الجمعة , مارس 29 2024

مكرم محمد أحمد في ضيافة دود الأرض!

قابلته مرتين: الأولى عندما لجأت إليه عام 1994 بمكتبه في القاهرة ليتوسط لدى إدارة الرقابة في الموافقة على كتاب لي!المرة الثانية في 9 ابريل 2008 بفندق شيراتون في عاصمة دولة خليجية بعدما تركت له في غرفته بواسطة أحد العاملين ( وكذلك تركت 182 نسخة من الكتابين ل91 إعلاميا)، أي كان هناك كتابان لكل إعلامي.

اقتربت منه وقلت: هل تسلمتَ الكتابين؟ ردّ غاضبا: هل أنت الذي وضعتهما في غرفتي؟ابتسمت عن حُسْن نية، فانفجر في وجهي وقال: هل تظن أنني سآخذ الكتابين معي إلى مصر؟ ثم أردف قائلا: ليسا كتابين إنما قنبلتان! أنا لا أحملهما تحت أي ظرف في الطائرة العائدة إلى القاهرة.

اتصل يشكوني إلى السفير المصري وإلى مضيفي الكريم وهو الرجل الثاني في الدولة.

وجاء الانتقام من إعلاميين مصريين وتونسيين وغيرهم بعد ثلاثة أسابيع بالاتفاق مع الدكتور فيصل القاسم في (الاتجاه المعاكس).وفورا كانوا قد أعدوا حلقة عن السجون والمعتقلات والاتجاه المعاكس لي كان اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية المصري لشؤون السجون والمعتقلات.واتصل بي فيصل القاسم طالبا مني الحضور ضيفا على أن أوافق قبل منتصف نهار اليوم التالي.

جرت الأمور استخباراتية مُحْكَمة فالسفراء الأربعة الذين حضروا إلى الفندق اتفقوا على إحراقي في مصيدة لا يخرج منها صحفي فيه روح، وكما ذكرت من قبل بأن أجهزة أمن مبارك شخصيا هي التي وضعتني في المترقب وصولهم لكل منافذ مصر لأحد عشر عاما ( من 2000 إلى 2011).

وسافرت إلى المصيدة في الدوحة وسقطت في 55 دقيقة وكان فيصل القاسم عرّابَ المصيدة.لم يصدق الذين يعرفونني سقوطي وارتباكي فالكتابة عن السجون والمعتقلات كانت إحدى أهم همومي، وكنت أقرأ في إذاعة صوت العرب من أوسلو لمدة أربع سنوات، أي أن لساني لم يخذلني قط!وكتب الكثيرون عن يوم الغدر ( منهم الكاتب العراقي صائب خليل والناشط المصري أحمد دومة، واستضافني بعدها طارق حمو في تلفزيون بلجيكي باللغة العربية).

كان مكرم محمد أحمد المحرّض الأول ضدي، وكان السفير التونسي غاضبا من موضوع( دماء على أنياب الرئيس التونسي)، وتحول أكثر الإعلاميين الذين أهديتهم الكتابين إلى وشاة ومخبرين.

هذا الشهر تكون قد مرت 13 سنة على الاتجاه المعاكس في (الجزيرة)، ومنذ تلك الليلة المشؤومة لم أشاهد فيصل القاسم لأكثر من رُبع دقيقة فتغلي الدماء في عروقي وانتقل إلى قناة أخرى.وقفت على قدمييّ بفضل الله رغم أن الجُرح كان غائرا، ومارست حياتي الطبيعية من جديد في وضع سَنّ قلمي في عيون الطغاة، وتلقيت رسائل شكر من شباب تونسيين وليبيين وسودانيين ويمنيين وغيرهم لأن كتاباتي كانت مُحرّضة ومشجعة.

واتصلت خلال ثورة يناير 2011 بشباب الثورة في التحرير وأبلغني أحدهم أنهم كانوا يتدارسون في الميدان كتاباتي الثورية والتحريضية ضد مبارك.وأكد لي لواء شرطة كبير خلال أول زيارة بعد أحد عشر عاما( 9 مايو 2011) أن مباحث أمن الدولة ليست المسؤولة عن وضع اسمي في قائمة المترقب وصولهم؛ لكنه أمن الرئيس.. بأوامر شخصية من حسني مبارك، لص الثلاثين عاما.رحم الله مكرم محمد أحمد فقد كان ملك الوشاة ضد الإعلاميين والذراع الأيمن لأجهزة تأديب الصحفيين الذين يخرجون عن طاعة الديكتاتور.

أجهزة الاستخبارات العربية تتعاون بصدق وإخلاص لاغتيال الإعلامي غير المطيع، لكنها تُغمض عينيها عن الطابور الخامس ذي النجوم السداسية، فالكوهينيون العرب أحرار ما لم ينتقدوا زعيما عربيا!سبقنا مكرم محمد أحمد إلى أحضان دود الأرض، وكلنا سنلحق به بعد حين!

محمد عبد المجيد طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين أوسلو في 15 ابريل 2021

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.