الخميس , أبريل 18 2024
متي المسكين

في ذكرى رحيله : الأب متى المسكين وخبر نياحته في عيون وكالات الأنباء المحلية والعالمية!

د.ماجد عزت إسرائيل

بعيدًا عن الكلمات أو المصطلحات الصعبة التي يتم تمريرها أو إطلاقها على الأب متي المسكين (1919-2006) سواء في حياته أو بعد رحيله؛ وسواء نتفق معها أو نختلف، دعونا نتفق جميعاً على أن هذا الأب ترك تراث ثقافي وإرث للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

فكتاب”حياة الصلاة الأرثوذكسية”، وأيضًا “الرهبنة القبطية في عصر القديس أنبا مقار:حياة القديس أنبا مقار،منهجه الروحي، تاريخ ديره على مر العصور”، وغيرها من الإصدارات التي تعد مرجعًا لمئات الباحثين في كل المسكونة.

بالَاضافة إلى إعادة تعمير وهيكلة دير القديس أنبا مقار الذي يعد أحد كواكب ببرية شيهيات بوادي النطرون.

ولذلك تصدر خبر رحيل هذا الأب وكالات الأنباء المحلية والعالمية ولايزال حديث الصحافة والإعلام حتى بعد رحيله بنحو أكثر من عقد ونصف من الزمن.

 والأب متى المسكين (1919-2006)، اسمه العلماني أي قبل الرهبنة يوسف إسكندر.

ولد في20 سبتمبر 1919؛ لأسرة فقيرة شأنها شأن السواد الأعظم من المصريين عندئذ.

وقد تلقى تعليمه الإساسي بالمنصورة. والتحق بعد ذلك بمدرسة شبين الكوم الثانوية

وكان من بين المتفوقين بالثانوية العامة، والتحق بجامعة القاهرة-كلية الصيدلية في الفترة ما بين(1938-1944)

وكان من بين رواد مدارس الأحد وبعد تخرجه إدي الواجب الوطني-الخدمة العسكرية بالقوات المسلحة المصرية-

وبعدها عمل بإحدى صيدليات مدينة الإسكندرية،ثم إنشأ صيدلية مستقلة بالبحيرة

وبعد نجاحه كصيدلى ترك العالم وباع كل شىء وترهبن بدير السريان

وقد اسند إليه البطريرك مهمة تعمير دير الأنبا صموئيل المعترف، ثم دير أنبا مقار.

ورحل هذا الأب عن عالمنا الفاني بسلام في 8 يونيو 2006.

  لقد رحل الأب متي المسكين عن عالمنا الفاني في الساعة الواحدة فجر يوم الخميس الموافق 8 يونيو 2006

وفاضت روحه الطاهرة عن جسده الذي أرهقه المرض، صاعدة بتهليل إلى السماء، بعد رحلة كفاح على الأرض؛ مليئة بالأحداث عبر سنوات عمره،التي بلغت نحو 87 عاماً (1919-2006).

على أية حال، فمع تسرب خبر رحيل ووفاة الأب القديس متي المسكين إلى الإعلام بشتى أنواعه، المرئى والمسموع والمقروء، فسرعان ما انتشر الخبر في شتى المسكونة، فعبََّرالتلفزيون المصري عن تعازيه عن هذا الأب القديس في نشرة أخبار الساعة التاسعة بالقناة الأولى المصرية في مساء ذات اليوم في صدر أخبارها

وتناولت الإذاعة المصرية ذات الخبر، مع سرد مختصر لسيرته الذاتية، بينما سارعت جريدة الأهرام المصرية بنشر هذا الخبر على صفحتها الأولى يوم الجمعة 9 يونيو 2006 السنة 130 العدد 43649 فقالت: “رحل أمس الراهب والعالم الكنسي الأب القمص متي المسكين‏,‏ عن عمر يناهز السابعة والثمانين‏,‏ وهو الأب الروحي لدير القديس أبو مقار من (مايو‏1969-8 يونيو2006‏).

ويُعد الأب متي المسكين المولود عام ‏1919‏، وخريج كلية الصيدلة عام‏1944،والذي دخل عالم الرهبنة عام ‏1948،من باعثي النهضة في الحياة الرهبانية القبطية، وسيدفن جثمان الأب متي المسكين في دير أبو مقار‏”.

   وقد تناولت جريدة وطني الأسبوعية والتي تصدر كل يوم أحد، وبالتحديد يوم الأحد11 يونيو2006، وعلى لسان المتنيح نيافة الحبر الجليل الأنبا ميخائيل رئيس دير أنبا مقار ومطران أسيوط السيرة العطرة للأب متي المسكين

قائلاً: “عاش‏ ‏راهبا‏ ‏ديريا‏ًً ‏وناسكاً‏ ‏فاضلاًً‏ ‏حتي‏ ‏الثامنة‏ ‏والثمانين‏ ‏من‏ ‏عمــره ‏الأرضي،‏ وانتقل‏ ‏إلى ‏الأبدية‏ ‏السعيدة‏ ‏فجر‏ ‏الخميس‏ ‏الثامن‏ ‏من‏ ‏يونية الجاري، ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏قاوم‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏الأمراض‏ ‏الجسدية‏ ‏خــــلال‏ ‏السنوات‏ ‏العشر‏ ‏الأخيرة‏

‏نشأ‏ ‏محبا‏ًً ‏لكنيسته‏ ‏الخالدة‏ ‏منذ‏ ‏طفولته‏ ‏وحداثته‏ ‏الباكرة‏، ‏وكان‏ ‏موهوبا‏ًً ‏بالكتابة‏ ‏المسيحية، ‏ومتــميزاً‏ ‏بأسلوبه‏ ‏الروحي‏ ‏منذ‏ ‏فجر‏ ‏شبابه‏، ‏هـكذا‏ ‏نما‏ ‏وسَمَت‏ ‏عباراته‏ ‏البليغة‏ ‏وارتقت‏ ‏في‏ ‏مفهومها‏ ‏وجوهرها‏ ‏واستمرت‏ ‏حتى‏ ‏النهاية‏، إذ‏ ‏أحس‏ ‏في‏ ‏أعماقه‏ ‏بحلاوة‏ ‏تكريس‏ ‏الحياة‏ ‏بجملتها‏ ‏للمــلك‏ ‏المسيح‏ ‏شق‏ ‏طريقه‏ ‏الرهباني‏ ‏وصار‏ ‏باكورة‏ ‏للمتعلمين‏ ‏وذوي‏ ‏الشهـــــــادات‏ ‏العليا‏ ‏ليلتحقوا‏ ‏بالأديرة‏،‏ وتتلمذ‏ ‏علي‏ ‏يديه‏ ‏الكثيرون‏، وبعد‏ ‏رحلته‏ ‏الطويلة‏ ‏والشـــاقة‏ ‏

انطلق‏ ‏هـذا الراهب‏ ‏المثالي‏ ‏نحو‏ ‏الملكوت‏ ‏السمائي‏ ‏عقب‏ ‏عيد‏ ‏الصعود‏ ‏الإلهي‏، ‏وقبل‏ ‏عيد‏ ‏العنصرة‏ ‏وحلول‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏الذي‏ ‏أفاض‏ ‏في‏ ‏الكتابة‏ ‏عنه‏ ‏عدة‏ ‏مرات‏ ‏وكــان‏ ‏موضوعاً‏ ‏رئيسيــاً‏ ‏لتأمــلاته‏ ‏التي‏ ‏انفرد‏ ‏بها‏ ‏وثارت‏ ‏حـــولها‏ ‏مناقشات‏ ‏وتساؤلات‏ ‏وأيضا‏ ‏ كانت‏ ‏عرضة‏ ‏لكثير‏ ‏من‏ ‏التعــليقات‏ ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏لا يقدر‏ ‏أحد‏ ‏أن‏ ‏ينزِّه ‏نفسه‏ ‏عن‏ ‏الأخطاء‏ ‏والهفوات‏ ‏ولـو‏ ‏كانت‏ ‏حياته‏ ‏يوماً‏ ‏واحداً‏، ‏وكما‏ ‏يقول‏ ‏البعض: لكل‏ ‏عالم‏ ‏هفــــــــوة.

‏ولكن‏ ‏للحق‏ ‏والتاريخ‏ ‏أقول‏ ‏بأن‏ ‏الأب‏ ‏القمص‏ ‏متي‏ ‏المسكين‏ ‏كان‏ ‏علامــــة‏ ‏مضيئة‏، ‏ونقطة‏ ‏فاصلة‏، ‏ومرحلة‏ ‏جديدة‏ ‏للكتابة‏ ‏والتصنيف‏ ‏ملازما‏ًً ‏لحقبة‏ ‏رهبانيته‏، ‏وما زالت‏ ‏ممتدة‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏جاهد‏ كثيراً‏ ‏وصارع‏ ‏كفارس‏ ‏مناضل‏ ‏مسرعا‏ًً ‏صوب‏ ‏هدفه‏ ‏المنشود‏ ‏وهو‏ ‏محمول‏ ‏على ‏الأذرع‏ ‏الأبدية‏ ‏ومستودعاً‏ ‏رسالته‏ ‏التي‏ ‏بذل‏ ‏غاية‏ ‏جهده‏ ‏لأجلها‏، ‏واضعا‏ًً ‏إياها‏ ‏

بين‏ ‏يدي‏ ‏المسيح‏ ‏المخلِّص‏ ‏الذي‏ ‏يدين‏ ‏الأحياء‏ ‏والأموات‏ ‏فاحصاً‏ ‏أعماق‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏وما‏ ‏أصدق‏ ‏وعده‏ ‏القـــــائل‏: ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏آتي‏ ‏سريعـــا‏ًً ‏وأجرتي‏ ‏معي‏ ‏لأجازي‏ ‏كل‏ ‏واحد‏ ‏كما‏ ‏يكون‏ ‏عمله‏ ‏- مجدا‏ًً ‏لاسمه‏ ‏القدوس‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏. ‏آمين”.

  وتناولت جريدة الشرق الأوسط خبر رحيل الأب متى المسكين بعنوان رئيسي”:تشييع الأنبا(الأب) متى المسكين أشهر معارضي البابا شنودة” وفي مقدمته أستهل الكاتب قائلاًًًً: “شيع أمس في دير الأنبا مقار بوادي النطرون، شمال غرب القاهرة الأب متى المسكين الراهب القبطي المعروف، وأشهر معارضي البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية”.

وأكد الخبر: “أنه رفض أية رتبة كنسية أعلى، وأنه كان يقول لهم في عظاته وجلساته الروحية، إن الراهب الذي ترك العالم وتفرغ للعبادة، يجب ألا ينشغل إلا بالصلاة والصوم والقراءات الكنسية”.

  وأفردت جريدة التايمز البريطانية The Times في عددها الصادر يوم14 أكتوبر2006، مقالة بعنوان “اكتشاف قديس من داخل نسك وروحانية الصحراء” للكاتب الأسقف البريطاني “جيفرى راويل” أسقف جبل طارق، وممثل الكنيسة الإنجليزية أمام الاتحاد الأوروبى، والتي تناول فيه قصة حياة الأب متى المسكين، وكتاباته،

واختتمها قائلاً: “القديسون هم الذين تلامست قلوبهم مع الله، وهذا كان حقاً بالتأكيد ما يمكن أن يقال عن الأب متى المسكين أب البرية في أيامنا الحاضرة،الذي نشكر الله من أجله، أنا والكثيرين معى”.

كما شارك العزاء فى الأب متى المسكين،دير راهبات دير القديس يعقوب الفارسي المقطَّع (كنيسة أنطاكية للروم الأرثوذكس العرب) طرابلس- لبنان، فبرسالة رقيقة بدأتها الراهبة الأم سلام، رئيسة الدير ومشاركة أخواتها:

“لا تجدف إن أبى لا يموت” قول مأثور لراهب يؤمن بأن الآباء أحياء إلى الأبد بالله، وأختتمتها قائلة:

“نسأل الله أن يرتب خادمه الأب متى المسكين، الذي رقد على رجاء القيامة للحياة الأبدية في أحضان إبراهيم واسحق ويعقوب، وكما أقامه على الأرض خادماً في كنيسته، كذلك أن يجعله خادماً في مذبحه السماوي”.

وشارك دير شيفتوني ببلجيكا العزاء برسالة تعزية عنوانها: “ما أعظم تأثرى بهذا الخبر! الأب متى انطلق إلى الرب!”  من الأب عمانويل لان، عضو في لجنة المحادثات بين الكنيسة الكاثوليكية

والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مفادها: “لقد كانت كتاباته موضع قراءة وتأمل وشرح، وكان انتشارها يحقق أعظم منفعة روحية للجميع”.

أما أديرة إيطاليا فشاركت العزاء وكان على رأسها دير Bose الذي أرسل رسالة عزاء مضمونها: “نقدم تشكُّرات لإلهنا الوحيد على هذه العطية العظيمة– أعني أبانا متى – المعطاه للرهبنة وللكنيسة كلها”.

وعبَّرت دولة فرنسا عن حزنها لرحيل الأب القديس متى المسكين وجاء ذلك ضمن رسالة تعزية من إحدى الراهبات الفرنسيات ملخصها: “إن أبانا متى كان يحيا بقوة الإنسان الباطن، الذي يتجدد بينما الإنسان الخارجي يفني”.

ولقد وردت لدير أنبا مقار العديد من التلغرافات والرسائل للمشاركة في رحيل الأب متى المسكين من بعض أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية،والكهنة، وبعض الشخصيات السياسية وعلى رأسهم رئيس مجلس الشعب، وبعض الوزراء،وأساتذة الجامعات المحلية والدولية، وبعض الأشخاص من محبى الأب متى المسكين من داخل مصر وخارجها.

   وأخيرًا، ما أجمل ما كتب معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين قائلاً: “اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ.” (عب 13: 7).

وأيضًا “وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ».” (مت 10: 42).

ياليتنا نترك “القيل والقال “ونفكر في السلام الذي يهدف إلى البناء ويكون كَلَاَمنَا بلسما-كما عبر الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته: “كن بلسما إن صار دهرك أرقما” قائلا:  

كُن بَلسَماً إِن صارَ دَهرُكَ أَرقَما**** وَحَلاوَةً إِن صارَ غَيرُكَ عَلقَما

إِنَّ الحَياةَ حَبَتكَ كُلَّ كُنوزِها**** لا تَبخَلَنَّ عَلى الحَياةِ بِبَعضِ ما

أَحسِن وَإِن لَم تُجزَ حَتّى بِالثَنا**** أَيَّ الجَزاءِ الغَيثُ يَبغي إِن هَمى

 مَن ذا يُكافِئُ زَهرَةً فَوّاحَةً **** أَو مَن يُثيبُ البُلبُلَ المُتَرَنِّما

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.