السبت , أبريل 27 2024
مدحت عويضة

مزدوجي الجنسية والترشح للبرلمان المصري

كثيرون هم الذين يكتبون في السياسة وكثيرون هم من يدعون امتلاكهم لمقومات العمل السياسي، وأحيانا تشعر أننا نعتبر السياسة والكتابة فيها للتسلية، ولكن الحقيقة غير ذلك فالسياسة والكتابة فيها موهبة وتصقل بالدراسة، وإلا يصبح الكاتب والعامل بها بلا لون ولا طعم ولا رائحة، كمن يلعب كرة القدم للتسلية يكون مكانه المدرجات عندما يبدأ المحترفون اللعب، أتذكر أن في 2004 عندما طالبت بأحقية مزدوجي الجنسية بالترشح للبرلمان المصري كان يضحك كل من يسمع طلبي، في سنة 2005 كتبت مقالا في الأقباط متحدون بعنوان “مزدوجي الجنسية ومزدوجي الضمير”، في سنة 2007 وفي لقاء جمعنا مع عائشة عبد الهادي وزيرة الدولة لشئون المصريين بالخارج في ذلك الوقت، طالبتها بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية ليضمن المساواة بين جميع المصريين، وهو ما نقلته صحيفة الأهرام القاهرية، ثم عدنا للمطالبة مرة أخري علي صفحات الأهرام الكندي بأحقية المهاجر المصري في الترشح للبرلمان.

أخيرا تحقق الحلم وحكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية منع مزدوجي الجنسية من الترشح، الخبر الذي استقبله المصريين في الخارج بفرح كبير، وقام برنامج و “وصال” علي الفضائية المصرية والذي تقدمه الاستاذة عبير أبو طالب بالاتصال لأنقل لها شعور المصريين، وكان ردي أن الخبر أسعدنا جميعا كمصريين مغتربين وسر سعادتنا ليس لأننا نطمع في الترشح وأن نصبح أعضاء برلمان، السر هو أننا كنا نشعر أن مصريتنا منتقصة وأننا نستحق أن نكون مصريين كاملي الحقوق، وهذا ما تحقق لنا بحكم المحكمة الدستورية، في عهد رئيس أحبناه ودعمناه بكل ما نملك.

الغريب أن البعض أخذ يهاجم قرار المحكمة الدستورية، وكأن المصريين بالخارج كلهم أصبحوا عملاء وانتمائهم للدول التي يعيشون فيها، بالرغم أن الفترة الحرجة التي مرت بها مصر بعد ثورة يناير أظهرت مدي حب وانتماء مصريين الخارج لوطنهم، فلم يبخل أي منهم بجهد لمساندة بلدة، كما أثروا تأثيرا كبير في قرارات ومواقف حكومات البلدان التي يعيشون فيها، وعلي سبيل المثال كندا، فمنذ اليوم الأول للثورة تحركنا وكانت الجالية وراء البيان المتزن للحكومة الكندية عن الثورة، ثم عقدنا مؤتمرنا في البرلمان الكندي لدعم الثورة المصرية والذي حصلنا فيه علي منحة لتدريب ضباط الشرطة المصرية، ثم ساهمنا في زيارة وزير الخارجية الكندي للقاهرة، وحصلنا علي موافقة كندا علي ترشح السيسي للرئاسة، ثم وعدنا بأن أول بيان يهنئ المصريين بانتخابات الرئاسة وقد حدث، ناهيك عن مشاركتنا في بمظاهرات حاشدة لدعم ثورة 30 يونيو ومظاهرة التفويض وانتخابات الرئاسة، فماذا نفعل أكثر من ذلك حتي نثبت لهؤلاء أننا مصريون مثلهم.

فائدة ممثلين عن المصريين بالمهجر ليس في شعور المصريين في الخارج بمصريتهم الكاملة فحسب، بل ستعود علي الوطن الأم بفوائد كثيرة، كربط الجيل الثاني من المصريين بالوطن الأم من خلال تفاعلهم مع ما يحدث في مصر، والأهم من ذلك أن نواب المهجر سيكونون بمثابة جسر يربط بين مصر والبلاد التي يعيشون فيها، فيستطيعون تقريب وجهات النظر بين مصر ودول العالم، فهم سيقومون بمهام عظيمة تأثيرها سيكون أقوي من تأثيرات الدبلوماسية وسيوفرون علي الدبلوماسية المصرية كثيرا من الجهد. وقد سبقتنا دول كثيرة في هذا المجال وعرفت كيف تستفيد من الطاقات البشرية لمواطنيها رغم هجرتهم.

وعموما نحن مستعدين لخدمة مصر الوطن سواء مثلنا أو لن نمثل، ولكن علي المهاجمين لنا والرافضين لحقنا الدستوري أن لا ينسوا أننا مصريون مثلهم وربما أكثر، وعليهم أن لا ينسوا أنه لا توجد عائلة هاجرت من مصر بأكملها بل كل مهاجر القسم الأكبر من عائلته يعيش في مصر، وأننا جزء من المجتمع المصري وجزء من نسيجة وسنظل كذلك نحمل هموم وألام وأمال الوطن حيثما ذهبنا.

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …