الجمعة , مارس 29 2024
جهاد صالح

المرأة والتاريخ والفن .

بقلم .. جهاد صالح
في العصر الحجرى القديم تشير طبيعة الحياة و البيئة التى أحاطت بالأنسان الأول في الحقبة السحيقة من عمر البشرية إلى أن الطقس المتقلب شديد البرودة للعصر الجليدى قد دفع الانسان إلى الهجرة و اللجوء إلى الكهوف هربا من التجمد تحت صقيع أكوام الثلج المتساقط من السماء
و قد دفنت هذه الثلوج الكثير من نباتات الرعى و الحيوانات التى لجأ الانسان إلى صيدها
حتى قام الانسان بالهجرات المتكررة خلف قطعان الصيد
و نتيجة هذه الظروف البيئية الشديدة قامت الحيوانات المفترسة بمهاجمة البشر مما أدى إلى تدنى متوسط الأعمار البشرية إلى ما دون الأربعين.
و من ثم تكون المرأة المفضلة هى المرأة الأقدر على احتمال المشقة و ظروف الهجرة.
و تكون أيضا الأخصب لتعويض ما تفقده القبيلة من أبناء.
و من ثم تكون الصورة الأعم للمرأة فى تلك الحقبة من تاريخ الفن قبيل شروق شمس الحضارات القديمة قد اظهرتها (بدينة متينة البنيان تضخمت فيها معالم الأنوثة كالصدر و الارداف) دلالة على الخصوبة و كثرة الانجاب.
كما يدل اغفال ملامح الوجه أو اتسامها بالغلظة على عدم الاهتمام بالوجه مقارنة بالخصوبة و القدرة على الاحتمال.
أما في الفن القبطي فنجد أن الفنان المسيحى فى العصور الوسطى صور الانسان سواء كان رجل أو امرأة بصورة روحانية تسجل نقاء السريرة و صفاء الروح
و أهم ما تميزت به المراة فى الفن القبطى هو العيون الواسعة الصافية التى تزخر بالود و تكشف عن الشفافية و نقاء الروح و تعلو أغلب الوجوه ملامح البسمة الخفيفة التى يشوبها الحزن و الرضا معا
و لم يكن الهدف من تصوير المرأة هو اظهار جمالها بل كان الهدف هو اكسابها الوقار و العفة و التبتل
و لهذا تشابهت على وجه العموم ملامح أغلب النساء حتى انه يصعب التفرقة بين شخصية و أخرى إذا ما تم عزل المرأة وحدها عن الخلفية.
كما ان أغلب النساء يتشابهن كثيرا فى شكل ملامحهن من صورة العذراء.
و غالبا ما نرى فى الفن القبطى ان رؤوس الاشخاص ضخمة و الأعين متسعة و نسب الأجساد ضعيفة
(فالرؤوس الضخمة رمز للإله و الأعين المتسعة علامة البصيرة الداخلية و ضعف الأجساد دليل على الزهد فى الدنيا ).
في حين نجد الفنان المصري القديم احترم المرأة و لم يصورها على شكل اشتهاءاته و إنما اعتبرها كيانا له ذاتيته و خصوصيته.
فلم يبالغ في تضخيم ما يعتبره مثيرا من أعضائها و لم يعرها إلا بالقدر الذي عرى به الرجل .
كما مثل الفنان المصري القديم الرجل منفرج الساقين كأنه يمشي ، فيما مثلت المرأة مضمومة الساقين ، الشيء الذي يستبعد تماما آية شبهة و لو ضئيلة لإستغلال تصوير شفافية الثياب او عرى المرأة الجزئي و الكامل لأغراض شهوانية ، كما أن تصوير المرأة مضمومة الساقين دليل أيضا على حيائها.
و لم يبرز الفنان المصري أى ملامح مميزة للمرأة باستثناء العهد الاخناتوني الذي صورت فيه الاشخاص بصورة اقرب للواقع و ذات ملامح واضحة كما نرى في وجه نفرتيتي على سبيل المثال.
فالمرأة فى العهد الاخناتونى كانت رشيقة من دون نحافة ، رخصة البدن ، صاحبة بشرة فاتحة الى حد ما ، نجلاء العيون ، كحلاء الرموش ، ناعسة الجفن بعض الشيء ، صغيرة الأنف ، ممتلئة الشفتين ، ناهدة الصدر ، جعداء الشعر
و برغم هذا التصوير لا نجد الإثارة المبتذلة تماما ..

كما مثل الفنان المصري القديم الزوجة في اوضاع مختلفة بجوار زوجها ، حيث جلست او وقفت و لكن بإرتفاع قامة يقل عن ارتفاع قامة الزوج ، كما ظهرت في بعض الأحيان جاثية بجوار ساق زوجها لتأكيد اهمية الرجل و تبيان دور المرأة في مساندته .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.