السبت , أبريل 20 2024
وفيات الأقصر
هاجر الحكيم مع والدها

أبى وأمى لا وطن هنا بعدكم مهما كان ومهما حدث.

بقلم : هاجر الحكيم
اي حماقة ترتكب حينما تختزل حياة إنسان في ورقة، “شهادة الوفاة”، ، بكل البرود الذي يعتري الموظف في مكتب الصحة ، وهو يخرج لك هذه الورقة التي تعلن لك واقعيا أن حياتك بالفعل انقلبت رأسا علي عقب.


وعن شعورك أنت الذي لا تملك أن تحدد ماهيته، وصورته، بل حتي لا يمكن ان تحدده بفاهيم واضحة، تشعر احيانا ان بداخلك ضجيج ثم صمت وسكون ثم ثورة علي كل شيء أولها نفسك، وعلي كل من حولك تقريبا، ربما تكون هذه الثورة رهينة بمدي قوة الوازع الديني للشخص.

لكن بالنسبة لي، جاءت خسارة ابي، بمثابة كابوس، لا ادري متي سينتهي، بمثابة مسرحية تراجيدية يرقص فيها البطل ذبيحا معلنا ان اليوم فقد كل شيء.
لا انسي حينما كنت طفلة في شهر رمضان ، وكنت في حقيقة الامر لا اصوم، وكان أبي يحضر لي مجلات الأطفال لأقرا منها، وقمت يومها بكتابة موضوع عن شهر ” رمضن” كتبتها هكذا، وضحك وصححها لي، وكما سمح لي ان اتذوق العصير لأحكم علي مدي جودته.


كم ركضت من المنزل الي أول الشارع لاستقل معه الدراجة، وكم جاء متعبا من عمله ومع ذلك لم ينهرني علي محاولاتي بوضع بطن قدمي علي قدمه ليرفعني “مثل المرجيحة” لالعب، وأصبحت لا ارديا افعل مثل ابي مع ابنة اخي، كم ارهقته ليكرر لي قصة سيدنا يوسف الي سمعتها كثيرا.


كما ناديت عليه “بابا الضرب حرام في رمضان، واختبار الرياضة جبت فيه درجة وحشه”، كان يضحك ويقول متفقين.


كبرت وكبر هو معي وكبر حبي له، اصبحت مهما كبرت طفلة في نظره ، واحببت انا هذا الدور جدا وكنت اتقنه حتي اخر لحظات حياته ببراعه، مع بعض القوة ايضا التي كان هو سببا فيها، كنت انا التي احدد بعد امي بشكل خاص ان ابي يحتاج الي زيارة الطبيب، تعلمت مع امي كيف اقيس الصغط لابي، وكيف اسعفه.


لم يضربني ابي قط، تعامل معي دائما انني حرة، قادرة علي معرفة الصواب والخطأ ، بعد ما ذرع بداخلي القيم التي يؤمن بها، وآمنت معه انا بها، مهما ارهقته بما فعلت ومهما طلبت منه ان يشرح لي ” بابا هوانا غلط في اللي حصل ولا صح”، وهو دائما ما يعلن ” بلاش تخوفي الناس منك، بالراحه”.


كنا نلعب سويا كثيرا، وكان يضحك دائما، وكم كنت اهابه اذا نظر لي وعينه تصيبها الحمرة، غضبا مما فعلت، وكم قال لي أذا سالته ” امتي هتجوزني كلام الناس كتر علينا ولازم نوضع حد للأوشاعات دي، ليرد انا مش هتجوز بنت مشيت معاها ومسكت ايديها”، “علمني ابي حب الكتب، وعشقها وتنفسها مثله، علمني الغضب وعدم الرضي علي هذا الوطن الذي في الحقيقة لم يقدم لنا اي شيء سوي المرض ورفع الضغط والمرارة، والحب من طرف واحد” بنحب البلد من طرف واحد وهي مبتبحناش”.

حياتك يا ابي انت وأمي لم تنتهي ولن تتوقف باقية ما بقينا نحن، وان شاء الله سنكون خير خلف لكما، لا تنسوني، ولن انساكم، ادعوا لي ان يكون اللقاء قريب، فلا وطن هنا بعدكم مهما كان ومهما حدث.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.