الخميس , مارس 28 2024
الكنيسة القبطية
نانا جاورجيوس

رداً على استنكار مقال الأنبا موسى : خمسة أدلة على لاهوت السيد المسيح

بقلم .. نانا جاورجيوس
رداً على الناس إللي لستغفرت ربها حين نعلن إيماننا نحن المسيحيين عن لاهوت السيد المسيح و أزليته.. و تعقيباً على استنكارهم لمقالة للأنبا موسى أسقف الشباب التي بعنوان:{ خمسة أدلة على لاهوت السيد المسيح } أود أن أوضح بعض النقاط للرد على سطحية أسئلتهم.
وكما أقول دائماً أن الإيمان المسيحي هو إيمان مُعاش لأنه روح وحياة، وليس إيماناً أجوفاً نظرياً يملأ الكتب بآيات تحفظ و تردد على اللسان ولا تعاش ولا تُجرب في حياة النعمة.

فالإيمان هو ما ترسخ في القلب والفكر التأملي من حياة العشرة مع الله.. ولكن فقط للتوضيح للاخوة الذين يستغفرون ربهم ويستكثروا على الله ان يظهر لنا في صورة إنسانية مرئية سأذكر بعض إعلانات الوحي من شهادة السيد المسيح لنفسه لأنه كان خير شاهد لإلوهيته، فهو الحق المطلق الذي بلا خطية وليس في فمه مكراً ولا غش ولا يقبل شهادة من أحد كما قال، ولانه لا طريق للخلاص إلا به:{ لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ }«أع4: 12» ، فهو ينبوع الحياة أبدية:{ أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.}«يو14:6» وهو القيامة والحياة حتى وإن متنا فسيحيينا هو لا أحد غيره كما وعدنا «يوحنا11: 25».

أزلية السيد المسيح نفهمها من إعلاناته عن طبيعته الكائنة منذ الأزل في الله الآ، طبيعة إلهية كائنة قبل ميلاده الإنساني وقبل أن يولد سيدنا إبراهيم: { قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن} «يو 58:8»،و لفظة{ انا كائن} هو لقب الرب الإله الوحيد في العبرية بالتوراة« خروج3: 14» حين سأله موسى النبي عن إسمه فقال له الرب ( أهيه الذي أهيه) أي ( أنا الكائن الدائم – الكائن الذي يكون– يهوه الكائن- أنا هو ) وما اكثر المواضع التي أعلن فيها رب المجد: «أنا هو.. أنا كائن».

وعندما رأى اليهود أن السيد المسيح يُعطي لنفسه نفس الاسم الذي عبَّر به اللَّه عن كينونته والذي يساوي يهوه ( الكائن ) الذي هو اللقب الإلهي الوحيد بالعهد القديم ، فأدرك اليهود أن السيد المسيح يقول لهم أنه هو «اللَّه» نفسه “لهذا حاولوا رجمه لأن هذا الاسم لا يمكن أنْ يُطلَق علي إنسان غير اللَّه ذاته والذي يقول اللَّه ( يهوه- الكائن) عن إسمه:{ أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ}«إشعياء41: 8»..

فأدرك اليهود أن المسيح يعطي لنفسه لقب الله ليساوي نفسه بالله فأعتبروه مجدفاً على الذات الإلهية، لهذا رفعوا حجارة ليرجموه قائلين:{ لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً} «يو 31:10».

أنا كائن = أي أنا الله الأزلي قبل ميلاد سيدكم إبراهيم، أي أنا المساوي للآب، هكذا فهموا اليهود إعلانه عن إلوهيته لهذا صمموا على قتله ظناً منهم انه مجرد إنسان يساوي نفسه بالله، خصوصا عندما قال لهم { أنا والآب واحد}«يو10: 30»، و { ألست تؤمن إني أنا في الآب و الآب فيً.

الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحالّ فيً هو يعمل الاعمال}«يو 14 : 10».. { أنا في الآب والآب فيّ.. الآب الحال فيّ} كلها إعلانات إلهية ليفصح لهم ولنا المسيح عن طبيعته السماوية التي خرجت من حضن الآب في صورة جسدية.

فاللاهوت الإلهي واحد يتحد فيه أقانيم الآب والإبن وروحه القدوس حلولاً كيفياً أزلياً بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير، تماماً كما أن لاهوت الله حل في ناسوت «جسد إنساني» بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير، أي أن طبيعته الفريدة متحدة الطبيعتين دون أن تطغي طبيعة على الأخرى لهذا وصفه القديس يوحنا الإنجيلي بأنه« الإبن الوحيد الجنس- مونوجينس في الإنجيل اليوناني» «يو1: 18» لأنه ليس بين البشر إنسان حمل طبيعتين إلا السيد المسيح وحده لأنه الإبن الكلمة فهو ليس إنسان قمنا بتأليهه، بل إله تواضع و إتحد لاهوته بطبيعتنا الإنسانية لفداء إنسانيتنا الهالكة منذ سقوط البشرية، لهذا نؤكدعلى ناسوته كما لاهوته و أنه كان إنساناً كاملاً حل فيه ملء اللاهوت وإلا لو لم يكن إنساناً كاملاً لصار فدائه غير حقيقياً لأن الذي سقط إنسان، وكان لابد من إنسانٍ ليفدي طبيعتنا الساقطة.

فاللاهوت هو من حل في الناسوت { الآب الحال فيّ} وليس المسيح إنسان قام بتأليه نفسه كما ظن اليهود، ولسنا نحن من نقول هذا لأنها حقيقة مطلقة أعلنها المسيح بنفسه على الملأ ولم يقبلها كثيرين من اليهود كما لم يقبلها اليوم كل من يستغفرون ويستنكرون التجسد الإلهي، ولكن إستنكارهم وجحودهم لا ينفي أبداً أنها الحقيقة المطلقة التي أعلنها الوحي المقدس الذي نطق به رب المجد يسوع، وكلمته الإلهية هي حق مطلق، لأنه لا يقبل مجداً من إنسان ولا يقبل مجد العالم وأباطيله تماما كما أن تشكيك المشككين لا ينفي حقيقة لاهوته الساطعة كالشمس في وضح النهار!
هذا الحلول الإلهي في الجسد قال عنه الإنجيل:{ فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا}«كلوسي2: 9» ، لتصير طبيعته الإلهية كإبن الله الكلمة المتجسد {كينونة إقنومية أزلية}، فـ { الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا}«يو1: 14»، هذا الكلمة المتجسد كان هو بدء الكينونة الإلهية – بدء الأزل- كما أعلن الوحي المقدس:{ فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ}«يو1:1»..{ وكان الكلمة الله} إنها الحقيقة المطلقة عن الإبن الكلمة الأزلي المتجسد أنه الله، لأنه فيه حل كل ملء اللاهوت جسدياً.

وهو أيضاً:{ الذي هو البداءة، بكر من الأموات، لكي يكون هو متقدما في كل شيء، لأنه فيه سر أن يحل كل الملء} فكل ملء اللاهوت حل فيه بسر عظيم .. لأنه كلمة الإله الأزلي الذي ظهر في الجسد{عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد }«1تيموثاوس3: 16»

 { يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ}«عبرانيين13: 8»
– هو الأمس لأنه:{ قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن}«يو8: 58»
– و هو اليوم لأنه: «حيثما» حل بلاهوت قدسه فيكون موجوداً في كل مكان وسطنا :{ لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُون في وَسَطِهِمْ} «متى18: 20»
– و هو لحظة الحاضر: لأنه موجوداً في كل الأزمنة اللحظية إلى إنقضاء الدهور:{ ها أنا معكم كل الأيام و إلى انقضاء الدهر} «متى 28 : 20»
– و هو الإله المبارك والكائن إلى الأبد: { وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ، الْكَائِنُ علَى الْكُلِّ إِلهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ}«رومية9: 5»
– فهو الرب الكائن كل حين و الذي كان منذ الأزل والكائن إلى الأبد والذي سيأتي ليدين العالم : «هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ. أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ،الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ» يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْء}«رؤيا1: 7- 8».

+++ هو ينبوع الحياة الأبدي الي يروي العطشان كما قال للسامرية:وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»«يو4: 14» هو ينبوع ماء الحياة الأبدية لأنه البداية والنهاية كما أعلن عن لاهوته:{ أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا}«رؤيا21: 6».
هذا الإله المتجسد في الإبن-وحيد الجنس – الكلمة المتجسد هو من تنبأ عنه سليمان النبى والملك فى سفر « الأمثال 30: 4»: { من صعد إلى السماوات و نزل ؟ من جمع الريح في حفنتيه ، مَن صرّ المياه في ثوب ؟ من ثبّت جميع أطراف الأرض. ما إسمه وما إسم إبنه إن عرفت}

وهذه النبوآة في صيغة سؤال غريبة و مثيرة ولكن الفكر اليهودي يعلم جيداً أنها عن المسيا المنتظر الذي سيأتيهم ولكنه سر فاق عقولهم فلم يستطعوا إجابة هذا الإعلان والوعد الإلهي بالتجسد، وهم الذين يعرفون الرب يهوه الذي كلم أنبيائهم وآبائهم و ظهر لهم بتجليات عظيمة.. ولكننا نحن المسيحيين نعلم أنه الإبن الكلمة المتجسد و لم يعد سرا غامضا علينا حيث التجسد الإلهي وتجسد الكلمة في ملء الزمان، في صورة ( إبن الإنسان) يسوع المسيح الذي هو كما قال الإنجيل بهاء ورسم للجوهر الإلهي والحامل لطبيعة الله الآب ليصير صورة الله المنظورة لنا: (كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ .. الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ ، الَّذِي، وهو بهاءُ مجدهِ ورسمُ جوهرهِ وحاملٌ كل الاشياء بكلمة قدرتهِ بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي….) «عبرانيين3:1».
لهذا قال يسوع عن نفسه:{الّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ }« يو14: 9» لأنه صورة الآب الغير مرئية و رسم جوهره الغير منظور

المسيحية إيمان توحيدي نؤمن بإله واحد سرمدي ” أزلي- أبدي”، الإبن الكلمة هو الله ظاهراً في الجسد وحلّ بيننا وصار معنا في جسد إنسانيتنا، حتى إن إسمه العبري «عمانوئيل» كما أمر الملاك وسف النجار في حلمٍ، أن إسمه عمانوئيل والذي تفسيره {{ الله معنا}}«متى1: 23» وهو إسماَ رمزياً يحمل وعد التجسد تحقيقاً لنبوأة إشعياء النبي في« إش7: 14»{ وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»
..فأعطانا السيد الرب الإله نفسه أعجوبة الأعاجيب، وصار الكلمة جسداً كما أعلن لنا الوحي الإلهي وعده الصادق الأمين.. {والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا ورأينا مجده كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً } « يوحنا1: 14».

بينما السؤال.. كيف ظهر الله فى الجسد .. الإجابة بكامل ملء لاهوته كما تقول الآية :{ فإن فيه يحلً كل ملء اللاهوت جسدياً }«كولوسي 2 : 9 » حلول الله فى جسد هو حلول كيفي بلا إنقسام ولا إنفصال ولا إختلاط بين أقانيمه حتى أن الآب شهد لبنوة الإبن الوحيد من السماء ليعلن أنه خرج من لدنه ومن حضنه ومن طبيعته الإلهية { الاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّر.} «يو1: 18».. فيقول الآب من سماء عرشه:{ وصوت من السموات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.} «متى 17:3».
إنه إبن الإنسان الذي حين كان على الأرض كان في نفس اللحظة في السماء:{ وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ}«يو3: 13»..{ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ}، فكيف لإبن الإنسان وهو على الأرض أن يكون موجوداً في نفس اللحظة في السماء؟!! إلا بلاهوته الذي يملأ { كل الوجود في السماء وعلى الأرض}، فحين كان في الجسد كانت السماء والأرض مملوئتان من مجده الإلهي.

رب المجد يسوع المسيح لم يكن في الأصل إنسان قمنا بتأليهه، بل كان في صورة الله أولاً ، أي في الجوهر الإلهي أولاً قبل أن يخلي ذاته من مجده الأزلي ليتواضع ويرتضى أن يتخذ ناسوتاً من طبيعتنا البشرية ويتحد بجسد طبيعتنا الإنسانية ليصير في شبه الناس، أي على هيئة بشرية، فهذا لم يُحسب تعدٍ على الله أن يكون هذا الإبن الكلمة المتجسد مساوياً لله الآب في مجده الإلهي كما قال الإنجيل في «فيلبي2: 5- 9»:{{ فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً. الذي إذ كان في صورة الله لم يُحسب خِلسة أن يكون مُعادلاً لله ، لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب}}
و لإلهنا يسوع المسيح المجد الدائم للأبد.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.