الأربعاء , أبريل 24 2024
الدكتور إيهاب أبو رحمة

كورونا ، الأطباء وعشوائية التوزيع !!

د. إيهـاب أبورحـمه

لا شك أننا في أيام عصيبه ، أيام عانينا ونعاني فيها جميعاً من ويلات كورونا المستجد و كان لنا نحن معشر الأطباء النصيب الأعظم.

شهور مرت و مازلنا نحمل فوق اكتافنا مسئولية الصراع القوي مع كائنات لا نراها بل و في معركه غير متكافئة تماماً مع عدوٍ شرس لا قبل لنا به دون أسلحة و دون حتي أن نراه وكأنه شبح لا نعرف متي ولا كيف يضرب فينا ولا أين سنتلقى ضرباته!!.

لم يكن صراعنا معه إلا واجبنا الدائم و الحتمي والذي لا يمكن أن نتقاعس عنه فنحن جنود الله في هذه المعركه كتب علينا القتال و وجب علينا أن نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن ننصر مصرنا و أهلنا ضد هذا المرض قدر استطاعتنا و بدعم من خالقنا و عونه و دعوات شعبنا العظيم.

ولكن ذات يوم بل بين ليلة و ضحاها تصدر قرارات لأطباء الزمالة المصرية بإخلاء مفاجئ و قهري و مباشر من أجل توزيع علي مستشفيات الجمهوريه لمدة شهرين قابله للتجديد و دون مراعاة لسكن هؤلاء الأطباء ولا مراعاة ظروفهم الأسرية و الاجتماعيه و كذلك دون مراعاة ظروفهم المعيشيه متناسيين ضعف و تدني رواتب الأطباء

والتي لا تكفي لمصاريف تنقلاتهم للعمل داخل نفس مدينة عملهم السابق فما بالنا بتكاليف التنقلات خارج مدن سكنهم.

ولعل الجميع يعلم أن الأطباء لا يعيشون علي مرتباتهم الحكوميه وأنهم كالباعة الجائلين يقضون ما تبقي من ساعات فراغهم يتنقلون بين المستشفيات من أجل استمراريه حياه أسرهم ، و مع هذا و في سواد الليل تصدر قرارات يُفرض عليهم ترك حتي ما يحافظ علي استمرارية حياتهم مقابل استمرار الزماله و كأنها مقايضه رخيصه إما الانتداب و إما إلغاء فترة الزماله وشهادتها و هي ما يتحمل الأطباء الغالي و الرخيص من اجل الحصول عليها

ويتحمل فقر الرواتب و توزيع قد يكون خارج محافظته التي عاش فيها طوال حياته.

بالطبع لا يمانع الأطباء خدمة ابناء مصر ولكن دون إجحاف و دون مقايضه رخيصه مهينه هدامه لأسرهم فمن ذا الذي يتحمل شهرين كاملين بنفس الراتب المهين الذي لا يكفي تكاليف تنقلاته مع قطع مصدر رزقه الذي يساعده علي مرور فترة زمالته الصعبه .

شكاوي عديده و قصص مريره سمعتها و عشوائيه مريبه رأيتها أقص عليكم بعضٍ منها:

فهذا طبيب من الصعيد جاوز الأربعين من عمره و عمله الأساسي في صعيد مصر استلم زمالته في شمال مصر ونقل أسرته حياتهم و مدارسهم و كل ما يخصهم فيها و لم يتجاوز راتبه ٤ الاف جنيهاً يصرفها علي مواصلاته الشخصية حيث يبعد عمله (مستشفي عزل) ب ٧٥ كم عن بيته و مع الأيام تأقلم للعمل في مشافي أخري لتعينه

و أسرته ، إذا به يفاجأ بقرار انتداب لمحافظه أخري تبعد عن بيته ٣٠٠ كم فلا هو عاد الي مقر عمله الأصلي ولا تركوه في مقر إقامته الجديده بحجه العمل في مستشفي عزل رغم انه يعمل في عزل أيضاً و لكن سبحان الله .

وهذا أخر من محافظات الدلتا والتي نقل لها الطبيب الأول جبراً نُقل هو الأخر غصباً إلي صعيد مصر .

فأني تعقلون؟؟.

توزيع عشوائي دون مبرر و مشروط باستمرارية تدريب الزماله دون مراعاة لجوانب انسانيه ماديه و لا حتي عقلانيه ، فلماذا لم نترك كل طبيب في محافظته بدلاً من نقل ابن الصعيد لمحافظات الشمال و العكس و لماذا نطيل فترة الانتداب حتي لا يخسر كل طبيب مصدر رزقه بعد أن أقلم نفسه علي مدار شهور سابقه.

و كأنك تشعر أن أحدهم نظر إلي قائمة الأسماء مقسماً اياها إلي مجموعات و موزعاً ضحاياه علي المحافظات دون خطط مسبقه و دون أي مراعاه لأي ظروف لا عمريه و لا اجتماعيه أو حتي إنسانيه.

لماذا لا نحافظ علي قوتنا الذهبية الناعمة و في ظل هذة ألازمه الحرجه التي اعلمت الجميع قيمة الطبيب كما هي معلومه في دول العالم الأول؟ لماذا نصر علي إذلالهم و مقايضاتهم بسنوات تدريبهم مقابل انتدابهم؟

هل بهذا نحافظ عليهم ؟ فلنعلم أن بمثل هذه الأفعال سنفقدهم في السنوات القادمه لا محاله كما هو الحال مع شباب الأطباء الان الاخذين في الرحيل خاصة و ان دول العالم اجمع تفتح زراعيها لكل طبيب.

مره أخري لا ندعو إلي الهروب من المسئوليه الملقاه علي عاتقنا و لن نتخاذل عن تأدية دورنا أبداً و لكن نرجو التعامل بكل عقلانيه و حكمه و لو لزم الأمر لانتدابهم فليكن بالقرب من مساكنهم أو لأيام معدوده قليله حتي لا نشق عليهم و لتكن فتره قصيره لا شهور عديده ولابد من مراعاة أعمار الأطباء و لابد من مضاعفه المقابل مرات لمن يرتضي الذهاب لفترات طويله حتي يستطيع الذهاب بكرامه تاركاً أسرته دون أن يبحث لهم عن عائل وكذلك توفير وسيلة مواصلات كريمه أمنه …..

مره أخري … نرجوا من المسئولين و القيادات العاشقه لتراب مصر و الهادفه للمصلحه العامه ليكن المبدأ لا ضرر ولا ضرار … نرجو توزيع عادل سليم لا عشوائي … نرجو اعادة التفكير في طرق سد فراغ الأطباء في مناطق العجز لنصل للاستفاده المثلي دون الإضرار بمصالح الأطباء فيكفي الأطباء ما يعانوه من ضغوط رهيبه لم يعهدها العالم كله ..

الرحمه يا أولي الألباب…

شاهد أيضاً

الجلواح ( اليونسكو ) والبابطين والإبداع المصري !!

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي عندما تكتب القصيدة العربية الثرية بالحكمة والترفع عن كل الأهواء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.