الجمعة , أبريل 26 2024
أحمد الشيمى

حكم الكلاب .

أحمد الشيمى
أحمد الشيمى

بقلم .. أحمد الشيمى
قرية قلقة اصابها وباء ( الخوف) فأمست تنفق اكثر اموالها علي المتاريس والبوابات والأقفال ، لا احد يثق في احد ، يخشون حتى بعضهم البعض ، ولذلك تفشي الكذب فيهم واستشرت الخيانة وتمادوا في البخل والخسة و النفاق ، ملا (الخوف) صدورهم بالأحقاد فكان الرجل يجبن عن المواجهة بما يسيئه من أخيه ويستعيض بالكتمان المؤلم حتي تفيض الكراهية من صدره فيبات لا يرجو له الا الشرور …
وذات يوم انتشر في ارجاء القرية خبرا عن لصوص هربوا من احد السجون وأصبحوا طلقاء يجوبون بالقري يروعونها ويهتكون الأستار ، فزادهم الخبر شقاء فوق شقائهم واسقط بين ايديهم لا يعلمون ماذا يصنعون .
تجمعوا وفوضوا جماعة منهم ليذهبوا الي عمدة البلدة لعلهم يجدوا لدية ما يحول بينهم وبين أولئك اللصوص ، وبطبيعة الحال كان عمدتهم (اخوفهم ) فكانت لداره أسوار عالية حرابها حادة ، وبوابة عظيمة ظاهراها الحديد المطروق وباطنها الخشب الممشوق ، تغلق – رغم كل ذلك- علي قلب رجل اوهنه (الخوف) ، ولما وصل الركب الدار الحصين نادوا جانبه وانتظروا المجيب كثيرا حتي ملوا الانتظار وأخيرا فتحت لهم طاقة صغيرة تخرج من كوة فى جدار ، استفسر من خلالها عن من يكونوا وعن حاجتهم التي أتت بهم والدليل علي انهم هم وليس احد غيرهم ، ولما اذن لهم ولوجوا فوجدوا العمدة مقبلا ناحيتهم وسط حراس مدججين بالسلاح فدار بينهم هذا الحوار …
– سمعنا بخبر اللصوص الفارين فقادنا (خوفنا ) منهم إليك
= وما حيلتي التي ترجون ؟
– احمنا ، السنا اهلك ورعيتك ؟
= بلي ، ولكن سالتكم عن حيلتي وليس قبولي او رفضي
لديك عتادك ورجالك ام انهم فقط لترهبنا بهم ؟
= هم بالكاد يمنعوني منكم ومن احقادكم واطماعكم فى منصبي وأموالي ، وانى -والله اخاف منكم اكثر من اللصوص
_لم نأتيك لنتعاتب وانما جئنا لدرء خطر محدق ان وقع فسيستهل عدوانه علينا بك ، فكلم السلطة لعلهم يبعثوا الينا من يؤمن سربنا
= لقد فعلت بمجرد ان وصلني الخبر ، ولكن لامتناعنا عن ارسال ابنائنا ( الخوافين ) الى التجنيد ولبخلنا فى اداء الضرائب المفروضة (خوفا ) من الفقر قررت السلطة عدم اسباغ الحماية علينا … ثم اضاف وهو ترتجف بوادره ، وهذا فى حد ذاته ادعى (للخوف ) فقد ذاع عنا هذا القرار واصبحنا مطمع للصوص وغيرهم
وقعت جملته الاخيرة منهم موضع( فزع) فاصفرت وجوههم واخرست السنتهم وكاد يغشي عليهم ، ثم تساءلوا عن المخرج وهم يديرون أبصارهم نحو بعضهم هلعين ، فاقترح احدهم ان يقوموا باستئجار مرتزقة يعملوا على حمايتهم فرفضوا اقتراحه( خوفا) من ان يطمع فيهم هؤلاء المرتزقة خاصة لو عرفوا ما بهم من ضعف و(مخافة ) ، فقال احدهم
_ لن نجد حلا مناسبا يريحنا ونحن على هذا الحال من القلق ف (الخوف) سيفسد منطقنا ويربك حسابتنا ، لذلك ارى ان نرسل لأشجع رجل فينا ونجعله هو من يقدم لنا الاقتراحات ونتخير بعد ذلك اخيرها واعتقد انه امام المسجد اذ يكفى انه الوحيد الذى يتجاسر على الخروج وحيدا من بيته فجرا الى المصلى بلا حراسة او سلاح غير ملقى بالا باى مخاطر وهذا فعل لا اظن ان احدا فينا لدية الجراءة على الاتبان به
حضر الامام الى مجلسهم بناء على استدعائهم والقى اليهم السلام ثم سألهم عن حاجتهم فاخبروه بالأمر فرد عليهم قائلا
-الا والله انكم احوج للعلاج وليس للحماية فمرض (الخوف) قد تمكن من قلوبكم و(الخوف) سلطان التعاسة ينغص على الانسان منامه ويفسد عليه مقامه ،الخوف من السجن ، سجن اضيق من اى سجن و(الخوف) من التعذيب عذاب انكى واشد الما من اى تعذيب و(الخوف) من المرض ، مرض افتك من اى مرض و(الخوف ) من الموت يفسد الحياة ثم انكم بعد ذلك ميتون ،(الخوف )هو الذل فى اقسى صورة ، ولعل الله سبحانه اختار لنا ان نخافه وحده فجعل اصدق مظاهر الايمان تقواه وكلما شغلنا بالخشية من الخالق تخلصنا من خشية المخلوقات ولأننا لا نتوهم هذا الشعور الصادق لا سيما و الفرائس تختلج له وتتأثر به الاجساد وتتعرق منه الجبأة بينما قد يخالط الحب- مثلا- زيف التظاهر وخيالات التوهم و مظنة الافتعال والعبد لا يخشي الله الا اذا بلغ اليقين الحاسم فى وجوده وكلما ازداد ثقة فى وجود الله كلما انعكس ذلك على تقواه ، الحق اقول لكم الايمان الصادق هو علاجكم الوحيد وكما قلت لكم الخوف هو اصدق المشاعر وان تخاف الله فانت مؤمن بوجوده وانه يراقب ويحاسب ، فتخضع له بالتقوى فيكفيك مخافة خلقه وان لم تفعل خفت من كل شيء
رد عليه احدهم فى تبرم ، كنا نطلب رايك فى الحل ولم نكن فى حاجه الى خطبة جمعه وتنظير لا نفقهه ولا نملك رفاهية الوقت لنتدارسه ، فنال قوله هذا قبولهم فغادرهم امام المسجد وهو يأسف على وقته الذى اضاعه معهم بلا طائل ..
وفى هذه الاثناء علا نباح كلب فى الجوار فوق اصواتهم فازعجهم لكن بسبب نباحه طرأت لاحدهم فكره جيده فقال لهم
– سمعت عن كلاب حراسة مدربة ما رايكم لو جلبنا الكثير منها للحماية ولاخافة اللصوص وبعد زوال الخطر نستطيع ان نتخلص بسهوله
– نالت الفكره استحسانهم وجلبوا الى القرية العشرات من كلاب الحراسة واغدقوا عليها بالطعام وحسن المعاملة ، وبالفعل مضت الايام لم بجرؤ احد على الاقتراب من حمى القرية مع الانتشار المفرض للكلاب الشرسة خاصة انها قد تزاوجت مع اصناف محليه فأوجدت جيلا هجين غير مدرب وبمرور الوقت ضن اهل القريه بالطعام عن الكلاب حتى جاعت فما كان من الكلاب الا انها هاجمت ذات يوما احدهم وقتلته واكلت لحمه وشربت من دمه فاصابها السعار واصاب القرية الرعب العظيم ، واستحال امرهم سيطر الكلاب على الطرقات وكل مناحى الحياة ولكى يتجنب الاهالى شرهم كانوا يلقون اليهم بكل ما لديهم من طعام ربما اذا شبعوا كفوا عن مهجماتهم
ولاول مره فى التاريخ يحكم الكلاب بشرا

 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …