الجمعة , مارس 29 2024

الأقباط وسياسة الفصل العنصرى .

الكاتب : مايكل عزيز البشموري
يتعرض المسيحيون داخل مصر بين الحين والآخر لسياسة الفصل العنصري ، وهى سياسة تعرض لها الأمريكيون الأفارقة أصحاب البشرة السوداء بالولايات المتحدة الامريكية ، وفى دولة جنوب أفريقيا بستينيات القرن الماضى وما قبلها أيضاً ، والتفرقة العنصرية تعنى هنا : سياسة رسمية أساسها التفرقة في المعاملة بين السود والبيض من جهه ، والبيض من جهة أخرى ، والتفرقة كانت في الإسكان و التعليم و الوظائف و وسائل النقل و الأماكن الترفيهية .
ونستطيع القول بأن المسيحيون فى مصر ، يعانون من نفس تلك السياسة العنصرية التى كان يعانيها المواطنين السود بأمريكا ، والسبب هنا لا يرجع للون بشرتهم ، ولكن بسبب ديانتهم المسيحية ، ومن هذا المنظور الطائفى يتم التعامل مع الأقباط بتفرقه دينية من قبل المتعصبين المسلمين ، سواء كانت تلك التفرقة فى الوظائف ووسائل النقل والإسكان وغيرها ، ويمارس عليهم قوانين وضعية بغيضة مثل قانون إزدراء الاسلام ، المعروف إعلامياً بقانون : ( إزدراء الاديان ) ، والذى قام المشرّع الإسلامى بسنه لترهيب الأقلية المسيحية وتدمير مستقبل الشباب القبطى داخل مصر .
وهنا نود الاشارة بأنه لا توجد قوانين فصل عنصري صُدرت بحق المسيحيون المصريون رسمياً ، مثلما كان الحال متبع مع السود بأمريكا وجنوب أفريقيا ، ( بإستثناء قانون إزدراء الاديان ) ، فالتفرقة تتضح هنا من خلال ردود الفعل الصادرة لدى الجانب المسلم المتطرف ، الذي بدوره أصدر قوانينه الخاصة ليطالب بمنع المسيحيون من تولي أي منصب رسمي أو إداري داخل الدولة المصرية ، فعلى سبيل المثال : تم منع تعيين محافظ مسيحي بمحافظة قنـا ، وُمنع تعيين مديرة مسيحية بإحدى مدارس مدينة بني مزار بمحافظة المنيا ، أضف إلى ذلك عدم تعيين مسيحيين رؤساء جامعات ورؤساء أقسام بالمستشفيات ، وعدم توظيفهم بالاجهزة الامنية الحساسة وغيرها ، وهنا نجد أن الدولة بكامل مؤسساتها تقف عاجزة أمام دعوات المتعصبين ، بل على العكس نرى إنصياع كامل من المسئولين بالدولة تجاه مطالب اولئك المتطرفين .
وعلى الصعيد العام نستطيع القول بأن المناخ السياسي المضطرب الذى شهدته البلاد ، قد لعب دوراً أساسي تجاه التمييز الديني الحاصل للمسيحيين الاقباط ، فالمصريين يعيشون في دولة نظام الحكم فيها ثيوقراطي عسكري ، والثيوقراطية هنا تعني : حكم رجال الدين وتأثيرهم على الشعب ، سواء كان رجال الدين هؤلاء مسلمين أو مسيحيين ، أضف إلى ذلك إنتشار الجهل الديني وعدم قبول الاخر ، وإزدياد معدلات الفقر بشكل مفزع ، كل هذا أدي لتصاعد الممارسات التمييزية العنصرية تجاه المسيحيون المصريين .
وبالنسبة للصعيد الداخلى الخاص بالاقباط ، نرى أن ردود الفعل الصادرة من جانب قياداتهم الكنسية ، غير إيجابية فيما يتعرض له المواطن المسيحي من مضايقات عنصرية ، فتلك القيادات الدينية باتت تلعب دوراً سلبى في الحياة العامة والخاصة بشعبها ، مفضلين تجاهل ما يعانيه أبناء شعبهم من تمييزاً داخل مجتمعهم المصرى ، ويأتى هذا الصمت والتجاهل نظير منح الممسكين بنظام الحكم لرجال الكنيسة ، صلاحيات وإمتيازات موسعة ، مثل المادة الثالثة من الدستور المصري ، والذى أعطت لقيادات الكنيسة القبطية الشرعية الدستورية للسيطرة على مقدرات الشعب القبطي دون مساءلة من أحد – هنا – وجدنا تنازل من رجال الدين هؤلاء عن مدنية الدولة المصرية ، والذى جاء لصالح نظام الحكم الثيوقراطي العسكري القائم الان .
بوقتنا الحالى نجد أن السبيل الوحيد للتخلص من سياسة الفصل العنصري ، الذى يعانى منه المسيحيون المصريين ، يتم من خلال ثلاثة محاور أساسية :
* المحور الاول : وهو نظام المحاصصة أو تخصيص كوتة عامة بأغلب الوظائف الحكومية ، ليمثل الاقباط من خلالها التمثيل العادل داخل المؤسسات والدوائر المصرية ، وهناك أقباط كثيرون مشهود لهم بالكفاءة وحسن الادارة يعملون بأغلب المجالات والقطاعات الحيوية .
* المحور الثاني : تبني الدولة المصرية بمؤسساتها ترسيخ مفهوم الدولة المدنية ، مع تعزيز دور دولة المواطنة ، عملاً وليس قولاً فقط .
*المحور الثالث : مكافحة التطرف الديني الاسلامي ، عبر تبني مؤسسة الازهر الشريف ، تغيير الخطاب الديني التحريضي الذي يتبناه دعاة وشيوخ التطرف ، مع إطلاق حملات توعية تثقيفية من شأنها تعزيز التلاحم الوطنى بين المسلمين والمسيحيين بمصر .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.