السبت , أبريل 20 2024

البحث عن الهويّة!

خطاب مفتوح الى السيد رئيس وزراء أستراليا

MR.Malcolm Turnbull
بقلم: أنطـوني ولسـن ـ أستراليا
لا خير في أمة ضاعت هويتها ولا يعرف أهلها من هم؟!
تتأخر الدول اذا عمل حكامها على التفرقة بين أبناء الوطن الواحد بسبب العرق، أو الدين، أو اللون!
دول العالم الثالث ـ تعبير حضاري عن دول لا تواكب الحضارة ـ وسر تخلفها قائم على عدم وضوح هوية مواطنيها؛ وهذا لا يشجعهم على العمل من أجل رفعة شأن هذه الدول!
أستراليا ـ بتشديد الأسف ـ، تسير بخطى سريعة إلى هاوية التخلف العلمي والحضاري في عصر العلم والأبتكار، والتقدم!
فمنذ 45 عام مضت، تقريبا، أطلقوا علي أنا القادم الجديد الي استراليا، اسم: “ووج”!
والآن يطلقون علي اسم: “اثني”!
وبين ذاك وهذا.. يا قلبي أحزن!…
كمواطن استرالي لا أعرف من أنا؟..
هل أنا استرالي؟.. أم أبروجيني؟.. أم اثني؟..
ومن هو الأسترالي؟، ومن هو الأبروجيني؟، ومن هو الأثني؟…
لا أريد الدخول في تفسيرات سفسطائية، حول كينونتي من بين الثلاثة؟؛ فأنا أرفض إلا أن أكون أستراليا؛ لأنني جئت الى أستراليا بكامل حريتي، متطلعا الى العيش الكريم والحياة الحرة في مجتمع ديمقراطي!
كل من يطلقون عليه لقب اثني، كانت له تجارب شخصية ، أو اقتصادية، أو معنوية.. في بلاده التي نزح منها؛ جعلته يسعى من أجل تحقيق ذاته في دولة جديدة، نمطها في الحياة: الحرية .. فإذا به يصطدم بحقائق تخالف تماما ما كان يدور في خلده وفكره من آمال وأحلام وتطلعات!
يقولون عنه أنه أسترالي؛ عندما يريدون صوته الأنتخابي!
وأثني، قبل ذلك وبعده!
إن تقسيم أستراليا الى هذه الأقسام الثلاثة؛ لن يخدم أستراليا، ولن يخدم أحدا!
نريد مجتمعا يفتخر فيه أبناؤه بشرف الأنتماء اليه، لا مجتمعا مكونا من دويلات، وتجمعات يطلق عليها أثنية.. وتلك يطلق عليها أبروجينية.. والثالثة أسترالية!
أنهم يضحكون علينا وهم يقولون عنا: أننا جميعا أستراليون!
لو أننا جميعا وحقا أستراليون..؛ فلماذا توجد هيئة، ولها رئيس، تسمى بهيئة الشئون الأثنية؟! ولماذا أوجدت حكومة الأحرار في ولاية نيو ساوث ويلز وزيرا للشئون الأثنية؟..هل لأجتذاب أصوات هؤلاء وقت الأنتخابات؟..أم العمل على راحتهم، وتلبية طلباتهم عن طريق ممثليهم وجمعياتهم ومؤسساتهم؟!
فهل من أجل الوصول الى الحكم تباع مصلحة أستراليا؟.. وهل نقبل لنا، ولأولادنا، وأحفادنا من بعدنا، العيش في مجتمع ما يسمى بأصحاب الصوت العالي المسموع، الذين يحصلون على حقوقهم بغض النظر عن نوعية هذه الحقوق، والفائدة التي ستعود على أستراليا من وراء ذلك؟
أجبني بالله عليك، أيها الرئيس المنتخب من “الحزب” حديثا “مالكوم تيرنبول”!
أريد أن أرتدي زيا واحدا أسمه أستراليا، بغض النظر عن خلفيتي. أريد أن أشعر بالأنتماء الحقيقي لهذه الدولة العظيمة ذات المصادر الطبيعية التي حباها الله بها؛ لتكون دولة قيادية ليس فقط في آسيا، بل في العالم كله.
أريد للأبروجيني أن يعرف واجباته تجاه هذه الدولة قبل حقوقه. وأن لا يشعر القادم الجديد أنه ينتمي الى هذه الجماعة، أو تلك، بل ينتمي الى هذا البلد الذي اختاره ليكون وطنا ثانيا له ووطنا أولا لأولاده وأحفاده، وأن يعمل هذا القادم الجديد، كما عملنا، أنا وعائلتي، عندما جئنا منذ خمسة وأربعين عاماًَ مضت “دون النظر الى نوع العمل الذي قمنا به”!
نريد أيها الرئيس أن نكون أمة واحدة، أمة عاملة، أمة الكل.. فيها يفتخر ويعتز بإنتمائه اليها ويتشرف بأنه أسترالي.
لا أريد التشتت والأنقسام للمجتمع الأسترالي. أكره ما أكره في مدينة سيدني تقسيم أحياءها الى الجماعات التي اختارت العيش فيها: كأن يقال هذا الحي “الإيطالي”، وهذا الحي “اليوناني”، وهذا الحي ” الفيتنامي”، وهذا الحي “الصيني”، وذاك حي”العرب”!
ولا أن تتسلى كل مجموعة من هذه الأحياء في مشكلات الوطن التي جاءت منه، ولا ينتمي أحدهم الى الوطن الذي جاءوا اليه.. يريدون ماله ولا يريدون الخير له.. يتصارع البعض في الوصول الى المراكز الفعالة في الدولة، لا من أجل خدمة الدولة والوطن الأسترالي؛ بل من أجل خدمة الفئة العرقية التي ينتمون اليها في أوطانهم الأم!
ولا أن تهدد جماعة أخرى، وتتوعد قبل الإنتخابات، باعطاء أصواتها للحزب الآخر ان لم تنفذ الحكومة مطالبها بإقالة هذا الشخص أو ذاك من منصبه؛ لأنه لا يخدم أغراضها ، بل يخدم خصومها!
وهكذا يصبح المجتمع الأسترالي، المجتمع المتعدد الحضارات؛ مجتمعاً منقسماً على ذاته، بلا هوية له ولا انتماء إليه ، تتحكم في شرذماته مجموعات من الأشخاص، يحركونه حسب أنتماءاتهم الخارجية، ومصالحهم الخاصة والتي بالتأكيد كثيراً ما تتعارض مع مصالح الدولة، والوطن الأسترالي!
لتكن أولوياتكم، قبل الإصلاح الإقتصادي، البناء الإجتماعي.. الذي يجب أن يكون الإنتماء دعامته، ومحوره.. حيث يجب أن يشعر الجميع بأنهم أستراليون!
يجب إلغاء كلمة أثني، وشؤون أثنية.. وأعطاء الأمان لكل قادم جديد؛ بالشعور أنه في بلده وبين أهله، وأنه لن يخضع لحكايات “أمنا الغولة”، التي يخيف بها أصحاب المصالح الشخصية والمعادية لأستراليا ومجدها.. الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم، وساعدتهم الحكومات المتعاقبة على ذلك. انهم هم ولا أحد غيرهم القادرون على الحفاظ على حقوقهم، بل والمطالبة بحقوق أكثر تميّزاً عن الآخرين.. ولو رجعنا الى هوية هؤلاء الأشخاص الأصلية، نجدهم قبل مجيئهم الى هنا كانوا صفرا على اليسار.. أي لا شيء!
فهل ستحقق لي هذا الحلم، أيها الرئيس المنتخب من الحزب مالكوم تيرنبول؟..
وهل ستجعل أستراليا فعلا أمة واحدة لها زي حضاري واحد، تذوب في بوتقة واحدة أسمها أستراليا، ويعرف كل من يعيش على أرضها، أنه فعلا أسترالي وليس أبروجينيا، أو أثنيا؟
فتش عن وسيلة لإصلاح ما خرّبه أعداء أستراليا!
أتمنى أن تكون رجل الإصرار والتحدي؛ حباً في وطننا استراليا!

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.