
بقلم المحامي نوري إيشوع
شعبٌ عريق و قديم, قِدم و عراقة التاريخ , لا بل هو التاريخ نفسه, شعبٌ مقدام كأسدٍ زائر و لكنه مسالم كحمامٍ زاجل, نشيط كخليةِ نحلٍ, مكافح كطابورِ نملٍ, , شعبٌ مؤمن كراهبٍ انقطع عن العالم و اختلى في صومعة, شعبٌ عشق الأرض و التراب كجنديٍ محارب نذر دمه لتراب الوطن كعربون محبة, شعبٌ محب كحبِ امٍ لوحيدها, شعبٌ متسامح, يصلي حتى لمضطهديه و ذلك اقتداءً بتعاليم فاديه إله المحبة و التسامح, كيف لا و هو الذي قال عن صالبيه (( يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون!!)) شعب ٌ قدّم و لا زال يقدم فلذات أكباده أضاحٍ لأرضٍ قّدسها وهي عشقته, فالتصق الأثنان التصاقاً أبدياً لا أنفصال فيه. شعبٌ من أرضه اشرقت الشمس و في أرضه كُشف عالم الفلك و على أرضه أُخترعت الحروف الأبجدية و في أرضه تم تشريع وتطبيق أول شريعة مكتوبة على الأرض, شعبٌ بنى و شيد القصور و القلاع, خاض عباب البحار و له يعود الفضل في تصدير الحضارة و المدنية الى العالم, شعب أبدع في علوم الطب و الموسيقا و البناء … شعبٌ جذوره في أعماق الأرض و هاماته فوق السحاب, شعبُ نُحت اسمه على الأرض و الحجر و الشجر, سهوله تشهد له, جباله تناديه بإسمه و أنهاره تفوح منها رائحة دماء أبنائه الذكية, شعبُ طيوره تشدو له, نسوره تحلق بصمتٍ حزين فوق أضرحة شهدائه و مقابرهم الجماعية. شعبٌ في أرضه اليوم، كهوف و مغاور, ابوابها كبيرة و محكمة الأغلاق, حراسها قطاع طرق و لصوص, ساكنيها ذو وجوهٍ غريبة, قامتهم و أشكالهم عجيبة, أفكارهم و عقولهم متحجرة, تعلو وجوههم الرطوبة و الأتربة, بشرتهم يكسوها صفار الموت, أسنانهم طويلة و حادة كمصاصي دماء, شعرهم كثيف و متسخ. يقبعون في كهوفهم الى ان يزاد عطشهم للدماء البريئة, فيقوم حراس أبوابها الذين يملئ قلوبهم الحقد و الكره للأنسانية, و تعشش في رؤوسهم أفكار جهنمية, جنس, قتل, سلب و أضطهاد و ذلكً اقتداءً بتعاليم ملهمهم الروحي الشيطانية, فتحوا أبواب كهوفهم ليخرجوا كحيوانات ضارية, جائعة, عطشى لدماءٍ طاهرة, فيقتلوا, و يدمروا و يحرقوا. ذاقَ هذا الشعب المسالم, شتى انواع البطش و القتل و السلب على ايدي هؤلاء اللصوص و قاطعي الطريق, ساكني الكهوف. كانت اكبرهجمة شعواء لهؤلاء القتلة و مصاصي الدماء في عام 1915, فخرجوا من جحورهم ككلاب مسعورة, فعاثوا فساداً في أرض أجدادي, فقتلوا الطاعنين في السن نساءً و رجالاً, نهبوا بيوتهم و سلبوهم أموالهم و أراضيهم و قتلوا الأطفال الذكور حتى الرضع منهم, اغتصبوا النساء و الفتيات حتى القاصرات بينهن, فعلقوا المشانق الجماعية, جهزت حقول الرماية فهرقت دماءٍ ابية بريئة, علت الصرخات و الأستغاثات و بكاء الأطفال الذين ركعوا للقتلة طالبين و راجين منهم اطلاق حرية أُمهاتهم و أخواتهم السبايا و التوقف عن هتك الأعراض و أغتصاب القاصرات و على مرأى من عائلاتهن! اخوة, و والدين، أزواجهن و أطفالهن, و لكن القتلة، تمادوا في جريمتهم، قتلوا مئات الآلاف دون رادعٍ من ضمير, فزرعت الأرض بمئات الآلاف من الشهداء, لان إله القتلة, هو إله قتل و اغتصاب, إله حقد و ضغينة, إله سلب و سرقة, إله متعطش للدماء. أما اليوم و بعد اكثرمن قرن, فتح حراس الكهوف الأبواب ثانيةً للقتلة و اطلقوا سراحهم و وجهوهم الى بيوت آمنة لخطفِ بناتهم و سرقة أموالهم و نهب و سلب ممتلكاتهم و قتل رجال دينهم و تفجير كنائسهم و معابدهم وأديرتهم كما يحدث في العراق و سوريا، مصر و نيجيريا….. لكن يا أهل الكهوف و المغاور, مهما حاولتم و مهما استخدمتم من اسلحة فتاكة قاتلة وبالرغم من ممارساتكم الأرهابية و وسائل ترهيبكم, لن تستطيعوا اقتلاع هذا الشعب من أرضه, لأن الأرض منه و هو منها, أرض ترابها, أشجارها, صخورها وجبالها سقيت بدماء شهدائه الأبرار. شعبٌ جذورهِ الأرض نفسها و هاماته السماء. ايها القتلة أعداء المحبة, لن تجدوا بعد اليوم الراحة و لن تذق عيونكم النوم و سوف يصبح ليلكم نهاراً و نهاركم ليلاً, لقد قَربت الساعة لان سماء أرضَ أجدادي امتلأت بارواح الأطفال الملائكية التى تحوم فوق دماؤها التي هرقتموها, سوف تقلقكم أصداء صرخات القاصرات اللواتي أغتصبتوهن و سوف تصم آذانكم بكاء و عويل النساء السبايا البريئات اللواتي هتكتم أعراضهن. أيها القتلة, أعداء الأنسانية, سوف تُدك كهوفكم التي تراكمت عليها العفونة, عفونةِ أفكاركم و معتقداتكم و مبادئكم البائدة و سوف تلاحقكم أرواح النساء الحوامل اللواتي بقرتم بطونهن. و سوف تقلق مضاجعكم آهات و أستغاثات الطاعنين و الطاعنات في السن الذين أعدمتموهم. أخوتي, الشر مهما طال و تمادى, و صال و جال, ايامه قصيرة و نهايته وخيمة و قد شارف على الأنتهاء, وحان الوقت كي يطلق القاتل بنفسه رصاصة الرحمة في رأسه!! “”واله السلام سيسحق الشيطان سريعاً””