الخميس , مارس 28 2024
محمد توفيق جاد الله القباحى

أصبحت مغسلاً رئيسياً لموتى كورونا لأول مرة ولكن لأغلى الناس فى حياتى

ومرت أيام العيد , وبلغني أن أحد أقربائي وهو خالي العزيز مريض , وكان أعز الناس لدى بعد المرحومة أمي ؛ لأنه كان يصل رحمه , ويسال علينا باستمرار ورغم كبر سنه كان يتقدم هو لكي يسلم علينا عندما نقف لكي نسلم عليه , وكان يدعونا  دائما لتناول الطعام معه .

لأنه كان كريما في كل شيء معي  ومع كل أقربائه فذهبت إليه إلي منزله لأزوره وأرى ما به , فوجدته مريضا جدا وكان يعاني من بعض ضيق النفس , وعندما زاد المرض تم دخوله العناية المركزة , وكنت أتردد عليه بين الحين والحين للإطمئنان عليه

في أحد الأيام كان معي بعض المال لكي يتم به تجهيز أكفان . وكانت هذه الأموال من متبرعين بها , طلبت من أحد المغسلين تجهيز عدد من الأكفان وطلبت منه أن يكون الكفن على أكمل وجه . من طول وعرض الكفن وتجهيز كل ما في الكفن من الليفة للغسيل ، زيت الكافور ، القطن ، الشاش ، الصابون .

وفى هذا اليوم استلمت كفنا لكي أراه , وأتمم على ما فيه ، فأخذته مباشرة ووضعته في سيارتي ، ودخلت بيتي مع صلاة العصر ، وفجأة رن التليفون ، على الطرف الآخر أقربائي يبكون ويعلو صوتهم من البكاء لقد توفى خالي العزيز ، نزل الخبر عليّ كالصاعقة . واكملوا كلامهم هل سوف تأتى لكى تغسله ؟

قلت : نعم ,اكملوا كلامهم  هل معك كفن ؟

قلت : نعم معي كفن وانا لم ارى الكفن بعد ، وايقنت في هذا الوقت أن الأكفان  التي  استلمتها منها كفن  سوف يكون لقريبي , وأيقنت أنى في اللحظة التي هربت منها كثيرا أن أكون  مغسلا رئيسيا , قد جاءت هذه اللحظة وسوف اصبح المغسل الرئيسي لقريبي العزيز

ذهبت الى المنزل وحضروا بقريبي من المستشفى وتزاحم الأهل والأقرباء لكى يلقوا النظرة الأخيرة عليه , لا تهم كورونا او غيرها لا يهم العدوى .

فإن الذى مات أعز علينا   من كل شيء فلا يهم أي شيء , وتزاحم الجميع من حولى ، وأنا اقوم بالغسل , منهم من يصرخ , ومنهم الحزين , ومنهم من يبكى  , والكل منهار من الحزن , قلت لهم ساعدوني لكى أتم الغسل فأنا مثلكم حزين ,

وغسلناه على اكمل وجه وتم إخراج الكفن من الكيس وكنت اراه لأول مرة , وكان كفنا كبيرا به كل شيء كما تمنيته , كل مهمات الكفن كانت موجوده به , وتم الغسل وتمت الجنازة وكانت جنازه حاشده

وهكذا اصبحت الأن مغسلا رئيسيا , ولكنى لا أتقدم إلى الغسل الا في الضرورة القصوى ,  وهكذا اصبحت في الجائحة الغير متوقعة مغسل كورونا . واصبحت افخر بهذا اللقب الجديد , وصار اللقب محببا الى قلبي .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.