الخميس , أبريل 18 2024
هانى شهدى

حـين ينتصر الطقــس على إنسانيــتنا .

كتب / هـاني شـهدي
أدّت حادثة عُرس المنيا الأخيرة إلى خروج عدد من الرعاة البروتستانت عن صمتهم لدرء الفكر المشوَّه الذي يُروَّج عن الكنيسة الإنجيليّة. وأنا أرى أنَّ السبب الأكبر لتفاقم وتفجُّر الأزمة الأخيرة هو السكوت الذي يمارسه الإنجيليّون قاصدين أو مضطرين!
و هنا يجدُر بنا عقد مقارنة بسيطة بين الطائفتيْن؛ فالكنيسة الأرثوذكسيّة تعرف نقاط قوتها؛ الطقس المُسلَّم من الآباء وكذلك الألحان القبطيّة التي تحمل الفكر الأرثوذكسيّ. ولقد أجادت الكنيسة استثمارَ القديم من خلال خدامها وأساقفتها، فمثلاً خلال أكثر من عشرين سنة طاف الراهب يسطس البراموسي (الأنبا روفائيل حالياً) مصر بدلتاها وصعيدها من خلال مؤتمرات الشباب مع الأنبا موسي متخصِّصاً في تعليم الطقس والعقيدة الأرثوذكسيّة على وجه التحديد. لذا كان من الطبيعي أن يتم ترشيحُه من قِبل شباب كنائس القاهرة للكرسي البابويّ، ولمّا لم تختاره قرعة السماء أصبح الرجل الثاني في الكنيسة. ولازالت غالبيّة الشباب القبطي تردِّد كلماته وتعاليمه الطقسيّة التي يصدقونها ويباركونها ويدافعون عنها. والأنبا روفائيل ضيفٌ مقيمٌ ومعلِّمٌ للطقس في كُلِّ الفضائيات الأرثوذكسيّة نظير غيره من الآباء الأساقفة مثل الأنبا سيرابيون والأنبا بيشوى. والحقيقة أن القادة، منذ وقت مبكِّر، زرعوا تعليماً ومنهجاً أرثوذكسيّاً وما نراه اليوم هو بمثابة حصــاد لهذه النبتة التي أثمرت وليس لنا أن نلومهم على زراعتها.
أما عن الكنيسة الإنجيليّة فقد أجادت الاستثمار فيما تفتقده الكنيسة الأرثوذكسيّة، فخرجت بالشباب إلى مساحة من الحريّة خارج أسوار الطقوس إلى براح الحريّة في المسيح..وهذا حسن. لقد أنشات مؤتمرات كثيرة ك “احسبها صح، ووان ثينج وموتمرات الصلاة والمؤتمرات الكرازيّة” ونجحت في ذلك نجاحاً كبيراً. نادت الكنيسة الإنجيليّة بالتوبة والرجوع الي الله وأعطت للاختبارات الروحيّة الفرديّة قيمتها ومكانتها لكن الكنيسة لازالت تفتقر إلى المنهج التعليميّ الذي يعلن إيمانيّاتها ومُعتقداتها وطقوسها جليّة للجميع.
وللشرح أقول مثلاً: إنَّ الشاب أو الفتاة بعد أن “يحسبها صح” محتاج يتجوّز، ف يتجوز أرثوذكس اللي يعرفه ولا إنجيلي اللي ميعرفش الطقس بتاعه؟!( بالنسبة للشاب هوّه عنده علم إن أي جواز خارج الأرثوذكسيّة زنا! طيب عايز يعمّد ابنه ..يعمّده أرثوذكس بالتغطيس ولا إنجيلي بالرش. هوّه عنده علم أن التعميد بالرش باااطل وهكذا .. بل حتى عند الموت … يفضِّل الأهل إنَّهم يصلّوا عليه في الكنيسة الأرثوذكسيّة لأن عندهم تعليم مغلوط بيقول إن الإنجليين لا يصلّون على موتاهم أبداً.
إنَّ الكنيسة الإنجيليّة، برغم غناها بالإيمان الحي والكلمة المفيدة المغذّيّة روحياً وعمق البحث الكتابيّ لكنها تفتقد -عبر كنائسها ومؤتمراتها وفضائياتها وخدامها- إلى منهج واضح للجميع يتناول إيمانيّات الكنيسة من معموديّة وزواج وتناول وصلاة على الموتي..الخ ، وهي الأمور الحياتيّة التي يتلامس فيها المسيحي مع الممارسات الطقسيّة للطائفة التي يتبعها. وبقدر ما أفرزت هذه الواقعة علي السطح ما بداخل الوعاء في كُلِّ طائفة، بقدر ما كشفت الشرخ الموجود داخل البيت المسيحيّ بين الأخ الأرثوذكسيّ والأخ البروتستانتيّ، بين الأخت وأختها، بين الزوج وزوجته.. فإذا كُنَّا غير قادرين على الوحدة قي “طقس الموت” الذي يُمارَس لمرّة واحدة فقط، فكيف نتّحد في أجندة حيــاة تجمعنا كُلَّ يوم؟ .
نعم… حينما ينتصر الطقس تفشل الإنسانيّة …هنا لا بُدَّ أن نراجع مسيحيتنا!

5

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.