الخميس , أبريل 18 2024
الكنيسة القبطية
نانا جاورجيوس

غَطَسْت يا نُصْرانى صَيِّفت يا مُسلم بعد أربعِينين…

هذا المثل الشعبي القديم، يخبرنا أن المصريين كانوا يُصيِّفوا بعد ثمانين يوماً من عيد الغطاس، يظهر مدى أن عيد الغطاس كان عيداً قوميا وإحتفالا رسمياً في التراث الشعبي بمصر، الذي سجله الكثيرين من المؤرخين المصريين المسلمين والأقباط ومن المؤرخين العرب الذين زاروا مصر، أمثال المقريزي و أبو الحسن المسعودي و إبن إياس وغيرهم الكثير والكثيرن ممن سجلوا إحتفالات تلك الليلة المصرية


يروي المقريزي عن عيد الغطاس…

{ إنه يُعمل بمصر فى اليوم الحادى عشر من شهر طوبة، وأصله عند النصاري إن يحيى بن زكريا عليه السلام ، المعروف عندهم بيوحنا المعمدان عمد المسيح، أى غسّله فى بحيرة الأردن، وعندما خرج المسيح عليه السلام من الماء، اتصل به الروح القدس، فصار النصارى لذلك يغمسون أولادهم فى الماء فى هذا اليوم وينزلون فيه بأجمعهم، ولا يكون ذلك إلا فى شدة البرد، ويسمّونه يوم الغطاس، وكان له بمصر موسم عظيم إلى الغاية}

و يروى عنه المؤرخ المسعودي في مروجه في العصر الأخشيدي:


كان لليلة الغطاس شأن عظيم، وكان الناس- مسلمون ومسيحيون- لا ينامون فى هذه الليلة .وقد حضرالمسعودى سنة (330 هـ) ليلة الغطاس بمصر، والأخشيد محمد بن طفج أمير مصر فى قصره، فى جزيرة منيل الروضة، وقد أمر بإقامة الزينة فى ليلة الغطاس أمام قصره، من جهته الشرقية المطلة على النيل، وأوقد ألف مشعل، غير ما أوقد أهل مصر من المشاعل والشموع على جانبى فرع النيل،، فيقول:..
{ ولليلة الغطاس بمصر شأن عظيم عند أهلها، لا ينام الناس – فيها، وهي ليلة إحدى عشرة تمضي من طوبة وستة من كانون الثاني.


ولقد حضرت سنة ثلاثين وثلثمائة ليلة الغطاس بمصر، والإخشيد محمد بن ظغج في داره المعروفة بالمختارة في الجزيرة الراكبة للنيل والنيل يطيف بها، وقد أمر فأسرج من جانب الجزيرة وجانب الفسطاط ألف مشعل غير ما أسرج أهل مصر من المشاعل والشمع، وقد حضر النيل في تلك الليلة مئو آلاف من الناس من المسلمين والنصارى، منهم في الزوارق، ومنهم في الدور الدانية من النيل، ومنهم على الشطوط، لايتنا كرون الحضور، ويُحْضِرون كل ما يمكنهم إظهاره من المأكل والمشارب والملابس وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهي والعزف والقصف، وهي أحسن ليلة تكون بمصر، وأشملها سروراً، ولا تغلق فيها الدروب، ويغطس أكثرهم في النيل، ويزعمون أن ذلك أمان من المرض ومبرئ للداء}

و عيد الغطاس فى العصر الفاطمى كان في أزهى عصوره إحتفالاً، لأن الفاطميين أتوا لمصر بكامل ثرواتهم على عكس الغازيين السابقين الذين نهبوا خيرات مصر

حيث أغدقوا على كل المصريين بمن فيهم من أقباط وجعلوا أعيادهم رسمية وإشترك الخليفة بنفسه في الإحتفالات كعيد الغطاس والنيروز والميلاد المجيد وخميس العهد
وكانوا يوزعون من خزائنهم بلا تفرقة بين مسيحي ومسلم، ولكل مواطن نصيب مما يتم توزيعه من عطايا ومنح وأطعمه خصوصاً عند الإحتفال بعيد الغطاس وكان توزيع القصب رمزا لهذه الليلة بعد أن تنصب الخيام على الشواطئ وتوقد المشاعل والأنوار في ليل القاهرة، و يأتى الكهنة والرهبان وبأيديهم الصلبان، ويقيمون قداساً طويلاً (قداس اللقان).


و يذكر بن إياس :

إن نهر النيل كان يمتلئ بالمراكب والزوارق، ويجتمع فيها السواد الأعظم .. من المسلمين والنصارى، فإذا دخل الليل تُزين المراكب بالقناديل، وتُشعل فيها الشموع، وكذلك على جانب الشواطئ يُشعل أكثر من ألفى مشعل وألف فانوس، وينزل رؤساء القبط فى المراكب، ولا يُغلق فى تلك الليلة دكان ولا درب ولا سوق، ويغطسون بعد العشاء فى بحر النيل، النصارى مع المسلمين سوياً، ويزعمون أن من يغطس فى تلك الليلة يأمن من الضعف فى تلك السنة.
وهكذا سجل التاريخ المصري الإحتفال بليلة عيد الغطاس كتراث شعبي مصري خالص، ولكن مع الوقت وإنتشار روح دخيلة على الشعب المصري إختفت تلك المظاهر الشعبية .

– هذه الصورة النادرة لأقباط فى نهر الاردن- نهر الشريعة سنة 1900 أثناء التقديس
وهي صورة نادرة محفوظة فى مكتبة الكونجرس ومنشورة في موسوعة تاريخ أقباط مصر

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.