون الذين يتزعمهم فهد. والشقيقان محمد وخالد. لكنّ المعضلة تمثلت في إقناع ولي العهد نفسه بأن يمسك بمقاليد المملكة. كان فيصل رجلاً مريضاً، وكان يعاني من أمراض كثيرة، ولقد عاد من أميركا قبل شهور قليلة، بعد أن عولج في أحد مستشفيات نيويورك من سرطان غير خبيث في معدته.

وتحوّل «الرجل ذي السحنة الكئيبة» إلى رجل نافر من الحكم. فلما عرض عليه أن يكون ملكاً بدلاً من أخيه تمنّع. بيد أنه بعد أن رأى إجماع إخوته عليه، قبل المهمة، مشترطاً أن يظلّ سعود ملكاً صورياً لكي لا يحدث عزله انشقاقاً في وحدة الأسرة المالكة، وأن توكل كل سلطات الحكم الفعلية له وحده.

وفي ليلة 24 / مارس 1958، وكانت إحدى ليالي رمضان، جاء آل سعود إلى أخيهم يحملون إليه نبأ نزع سلطاته، وإبقائه صورة بلا وظيفة. غضب سعود، وقال لهم إنه ليس ملكة بريطانيا.

وأجابه محمد ذو الشرّين: «أحسن لك تقبل باللي عرضناه عليك، بدل نخلعك من المُلك كله».

ساد الصمت المجلس. وجال سعود بعينيه في وجوه عمه وإخوته، فلم ير منهم إلا نفوراً منه. أطرق برأسه، ثم قام من مقعده، وتمتم قائلاً إنه يوافق على نقل صلاحياته إلى فيصل. وكان ذلك اعترافاً منه بنهايته.

شاهد أيضاً

الحرحور والجحش وحمار الحكيم…

الذكريات كتاب مفتوح ووقائع مازالت تحيا فى القلوب وبقاياها يعشش فى العقول ، وعندما نسافر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.