الجمعة , أبريل 19 2024
مختار محمود

كلمة “المُرِّي”..المريرة!

مختار محمود

“تهيبُ المحكمة بعلماء الأمة دينًا واجتماعًا وإعلامًا وثقافة وفنًا، أن خذوا بأيدي الناس الي أحكام الدين الحنيف وقيم ومبادئ هذا المجتمع الأصيلة القويمة، ولن يتأتي ذلك إلا بتكاتفٍ يكونُ فيه صالحُ هذا الوطن نُصب الأعين وفي مُهجة القلوب»..نصًا من منطوق حكم محكمة جنايات المنصورة في واقعة قيام شخص بهتك عرض شقيقته بمساعدة آخر؛ بغرض الاستيلاء على ميراثها الشرعي، وهى القضية التي أثارت جدلاً عارمًا وغضبًا شعبيًا.

رئيس المحكمة المستشار البليغ بهاء الدين المري نكأ الجراح؛ عندما وجَّه كلامه إلى مَن وصفهم بـ”علماء الأمة دينًا واجتماعًا وثقافة وفنًا” بأن “يأخذوا بأيدي الناس الي أحكام الدين الحنيف وقيم ومبادئ هذا المجتمع الأصيلة القويمة”، وتضاعف الألم عندما لم يكتفِ بالتشخيص، بل وضع وحدد العلاج الناجع- من وجهة نظره- عندما قال:” ولن يتأتي ذلك إلا بتكاتفٍ يكونُ فيه صالحُ هذا الوطن نُصبَ الأعين وفي مُهجة القلوب».

مهلاً مهلاً معالي المستشار الجليل..ما هذه المثالية المفرطة؟ لقد اختلف الزمان غير الزمان، وغدت الأيام غير الأيام، ولم يعد العلماء كالعلماء، ولم يعد الدين دينًا ولا الإعلام إعلامًا ولا الثقافة ثقافة.

معالي المستشار الحصيف..إن هذا القضية- التي حكمت فيها بما أراك الله- ليست الأولى من نوعها، على خطورتها ومرارتها وقسوتها ودناءتها، بل تنطوي ضمن سلسلة طويلة وآثمة من الجرائم التي تتعجب منها شياطين الجن. شياطين الإنس صاروا أكثر إجرامًا ودناءة من شياطين الجن.

معالي المستشار النبيل..لقد ظهر الفساد في البر والبحر، وانتشرت الرذائل وتوغلت بين المصريين بوتيرة متسارعة؛ منذ أن تخلى مَن وصفتهم بـ”العلماء” عن رسالتهم وخانوا أمانتَهم، وانشغلوا بتوافه الأمور وصغائرها، وغدا “المال” أعظم أهدافهم، و”الترند” غاية مقاصدهم.

ألم يتناهَ إلى علمك أن جامعاتنا تكرم العوالم وتخاصم العلماء، وأن مشايخنا مشغولون بغرائب الفتاوى وبزواج الجن وإنجاب العفاريت عما سواها؟ معالي المستشارالقدير..يمكنك الرجوع إلى أرشيف صفحات الحوادث خلال هذا العام الذي يحزم حقائبه للرحيل؛ لترى بنفسك القاع الذي تردَّى المصريون فيه، ولتعلمَ أن أخلاقهم قد بلغت الحضيض.

معالي المستشارالأريب..إن الدين الذي تدعو مَن وصفتهم بـ”علماء الأمة” أن يأخذوا الناس إليه، صار نسيًا منسيًا ومهجورًا بين أهله، وغريبًا كما تنبأ الرسول الكريم قبل أكثر من 1400 عام، حتى صار القابض على دينه كالقابض على الجمر.

إنهم يريدون نفيَ الدين وإعدامه، ويزدرون كل من ينافح عنه.

معالي المستشار الحكيم..لا الفن ولا الثقافة ولا الإعلام يألون اهتمامًا بالدين.

الدين خارج اهتمامهم أساسًا.

إنهم يتسابقون في التفاهة ويتسارعون في التسطيح، ويتبارون في التجهيل. معالي المستشار القدير..لقد تخلت المدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة عن أدوارهم الأخلاقية والتربوية طوعًا أو كرهًا، فسقط المجتمع سقوطًا مروعًا، وتفشى بين أفراده كل قبيح، فهتك الأخ عرض أخته، وحملت الابنة من أبيها، وقتل الأب زوجته وأولاده، وأصبحنا نستيقظ كل ساعة على حوادث تستعصي تفاصيلها على خيال أعظم المؤلفين تشاؤمًا وسوداوية.

معالي المستشار بهاء الدين المري..لقد أوجزت فأعجزت فأنصفنت فأحسنت، غير أنه لا حياء لمن وجهت إليهم كلمتك التي تتحدى بلاغتها مرارتها، وتقهر مرارتها بلاغتها، فقد اتسع الخرق على الخارق والرتق على الراتق، وربما لم يأتِ الأسوأ بعد، وإذا كان الملح يقي الفساد-كما قلت وذكرت في عظتك الرصينة البليغة- فمن يصلح الملح إذا فسد الملح؟!

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.