الخميس , أبريل 25 2024
أخبار عاجلة

نادية خلوف تكتب : ” قبل الشّروع في رحلة الانتقام . احفر قبرين” كونفوشيوس

الغفران والمسامحة للنّفس وللآخر هو نعمة تخترقنا بعد موجة غضب عارم من فعل خاطئ يجعلنا نشعر بالشّهوة للانتقام، وشهوة الانتقام مدمّرة للشّخص ذاته قبل أن يدّمر غيره . قد تقول : لن أدع الأمر يمرّ هكذا.، لكنّك لا تدع مجالاً للحوار، تخبئ الغلّ ، ويأتي يوم تغدر فيه بطريقتك. قد تقتل، قد تأذي، وقد تجعل حياة الآخر جحيماً.

ضحايا الانتقام من حيث المبدأ أناس يتمتّعون بالبسّاطة والطيبة، يظهرون ما في قلوبهم بشكل ربما يفهم الآخر منه غير الذي قصدوه، لكنّ التّقارب معم سهل، فقط يرغبون أن يشعروا بالأمان، بينما المنتقمون يحضرّون لأعمالهم مدّة طويلة. نحن هنا لا نتحدّث عن الثّأر الذي يشّرّع منذ عهد حمورابي ” السنّ بالسّن، والعين بالعين” وهو تشريع للحاكم وليس للشعب مثل “إذا،فقأسيدعينابنأحدالأشراف،يجب أنتفقأ عينه” وقد خص الأشراف وليس العامة. هذا أيضاً نوع من الانتقام، لكنه على يد الحاكم.

أتى عصر التّسامح ، والمبني على أساس أنّ هذه الشّريعة لم تعد تصلح للعصر، لأنّه لو طبقناها لرأينا أغلب النّاس عميان.

هل يمكن أن يبقى الإنسان دون ردود فعل غاضبة تجاه فعل سيء بحقّه؟

بالطبّع لا. لا بدّ من الغضب، وعلينا أن نقول نحن غاضبون، ونعطي للوقت حقه..

الصّفح فضيلة،علينا أن نجيد استخدامه بطريقة صحيحة ، ولا نضعف احترامنا لذاتنا عندما نمارسه وذلك بأن نمارسه في الوقت المناسب، وبطريقة مناسبة .

التسامح مهمل تطوروصيانةالعلاقات الاجتماعيةالتي تعتبرمهمةلبقاءالإنسان واستمرار الحياة ، فلو أردتأن يكون لك علاقات إيجابية فيمجموعة أوفريق،تحتاج إلىأنيكون لديك الإمكانية لإيصال رسالة حسن نيّة إلى الآخر،

يمكن للانتقام ايذاءالآخرين على المستوى المادي،  وأني ؤديإلىجلب الضررللسمعةومهنةأوأفرادعائلةالآخر. ويمكنأنيدفعناإلىعقليةمريضة حيثنسببالألمللآخرين، فينهايةالمطافن ملأعقولنابالغضبوالكراهيةوالانتقام،ويتدهوروعيناويقودناإلىفضاءمظلم.

لدى ” الهندوس”قانونالكارماالمبني على  أنّ أي عمل له ردّة فعل،وهذايعنيأنناإذا تسببنا بالألم للآخرين،نصبح مسؤولين عن ردود فعلهم في المستقبل. ردالفعل هذاقديأتي في هذه الحياةأو”فيالحياةالمستقبلية” كون الهندوس يؤمنون بتكرار الحياة .الكارم الاتعني أننالانستطيع أن نحمي أنفسنا أوأفرادعائلتنا من الأذى،ولكننايجبأنلانقوم بتصفية الحسابات، لأنّ اردّ سوف يأتي عاجلاً أو آجلاً، وأنّ أعلى منّصة في الوجود هي منصّة الرّحمة.

لو عدنا إلى الواقع اليّوم ورغم وجود دعوات للرّحمة على مستوى العالم، لكنها دعوات تسكتها أصوات القنابل، فثقافة الانتقام هي ثقافة المجتمع الذي نعيش فيه، وثقافة البيئة، والنّشأة الأولى . هي تربية ، فالبعض ينتقم بطريقة قاسية وعمياء، ولا يهتمّ إن كان الموضوع سيؤذي بشكل مباشر، أو غير مباشر أحد الذين يحبهم.

ثقافة الانتقام تعمي البصر والبصيرة، وينتهي بالشّخص أن يكون انتقم من نفسه أيضاً، ووقع في الدائرة التي أراد أن يوقع بها غيره، ويكون قد حفر قبرين على حد تعبير كونفوشيوس. . .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.