السبت , أبريل 20 2024
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

البابا شنودة الثالث رجل أسطورة .. صنع تاريخاً

ماجد سوس

هناك شخصيات عظيمة عاصرتها وبكيت كثيرا على فراقها فما زالت أتذكر جنازة ابونا القديس بيشوي كامل
وكيف بكينا بحرقة و نحن صغار ثم بكيت و رثيت أبي العلامة القمص متي المسكين باعث النهضة الرهبانية في مصر ثم أبي الذي رباني القمص كيرلس داوود هؤلاء تركوا علامات قوية في حياتي ، وبالطبع في حياة الكنيسة في كل مكان وأعتبرهم شامخين كشموخ الأهرام .


أما اليوم هو أيضاً من أصعب أيام حياتنا فلم يخطر على قلبي أنه سيأتي يوماً سأمسك بقلمي لأرثي أحد الرجال العظام في تاريخنا ، لا لأنه لا يستحق الرثاء ، حاشا ، بل هو الشعور بالضآلة والعجز الذي يتملكني عند الكتابة عن رجل أسطورة عاش بينن، ا وأكثرنا تتلمذ على يديه و نهلنا من علمه ، نعم أسطورة أنت أيها العظيم في البطاركة
البابا شنودة الثالث.


لقد أقامك الله علينا على كرسي القديس العظيم مرقس الرسولي أبا ، قائداً ، معلماً ، مرشدا ، واليوم طلبك الله لتجلس معه و لكن القلب يتمزق من لوعة الفراق .


أتذكر بعد سماع دوي الخبر بإنتقالك للسماء ، بكيت و بكي معي الأقباط جميعهم عليك يا أبي كمن يفقد أثمن ما يملك
فأنا أعتبرك مفجر نهضة الكنيسة القبطية في العصر الحديث ، صائراً بما قدمته وبما يفوق طاقة البشر وكأنك من عجائب الدنيا السبع التي يقف أمامها الإنسان في عجب وذهول من قدرة الخالق على صنع أنواع من البشر هم قادرون على صنع التاريخ .


تذكرت يومها كيف مسكت بقلمي الكتابة بعد مضي ساعات قليلة من انطلاق روحك الطاهرة الى باريها .
ما أصعبها لحظات لا أعرف كيف كتبت أو عن ماذا أكتب ومن أين أبدأ ؟ وأنت تحتاج الى مجلدات لتكتب فيها سيرتك وأعمالك .


القلم ارتعش في يديى، الدموع إنهمرت من عينيى ، خفقات قلبي سمعها كل من كان من حولي .
يوما كنت أتمنى أن يوقظني أحداً فأنتفض من كابوسي يوم ان شعرت شعر الشعب القبطي معي أن أباهم القريب منهم المهتم بكل شئونهم تركهم فشعروا باليتم .


المشهد كان مهيباً خرج الناس في الشوارع بالملايين خلف جثمانه الطاهر فسمعنا صراخ وعويل ، يومها كان لسان حال كل قبطي في هذه اللحظات المؤثرة للغاية يقول : لقد ذهب أبي عني ، لقد رحل سندي و معضددي ، اتركوني ، لا تمنعوني من البكاء أو الصراخ والآنين ، دعوني أبكيه ، فالفراق صعب فيسوع إلهي بكى على العازر حبيبه
وتساقطت دموعه الطاهرة وأيضاً فعلت الكنيسة حينما ارتمى شعبها في حضن بولس الرسول باكين مقبلين عنقه حينما قال أنه ذاهب ولن يروه .


أيا كنيستي المجيده ، واحبيبتاه ، لا تمنعي نفسك ايتها العروس من أن تتشحي اليوم بالسواد وأنت ِ تودعين حبيبك راعيك .


اتشحي بالسواد كما اتشح شعب الله بالسواد يوم إنتقال موسي النبي بعد خدمة أربعين عاما في التيه .
لقد اتشح شعب الله بالسواد على داود النبي العظيم حينما أنتقل بعد أن اعتلى عرش مملكة شعب الله أربعين عاما ، واليوم باباكي المعظم رحل بعد اربعين عاما في خدمة شعبك وأولادك .


هل تتذكرين الرقم أربعين و مدلوله الروحي ؟ أنها ليست مصادفة أن تكتمل خدمته بعد أربعين سنة ففي قصه الفيضان الذي دام 40 يوما، نجد بان البشريه قد تغيرت من حالة العصيان الى الحياة الجديدة.


الشعب العبراني، تتغير حالته من العبوديه الى حالة التحرر بعد مروره 40 سنه بالصحراء.


أهل نينوى تتحول من حالة الفجور والكفر الى حاله الاهتداء خلال 40 يوما.ايليا النبي يتحول من شخص عادي الى واحد من اعظم الانبياء بعد قضاء رحلته مدة 40 يوما.


اما يسوع فينتقل من الحياة السريه الى الخدمة العلنيه بعد صيامه واعتكافه مدة 40 يوما.


هكذا نجد بأن الرقم 40 ليس رقما زمنيا فقط بقدر ما هو رقما روحيا.


رقم يدل على التغيير والتحول والانتقال من حالة الى حالة الى حالة أكتمال الجهاد والسعي.


هكذا حبيبنا الراحل البابا شنودة الثالث اليوم و بعد سفر مثلث الرحمات البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث الى السماء ، أستطيع أن أسجل اعترافي بأنني ورغم كتابتي لعدة مقالات سابقة عن وطنيته وعن بعض ارائه في مجال الأحوال الشخصية الا أنني كنت أرفض المديح والثناء الزائد عملا بقول آبائي تعلمته في صغري بئلا تمتدح أحد في وجهه أو في ظهره .


في وجه لئلا تأتيه ضربة يمينية فأكون انا المتسبب فيها أو في خلفه فتهيج عليه الشاطين وأتحمل أنا وزر ذلك أيضا.


أما الآن وقد أنطلقت روحه الطاهرة الى السماء استطيع أن أسجل عن الرجل البار كل ما أتصف به و يزيد .
نعم هو أحد معلمي المسكونه ، التي أضاءت تعاليمه الدنيا كلها من مشارق الشمس الى مغاربها ومن الشمال الى الجنوب ، لذا أسماه البعض ذهبي الفم .


وعن النهضة فقد أصلح وعمر القلوب والنفوس والكنائس والأديرة وأنشأ إيبراشيات في كل بقاع الأرض لذا أسماه البعض الآخر أبو الإصلاح كالقديس كيرلس عامود الدين .


وعن الإيمان القويم فقد دافع عنه قدر رؤيته ، وجهاده بكل قوة وأحتفظ لنا بتعاليم وتقاليد آبائية جيدة
وفي عهده سجلت نوتة موسيقية لكل ألحان الكنيسة موجود منها نسخة في مكتبة الكونجرس ، لذا نجد من أطلق عليه لقب حامي الإيمان كأثناسيوس الرسولي البابا العشرون.


أما الكرازة في كل المسكونة و البشارة و دخول غير المؤمنين الى الإيمان فكنائس هذا عددها و قد لمتلئت بغير المصريين من كل القبائل والأمم والشعوب و قد أنشأ اسقفية خاصة بشئون الكرازة ، لذا فحق علينا أن نناديه بشنوده المبشر الرسولي .


لا يسعفني الوقت أن أتحدث عن البابا شنودة الثالث كعبقري فيلسوف ، أديب ، شاعر ، صحفي ، مفكر ، مرشد ، مدرس ، وفوق الكل ناسك ، عابد .


أما صفاته كحكيم ، متزن ، شديد الذكاء ، قائد عملاق . يهتم بشعبه جدا و لاسيما الفقراء وكان يقود بنفسه لجنة البر في القاهرة و الإسكندريه و كان يعطي الفقراء بسخاء و بكل حب و حنان .


نعم الرجل أسطورة ، يجمع صفات عدة أشخاص في شخص واحد ، رجل من القرن الرابع وضعه الله في زماننا ليكون آية لنا .


أرثيك يا أبي بدموع الفراق و لوعة الفقدان على أنني على يقين أن أنحلالك من قيود الجسد وجلوسك في حضن المسيح سيجعلني محور طلباتك وشفاعاتك لأجلي و أخوتي .. الى أن نلتقي أطلب من يسوع أن يكون لي نصيب معك يا صانع التاريخ

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.