الأربعاء , أبريل 17 2024
أنطوانى ولسن

يطالبون بمحاكمة مبارك سياسيا جزء 1

بقلم : أنطوني ولسن / أستراليا
بعد أن تم الحكم ببراءة السيد محمد حسني مبارك وكل من كان متهم معه في قضية ما أطلق عليها ” محاكمة القرن ” ، ” موقعة الجمل ” . إنهال عليّ وابل من الإيميلات التي تطالب بإعادة محاكمة مبارك سياسيا . لكن لم ألتفت إليها وألقيتها في سلة المهملات . وهذا لا يعني أنني من أنصار مبارك !.
الحقيقة المرّة والمؤلمة أن مصر منذ العام 1952 وحتى انتهاء فترة حكم الرئيس عدلي منصور يجب فيها محاكمة كل من تولى سُدة الحكم .. حكم مصر ، وإن كنت أفضل كلمة إدارة شئون مصر .
قد يسأل ساءل : لماذا لم تذكر إسم الرئيس عبد الفتاح السيسي ؟ سيكون ردي عليه لم أفقد الأمل فالحمل عليه ثقيل وأرى بصيص أمل في طريقة إدارة مصر وإن كنت أتمنى عليه أن يكون أكثر حزما في كل ما هو يعرقل خطوات النهوض بمصر من كبوتها .
أعود الى محاكمة السيد محمد حسني مبارك كرئيس سابق وأقول لكل المصريين المحبين لمصر أنه لا يمكن محاكمة شخص سياسيا بتهمة الفساد والإفساد والسبب في وصول مصر الى هذا المستنقع وحده !. بل يجب إعادة محاكمة كل من جلس على كرسي الحكم من أول عبد الناصر إلى عدلي منصور متضمنا المشير محمد طنطاوي ومن كانوا معه . سنعيد مراجعة حكم كل منهم في نقاط لها أثرها السيء على مصر والشعب المصري لنأخذ العبرة في تجنب تلك الأخطاء التي وصلنا إليها.
أولا : الرئيس السابق جمال عبد الناصر …
عن نفسي أنا لا أعبد غير الله في سماه . أما البشر فهم خطائون مهما تحلوا بالصفات الحميدة . وهذا ينطبق على الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله وغفر له ذنبه ، وعلى جميع الرؤساء.
** تصدر الرئيس الراحل محمد نجيب قيادة الجيش المصري والتوجه الى قصر عابدين بإعلان عبر الأذاعة المصرية في القاهرة يوم 23 يوليو عام 1952 بتولي القوات المسلحة مسؤلية إدارة شئون البلاد . والذي أعلن الخبر الرئيس الراحل محمد أنور السادات بنفسه .
** في العام 1953 إنقلب عبد الناصر على محمد نجيب ووضعه في فيلا تحت الحكم القصري دون محاكمة أو معرفة سبب الأقصاء والحبس الأنفرادي بعيدا عن بيته وأهله .
** في العام 1954 حاول الأخوان إغتيال عبد الناصر في 18 أكتوبر 1954 في المنشية بالأسكندرية . ولكنه استطاع القبض عليهم والزج بهم في السجون والمعتقلات . لأنهم كانوا يريدون الحكم لا المشاركة فيه , وهذا ممنوع وخط أحمر.
** تم جلاء الإنجليز وهذا في حد ذاته يحسب له لا عليه .
** في العام 1956 أمم قناة السويس ، فصفقنا له وفرحنا .
** قام الأستعمار مع ربيبته إسرائيل بشن الحرب على مصر .
** تحدى عبدالناصر الغرب وأميركا وتحالف مع الأتحاد السوفيتي معلنا بناء السد العالي . فرحنا أيضا وهللنا .
** وقع في خية الأخطبوط الغربي بما فيه أميركا الذي بارك التحالفات التي قامت مع مصر والدول المجاورة فلمع اسم عبد الناصر في الوسط العالمي .
** فكر في لم شمل العرب في دولة واحدة تضم العراق وسوريا مع مصر . وافقت سوريا ورفض العراق وتمت الوحدة مع سوريا وتغير اسم مصر من الجمهورية المصرية إلى الجمهورية العربية المتحدة ( الإقليم المصري / الأقليم السوري ) . وهذا في حد ذاته جُرم أُرتكب في حق مصر.
** فشلت فكرة الوطن العربي وعادة سوريا الى وضعها الطبيعي .
** بدأ بالتأميمات لكل ما هو على أرض مصر ويمتلكه أغنياء مصر من أراضي زراعية الى مصانع وممتلكات شخصية ” فيلل وأموال وخلافة ” وتم الأستيلاء عليها وتوزيع الغنائم على رجال المشير عامر وصحبه الكرام .
** دخل عبد الناصر الحرب في اليمن متحديا المملكة السعودية . فتكبدت مصر الملايين في حرب لا ناقطة لها فيها ولا جمل .فكانت وبالاً على الأقتصاد المصري.
** أعطي الفلاح 5 فدادين ليزرعها . لكن الفلاح عليه أن يذهب الى الجمعيات الزراعية ليأخذ ما هو مسموح له به لزراعته . ثم عليه أيضا أن يبيع المحصول للجمعيات الزراعية . وتكون النتيجة يخرج الفلاح مديونا للجمعية الزراعية التي تمتلكها الحكومة . مع الأسف تقسيم الأرض بهذا الشكل قلل من الفوائد التي كانت تعود على مصر ممن أطلقوا عليه ” الإقطاع ” فقل إنتاج ” البرسيم ” لغذاء البهائم . وبالتالي قل الأنتاج من ألبان ولحوم وخلافه .
** أضاف الى الأزهر الشريف عبء جامعة أزهرية تتبع إدارة الأزهر لقبول أبناء وبنات المصريين في الجامعة لدراسة ما يريدون دراسته علميا ” طب ، هندسة ، حقوق … وإلخ . من دراسات بعيدة كل البعد عن ما عُرف عن دراسات الأزهر الدينية والتي كانت على مدار العديد من السنين منارة الفقه الإسلامي وفروعه للعالم الإسلامي في العالم .
وهاهي النتيجة إستغل الإخوان وغيرهم هذه الفرصة وشجعوا أبناء وبنات المنتمين إليهم للدراسة بالأزهر ما يرغبون دراسته من علوم غير دينية .
** حدد جزء بجوار الأزهر وأطلق عليه مدينة البعوث الإسلامية لإجتذاب أبناء المسلمين من حول العالم للإلتحاق بالجامعة الأزهرية لدراسة الدين الأسلامي والفقه الإسلامي ، مع صرف مرتبات ثابتة لهم ليتعايشوا منها .
** تم فتح جمعية تعاونية لبيع السلع التمونية إلى طلاب مدينة البعوث الإسلامية . في تلك الجمعية كانت جميع السلع موجودة في الجمعية على العكس من الجمعيات التي في جميع أنحاء الجمهورية .
** فتح مدرسة الصيارفة ليتخرج منها طلبة يتولون عمل الصيارفة في جميع أنحاء البلاد ليحلوا محل الصيارفة الأقباط الذين كانوا منذ أيام الفراعنة حتى تولي عبد الناصر الحكم يتوارثون هذه المهمة دون أن يشتكي أحد منهم . حقيقة لقد عاصرت البعض منهم في قنا وتعجبت من أحدهم الذي جمعتني الظروف معه في محل الإقامة . كنت أتعجب مما يصرفه كل يوم خميس وجمعه مع شيخ الخفر والبعض منهم عليهم !.
** من الطبيعي انني لن أتجاهل ما قام به عبد الناصر بعد التنحي ورجوعه إلى سُدة الحكم من حرب الإستنزاف ضد إسرائيل . لكن لسوء حظه أن الإتحاد السوفيتي رفض إعطائه سلاحا مرة أخرى .
** بادرت أميركا بمبادرة صلح مع إسرائيل عرفت بمبادرة روجرز . لكن عبد الناصر رفضها . لكنه بعدما عاد من الإتحاد السوفيتي كان رده على السادات بعد نزوله من الطائرة :
IT IS A HOPLESS CASE .
وجرت إشاعة أن جمال يريد العودة الى قبول مبادرة روجرز وإسرائيل رفضت .
** ما حدث بعد ذلك سخط من الجالية الفلسطينية في مصر ، فأمر بإغلاق الصحف والإذاعات الفلسطينية وأغلق مكاتبهم . وفي عجالة حدث ما حدث في الأردن بما عرف بأيلول الأسود وإجتماع الجامعة العربية في مصر لبحث ومناقشة ما حدث في الأردن ضد الفلسطينيين .
** في أخر يوم للإجتماع وصل المرحوم الملك حسين بطائرته الخاصة الى مطار ألماظه . طلب الهبوط وأرسل رسالة الى الرئيس عبد الناصر طالبا منه إرسال سيارة لإنتقاله الى حيث المجتمعون من العرب .
** وصل الملك حسين والتقى بالمجتمعين ، ودار ما دار من أحاديث واتهامات لم يعلن عنها حتى الأن . على الرغم من مطالبتي كثيرا بعرض مضبطة يوم الإجتماع الأخير وما دار فيها من نقاشات واتهامات وما شابه . لكن هذه شيم العرب لا يفضحون خوفا من أن يفضحهم الواقع الملموس .
** إنفض الإجتماع وخرج المرحوم الرئيس عبد الناصر مودعا أمير الكويت في المطار . وحدث ما حدث وشاهدناه على شاشة التلفزيون من إلتفاف ساقيه وتم قطع الإرسال فورا .
** أعلن المرحوم الرئيس أنور السادات عبر التلفزيون خبر وفاة عبد الناصر بقوله ” اليوم خسرت مصر رجلاً من أشجع الرجال و …. ” أغلق المرحوم شقيقي صدقي التلفاز وساد البكاء والعويل حزنا على رحيل رجل أحببناه وتمثلنا به . وعن نفسي كنت أرى نفسي عبد الناصر الصغير وتحملت آثار كل تحدي تحديته لإدارة مصلحة الأحوال المدنية التي كنت على رأس قائمة الشباب الذين تم إختيارهم للعمل بقسم البطاقات التابع لمصلحة تحقيق الشخصية في شهر نوفمبر من العام 1955.
إلى من يطالبون بمحاكمة مبارك سياسيا أسأل .
وعبد الناصر آلا يجب إعادة محاكمته سياسيا واجتماعيا ؟ أم علينا أن ننسى الماضي البعيد والقريب والحاضر أيضا ؟؟؟!!!.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …