الجمعة , مارس 29 2024
محفوظ ناثان
محفوظ ناثان

محفوظ ناثان يكتب : “العلم والإيمان”

نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ESA ووكالة الفضاء الكندية CSA أول صور كاملة الألوان وبيانات التحليل الطيفي لتلسكوب “جيمس ويب” العملاق، وذلك بإستخدام تقنية الأشعة تحت الحمراء يوم الثلاثاء ،الموافق 12 يوليو 2022 .

تمثل هذه الصور أول مجموعة من الصور كاملة الألوان وعالية الدقة وهي الاولى من نوعها لانها نافذة جديدة على تاريخ الكوكب الذي نعيش فيه.

هذا وتظهر في الصورة التي التقطها تليسكوب “جيمس ويب” آلاف المجرات التي تشكلت بُعيد الانفجار العظيم وولادة الكون قبل 13 مليار سنة.

يتبادر الى اذهان الكثيرين ان هنالك تعارض بين ما نسوقه الينا الادينا وما يتوصل اليه العلم خاصة في مسألة عمر الكون وكيف نشأ زنظرية النشوء والارتقاء عند “داروين” فهل هنالك حقا تعارض بين العلم والإيمان بالله؟ يقول “بيتير أتكنس” أنه يستحيل مصالحة العلم، وأن الإيمان بالله هو مجرد عاطفة معادية للعلم.

ويذهب “رتشارد دوكنز” إلى أن الإيمان هو واحد من الشرور العظمى وهو رذيلة، وأن العلم لديه دلائل بينما الإيمان يفتقر إلى الدليل.

ويدعمهم في ذلك “نيتشه” وغيره من الفلاسفة والعلماء الذين يؤمنون بالمذهب الطبيعي الفلسفي الذي ينظر إلى التطور باعتباره مكانيكية بيولوجية، وأن لكل شيء طبيعي سبب، والحياة العضوية هي حصيلة قوى عشوائية لم يوجهها أحد.

وأيضًا الذين يؤمنون بالمنهج الأرسطي في التفكير الذي يقوم على استنتاج ما يجب أن يكون عليه الكون بناء على مبادئ ثابتة.

وعلى النقيض تمامًا، فقد كان “جاليليو” مؤمنًا، وخاض حربًا ضروسًا ضد الكنيسة والاعتقادات التي سادت آنذاك، وقال أن العقل البشري هو أبرع أعمال الله، وأن الطبيعة مكتوبة بإصبع الله بلغة رياضية.

واعتقد “جون هوتن” أن العلم الذي نعمل فيه هو علم الله، والترتيب والتعقيد والاتساق والثبات الذي يميز العلم ما هو إلا انعكاس للنشاط الإلهي.

وأيدَّهما في ذلك “فرانسيس بيكون” الذي أجزم بأن التعليم بوجود إله فريد خالق مسؤول عن الكون لعب دورًا هامًا في تقدم العلم.

هل يجب علينا أن نختار التفكير العلمي أم الإيمان بالله؟ من الواضح أن العلماء الذين ينكرون وجود الله يصرون بشكل قاطع على الفصل بين العلم والدين لصالح العلم، ولا يؤمنون إلا بكل ما هو تجريبي.

إن التصريحات التي يطلقها العلماء عن الإيمان لا تعتبر بالضرورة تصريحات العلم، وليست بالضرورة صحيحة بل تقبل بآراء أصحابها.

وإذا نظرنا إلى عقيدة الخلق (فكرة ترتيب الكون) التي تشترك فيها المسيحية واليهودية والإسلام نرى أنها ساعدت في تقدم العلم. يقوم العلم على قناعة مفادها أن الكون مرتب ومحكوم بإله واحد، وليس تابعًا لنزوات آلهة كثيرين يحكم كل منهم إقليمه الخاص، وهذه النظرة التوحيدية هي الأساس التاريخي للعلم الحديث.

إن الكون ليس نظامًا مغلقًا مثلما تنادي الفلسفة الطبيعية والمادية، ولكنه صنعة عقل الله. إن العلماء يعجزون عن التمييز بين الآلية التي تحمل به الطبيعة ، والفاعلية وراء هذه الآلية التي تحكم الطبيعة، والتي تتمثل في قدرة الله.

تتباين الاراء بين العلماء واللاهوتين بشأن عمر الارض وينشب صراع بين الخلق والتطور، لكن من عدم الحكمة ان نضع الدين في كفة الميزان والعلم الوضعي في الكفة الاخرى.

كل منهما له اختصاصاته، وأن كانت متداخلة، ولا يجب مطلقا ان يدحض احدهما الاخر، فالعلم يستخدم طرائق لتفسير الدلائل المادية في الكون، بينما يهتم اللاهوت بتفسير النصوص الكتابية.

وأن اختلف العلم مع الايات الدينية فلابد ان نظهرقدرا من المرونة في مراجعة تفسير الايات، وعدم الاقتناع التام بالطبعانية المنهجية في التعامل مع الدلائل الطبيعية حتى لا نتحول الى ملحدين.

تواجه نظرية النشوء والارتقاء الطبيعي التي تنكر وجود الله تحديات كبيرة في ايجاد تفسير الدلائل التي تشير الى التصميم الموجود في الطبيعة.

يقول ” سيمسون” ان هنالك فجوات في سجل الحفريات ولا تنتج عن تدرج طبيعي، كما تعجز النظرية عن ايجاد تفسيرات وراثية للطفرات وسبب حمل DNA للمعلومات كانه لغة، وتحديات اخلاقية ايضا عن من الذي وضع الضمير والاخلاق في الانسان.

تؤمن هذه النظرية بازلية عمر الارض وانها ليست مخلوقة وكل ما فيها اتى نتيجة الانتخاب الطبيعي.

لابد ان ننظر للنص الديني من حيث القرينة اي هل هو تاريخي ام ادبي ام شعري، حينئذ سيكون لدينا التفسير الملائم. فلا يمكن ان ينظر على اليوم في النص الكديني على انه 24 ساعة.

الطبيعة ترجح قدم الارض، سواء كان الادلة تكمن في اعمار من كانوا قبل الطوفان او الحفريات، وادم خلق خلقا خاصا على صورة الله بحسب الاطار الادبي للنص والنظرة غيرالحرفية واي مستجدات وراثية تؤكد بوجود اسلاف مشتركين لكل البشر.

كما ان لا بد من التاكيد على وجود خالق ذكي، مهندس الكون الاعظم ابدع في اخراج الكون بشكله الرائع. وايضا لابد ان يكون الطوفان قد احدث تغيرا جيولوجيا في العالم سواء كان جزئيا ام كليا مع التاكيد على ان البشرية قد هلكت جميعها ما عدا من كانوا في الفلك.

الخلاصة أنه لابد ان لا ينشأ صراع بين العلم والدين، وعلى رجال الدين عدم التعسف او التشبث عند تفسير الايات؛ حتى لا يحدث تخبط. بل نسلم بان الله الذي ابدع في خلق الانسان وضع بداخله مقومات الابداع والاكتشاف وتحقيق اعظم الانجازات، هذا لمجد الله وايضا لازدهار البشرية.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.