الأربعاء , أبريل 24 2024
الأديبة السورية نادية خلوف

الحاجة إلى الإيمان

نادية خلوف

لو سألنا ماهي العقيدة لمجموعة من الناس لأجابوا بأنّها الأشياء المقدّسة التي لا يمكن المسّاس بها.

هل هي كذلك فعلاً ؟

كيف عرفنا أنّ المقدّس هو مقدّس فعلاً؟

هناك آراء مختلفة حول هذا الموضوع نبدأ فيها من العصور الحديثة .

سيغموند فرويد مثلاً يعتبر أنّ “الدين عباره عن مرض عصاب يصيب الافراد

كما يصيب الجماعات وهو نتيجة منطقيه للانفعالات النفسية والإحباط العاطفي

وهو عباره عن ناتج عرضي لأمراض سلوكية تؤدي الى الكآبة

.وأنّه يمكن القضاء على وهم الحاجه الى الخيالات الدينية

 اذا استطعنا بواسطه التحليل والعلاج النفسي القضاء على الاضطرابات

والتشوهات النفسية في الفرد والمجتمع”

نحن لسنا بصدد نقد النظريّة أو تبنّيها فقط  نعرضها كوننا نحب أن نتعرّف

على الآراء أكثر، وهناك بعض النّظريات الحديثة

التي تبحث في ظاهره نشوء الأديان تعرّف الدين على أنّه

” اعتقاد بوجود الروح منفصله عن المادة التي هي الجسد ، والدين يلجأ تنظيم هذا الاعتقاد “

لا شكّ أنّ سبب وجود الأديان القديمة هو محاوله الانسان لفهم

ما يدو حوله من تصوّرات بطريقه منطقيه تساعده على ان يفهم اسباب حدوث الاشياء .

كان الدين حاجة جماعيّة ،والعبادة هي احتماء جماعي

 أمام الخوف من ظواهر الطبيعة . ووضع مساحة أمان للخوف من المجهول

 و بأنّ هناك حياة أخرى أجمل من هذه الدّنيا.

الدين في اللاتينية يعني: ضبط النفس أو احترام المقدّس وفقاً لما قاله “شيشرون”

الكاتب الروماني وخطيب روما المميز الذي ولد في العام مئة ق.م، وأثارت شخصيته جدلاً كبير.

كانت العقيدة في العصر القديم هي نوع من الأساطير التي تهتمّ بداخل الإنسان

 وبما أنّ صراع الإنسان كان مع الطبيعة ومع المجهول

 الذي لا يعرف ما هو. قام الإنسان بصنع آلهة تمكّنه من الهروب من ذلك المجهول، وهو الموت، أو من معاناته اليوميّة.

وفي أسطورة الخلق المصريّة 4000 عام قبل الميلاد والتي تقول أنّه كان في الحياة محيط فقط أو بحر كبير، وبرز من قلبه تلّة ترابيّة يقال أنّها الأهرامات ،ثم ظهر الإله رع ،شوت، فنوت، وغيرهم من الآلهة ، وتتكرّر قصص العودة إلى الحياة عند الآلهة من فينيقيا إلى سومر، وفلسطين، وصولاً إلى قصّة الإله بعل الذي يموت ويعود إلى الحياة من أجل محاربة الفوضى، وكذلك أسطورة إنانا .

الدّين هو المقدّس هذا ما بحث فيه إيميل دوركهايم ” بأن الدين عباره عن منظومه من المعتقدات والممارسات التي تنسب الى ما هو مقدس ،هذا المقدس والذي يوضع بشكل يبدو به وكأنه فوق المجتمع ، بالرّغم من أنّ هذا المقدس المزعوم بما يحمله من اوامر وعبادات هو عمليّة تعبير رمزيه عن وممارسات اجتماعيه قائمة ومعمول بها ،وبدون هذه الممارسات والحقائق الموجودة والمعمول بها والراسخة في الذّهنية الجمعية للمجتمعات. تكون هذه الاديان بدون معنى حقيقي.

بغضّ النّظر عن آراء علماء النّفس وأصحاب النّظريات فإنّ هناك دعوات من الأديان كانت تحضّ الإنسان على التّسامح مثل دعوة المسيح عيسى بن مريم عندما قال” من ضربك على خدّك الأيمن فدر له الأيسر” فهل هناك أعمق من تلك الدّعوة للتّسامح الإنساني،

وهذه الدعوة الإنسانيّة لم تلامس عقل هتلر مثلاً، وقال أنّ البشريّة تحتاج إلى مسيح أقوى ادّعى أنه يشبهه، وسمى نفسه ” النّداء الصّارخ في البرّية” وعقف أطراف الصّليب لترمزّ إلى القوة، وهذا يعني أن الدين يأتي على قياس كلّ شخص بشكل مختلف عن الآخر.

فمن يسكن في داخله الشّر. يرى أنّ الدين هو أنه يمكن أن ينوب عن الله في أحكامه، فيصدر الأحكام بالقتل والموت وما إلى ذلك من أشياء تفقد الإنسان ذلك الأمان والسّلام الذي يعتقد به المؤمن، وبالعدل في الآخرة، لأنّه في هذه الحالة يلغي حاجة الإنسان إلى الدّين مادام هناك أشخاص أو مجموعات تقوم بوظيفة الإله على الأرض.

الدّين هو الحرّية في العلاقة بين الإنسان والرّب، ومهما حاول شخص أو مجموعة تغيير الواقع على الأرض لن يستطيع لأنّه إذا كان هناك روح ومادّة فإنّ تلك الرّوح فضاءها كبير لا يمكن الدّخول إليه.

الدّين هو اختيار شخصي لطريقة العلاقة مع الإله، وليس تفويض إلهي لمن يحكم على الأرض. . .

شاهد أيضاً

الحرحور والجحش وحمار الحكيم…

الذكريات كتاب مفتوح ووقائع مازالت تحيا فى القلوب وبقاياها يعشش فى العقول ، وعندما نسافر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.