الثلاثاء , أبريل 16 2024

نادية خلوف تكتب : ثقافة الحبّ

الحبّ يكبر في قلوبنا كلّ يوم ،وعندما نشعر بخيبة الأمل نحاول أن نبرّر إلى أن لا يبقى لدينا مخزون كبير من العطاء الذي يسقط تحت أقدام شخص اقتنص منا الحياة فنشعر أنّ العالم موحش، يسير الضمير فيه محتاراً ولا يعرف كيف يستطيع تحسين الأمور، يتعبه التّفكير، يقع صريعاً، وبينما ينقل إلى غرفة الإنعاش يتمّ تأبينه قبل أن يموت.

نتقاتل ، نقتل بعضنا البعض، ويتساوى بعد الموت القاتل والمقتول.

نسأل أنفسنا: هل نستحقّ الحياة؟ نحن نستحّقها فعلاً. سوف نعيشها دون أن نكرّر أخطاء آباءنا،  نسامحهم دون أن نجمّل أخطائهم، وننمضي في رحلة إرادة الحياة، نقع في مطبّ السّذاجة، وربما هي البساطة أو صفاء الرّوح. مصممون على إنجاح مشروعنا في الحياة ببناء عائلة مليئة بالحبّ. قرّرنا أن نعيش، ونلتقط أنفاس السّعادة من بقايا الضمير الذي يعيش لحظاته الأخيرة في غرفة الإنعاش،  ونبحث في مشروع استمرار العطاء ليكون نموذجاً نتحدى به  الحياة فالضمير يولد دائماً من الحبّ.

كأنّ في الكراهية سحرّ ينتصر على الحبّ، نعيش تجربتها غير مصدّقين أن ذلك الحبّ الكبير الذي كنا نسعى له قد ضاع، نبحث في أنفسنا عن الخطأ، ولا نجد في قلوبنا سوى البحث عن نموذج  بحثنا تفاصيله ربما مع شريك، سحبه منّا وغادر يندب حظّه ، وخلال ندبه أوقع أكثر من شخص في دائرة الحزن. هو يفكر في الانتقام، وهم يفكرون في استمرار الحياة، ويكون الصّراع محتدم بين ثقافة الحبّ، وثقافة الكره الذي  لا يميّز  بين تدمير الآخر الذي يعتبره عدّوه حتى لو تدّمر من خلال ذلك نفوساً بريئة. الكره يبحث عن الانتقامدون حساب النتائج، بينما الحبّ يتريّث في الحكم.

عندما تجد من يتعاطف مع ألمك تشعر أن الدّنيا بخير، وعندما يقدّم لك أناس كانوا غرباء عنك محبّتهم، يفتحون لك قلوبهم تبدأ عودة الضمير، ورغم قسوة العالم ترى ذلك الضوء الذي يلمع من بعيد، عندما تكون وحيداً في ألمك ، وتشعر بدفء مجموعة ما تبوح بذلك الخوف الذي يعتريك. يخرج الخوف من قلبك، تشعر أن الحياة نبع عطاء مستمر، وتبقى تتمنى لذلك الذي كان سبباً في آلامك الشّفاء من مرض الكراهية، والتصالح مع نفسه فقط دون أن يكون له شأن في حياتك.

رغم قساوة هذا العالم ، لا زال فيه أغلبيّة تقدّم الحبّ. أغلبيّة آثرت أن تعمل بصمت بدون ضجيج، نراهم في كلّ لحظة يربتون على أكتافنا، نمتلئ بدفء الحياة، نشعر بالتّسامح ، وأوّل ما نقوم به هو أن  نسامح أنفسنا، وننتزع ذلك الغضب والخوف منها، تسكننا المحبّة وننطلق إلى العالم من جديد. ثقافة الحبّ هي ثقافة الصّفح أيضاً، وإرادة الحياة، فلا نستطيع أن نكون عبيداً للكره والانتقام.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.