الجمعة , أبريل 26 2024
نوري إيشوع

من بين القبور….!

بقلم المحامي نوري إيشوع

بكآبة لا توصف، بقلبٍ يعتصر من الألم، بعيونٍ تنهمر منها الدموع و تسيلُ على الخد كشلالٍ

لم تتوقف مياهه منذ القِدم، بإيادٍ ترتجف من الغم و الحزن، دونتُ هذه الكلمات، أخرجتُ نفسي

من فلك الآهات التي تُثقل كاهلي و كاهل كل إنسان ينشد السلام و الآمان على ما يفعله أعوان إله هذا الدهر

الجبان، هؤلاء القتلة الذين باعوا أنفسهم للجريمة.


دونتُ هذه الكلمات لتكون كصرخةِ نجدة و غثاء للذين ينادون بالحريات الدينية والشخصية

وبيدهم السلطة و القرار، رسالة للذين يدعون بشفاههم بان ما يؤمنون به يدعو الى التسامح واحترام الاديان

ليقفوا بالمرصاد إن كانوا صادقين و يقصدون ما ينادون به في العلن، للذين ينحرون الناس الآمنة

ويجعلون دور عبادتهم ركاماً و أجساد المصلين أشلاء و هم يؤدون صلاة الشفاعة

والرحمة حتى لمرتكبي هذه الجرائم الشنيعة و لفاعلي هذه الأعمال البشعة و الرهيبة.


بحزن عميق، نشاهد تدمير كنائس وجوامع، قتل رجال دين أفاضل، دور عبادة تٌدك بإيادٍ قذرة

وبعقول مريضة حاملي قلوب وحشية تدفعهم الى الهرولة لارتكاب المزيد من المجازر اللأنسانية

ضد أُناس عزل ليفوزوا بجنان إله هذا الدهر الدموي الجبان! و يمارسون الذبح والأغتصاب

بترخيصٍ رسمي من إله الرذيلة و الجريمة و السلب و النهب.


من بين القبور، سمعوا صوت الترانيم و شموا رائحة البخور، من بين القبور، سمعوا هديل الحمام

الذي ينادي للمحبة و السلام، من بين القبور، أرتعدوا و خافوا من صرخات الدعاء والصلاة للفادي لينشر العدالة

في الشرق، من عالم الجريمة و الإضطهاد، أوقدَ البغاة نيران حقدهم على البشرية جمعاء، بعد أن أرعبتهم

أضواء الشموع المنبعثة من دور العبادة فجن جنونهم و لبوا النداء، نداء القتل و هدر الدماء

نداء قتل الطفولة التي لا تعرف ألا التسامح و النقاء.


من بين القبور خرجوا كالجرذان، هللوا وكبروا، توعدوا، فجروا و دمروا، قتلوا وحرقوا وخبروا العالم

بانهم طغاة متعطشين للدماء، لانهم هكذا تربوا و ترعرعوا، هكذا أقتدوا و نفذوا.


قتلة و قاطعي طرق، دربوهم على الحقد و الكراهية، أرضعوهم حليب الجريمة و رفض الآخر

زرعوا في صدورهم قلوباً صخرية لا تعرف الرحمة و الشفقة، علموهم الرقص على الأشلاء

ونشوة الفرحة لرؤية الدماء، بشروهم بنصرٍ في الحياة و الممات ليستقبلهم الجبار خالق المتعة

كشهداء، فتتلقاهم حور العين و يسبحون في انهارٍ من الخمر و حدائق من الشهد و يضيعون في عالم النساء.


مرة أخرى، خرج المارد من قمقم مغطى بالدرن و الغبار، خرج ينهق و يصرخ هلموا الى قتل الأعداء

طالبي المحبة و السلام، الذين يصلون الى الله من أجلنا ومن اجل توبتنا وخلاصنا

ليخرجنا من هذا العالم الفاني و ينتشلنا من من عالم الجريمة و هذا الشقاء. هلموا يا أعواني الى قتل الأنسان

ولا ترحموا حتى الطفل الحاني، قبل أن ينتصر صوت المحبة علينا فتفتح عيوننا

ونعرف الفادي و ننعم برؤية أنوار خلاصه و ننعم بهدية فدائه للبشرية جمعاء!


الى القبور عاد ساكني القبور لأنهم لا يتحملون النور ويعشقون الظلمة لانها عالم الفسق والفساد 

والإنغماس في بحور الحور!

 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.