الجمعة , مارس 29 2024
ماجدة سيدهم

البلكونات الحلوة..

بقلم / ماجدة سيدهم

لما كنا صغيرين ..في حي سكني هادي وجميل ..ليلة رمضان كان يطلع كل الجيران و.نقف في البلكونات ..نستنى مفاجأة الشيخ “على” جارنا ..يفرحنا..بأن بكرا أول يوم رمضان ..

وتضل الأمهات ترمي على بعضها السلامات والبوسات من كل البلكونات المجاورة والقريبة .. .. لبلاب وياسيمين وريحان واصل بين كل الجيران

سكوت ..

الشيخ “على” بصوته الودود هايقول الخبر المفاجأة ..وبسرعة تتفتح كل البيوت على بعضها .. وكل سنة وانتي طيبة يام خالد ..كل سنة وانتي طيبة يام سعد .. وانتي طيبة يام عماد وأم نور وأم ليلي وأم مجدي ..وأم محسن وأمينة وأم مدحت وعادل وأم شادية …(قدرتوا تعرفوا الفرق ببنهم ..)

ينزل كل الأباهات بتلقائية.. فالليلة وكل الليالي الجاية السهرة لحد قبل السحور ..قريب عند الجامع الصغير اللي كان قدامة جنينة صغيرة ..فيها دكتين وشوية كراسي خشب بسيطة ..كلها دفا ومسامرة وحكايات الكبار ..

إحنا الصغيرين نتسابق السلالم جري بالفوانيس الإزاز الملون ونجري بسرعة على الشيخ” علي” هايوزع علينا ملبس وسوداني وكرملة زي كل رمضان ..يمد ايده في جيب جلابيته المليان ..يعطينا كبشة تفرحنا ..ناخدها ونرجع جري نلعب أدام بيوتنا .. ونلف دايرة بالفوانيس المنورة وحاللو ياحاللو ..

تخرج علينا دفا الأغنيات من راديو كل البيوت الطيبة ..صوت كأنه جاي من بعيد يونسنا”أهو جه ياولاد ..افرحوا يابنات .. ” يطول بينا الليل ويطلع نهار صيام جديد .. وقبل الفطار نخبط على كل البيوت ونتبادل سوا طبق مشكل كبير ومليان من أصناف أكل الفطار الجاهز على السفرات و الطبليات ..

ونطلع تاني البلكونات نستنى مدفع الفطار .. ونسلي انتظارنا احنا الصغيرين بشمشمة خيط روايح الأكل اللي طالعة من كل بيت ريحة الملوخية والفراخ المحمرة ..جاية من عند طنط فتحية …لأ لأ دي من عندنا … دي ريحة طشة التوم من عند طنط چانيت ..ومحاشي من عند طنط محاسن ..صنية البطاطس بالفرن نميز ريحتها من على بعد دي طالعة من عند طنط فرودس ..نضحك من بلكوناتنا الحلوة ..وجوعنا بوووم المدفع ضرب ..شوية سكوت والكل قايم شاكر وشبعان .

وتتفتح البيوت تاني بعد الفطار على سهراية الأمهات بأطباق الكنافة والقطايف الغرقانة في شرباتها والبقلاوة المحشية سوداني محمص في البيوت ..مهلبية قمر الدين بجوز الهند والزبيب .. واحنا الصغيرين لسه شمعة فوانيسنا منورة .ولسه بنلف حاللو ياحللو وكبشة الحلويات من جيب الشيخ “علي “

الدنيا علينا تمسي بهدوء ..و يلف عم ” عباس ” المسحراتي يشق هدوء الليل بصوت طيب لما ينادي علينا بيت بيت ..وكأنه بيطمن أن كل البيوت بخير وأمان ..ونرجع ننام تاني ..وشوشونا مرتاحة .. سرايرنا دافية ..وننام مطمنين ..

ولما يقرب العيد ..تتجمع الأمهات ..والنهارده هانعمل كحك وبسكوت أم عادل وبكرا عند أم ليلي وبعده أم .. ..وبعده ..الأمهات الحلوات تفرج بعضها على لبس ولادها الجديد..ويجي يوم العيد كل البيوت كأنها من غير بيبان ..شيالة الكحك والبسكوت ..سكر بودرة ..والحشو ملبن ..بيتيفور وغريبة بفص لولوي حلو بمبة وكهرمان ..لمة الأباهات بتقوينا ..عم فخري وعم صلاح وعم سيد وعم عبده وعم شاهين وعم محمود وعم ذكي .. وضحكتهم اللي طالعة م جوه القلب ..

زمامير زمامير و عيدية صغيرة بتفرحنا…هانشتري حلويات عسلية وبنبوني وطراطير شوفتي شنطتي .. شوفتي فيونكة ضفيرتي ..جزمتي جديدة ..بنطلوني بحزام زي الكبار .. فستاني فيه ورد .. بابا أخدني عند الحلاق بتاعه .. منديلي فيه دانتيلا..

نلعب ..نقطف ورد ..نقعد على الحشيش ناكل الحلويات .. نحكي كل المبالغات والخزعبلات ..ونعد لسه أيام العيد الحلوة فييها كام يوم كمان ..اجازة من المدرسة .ياحلوللي بالونات بالونات.. بنطيرها من البلكونات

ونرجع نستنى رمضان من تاني من نفس دفا البلكونات ..فوانيس منورة وعيال صغيرة ..

دي ريحة الأيام اللي عايشة في صورة جوه الذكريات ..كل سنة والكل بخير ودفيان ..

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.