الجمعة , مارس 29 2024
أنطوانى ولسن

المسلمون في الدول المسيحية .

بقلم : أنطوني ولسن

المسلمون في الدول المسيحية موضوع شاءك والخوض فيه نوع من المغامرة . لأن أوضاع العالم قد تغيرت وتبدلت من عالم مسالم الى عالم يبحث عن المشاكل ، بل عالم يخلق المشاكل ويحولها الى حقائق تشعل النيران في دول تحاول أن تعيش في سلام وأمان .

بعد الغزوات الإسلامية في القرن السابع الميلادي والتي غيرت خارطة مناطق كثيرة من منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من أوربا وجنوب شرق آسيا التي انتشر فيها الإسلام . بعض تلك الدول أصبح الغالبية فيها مسلمون عرب ومن أهل تلك البلاد . وبعضها لا يتكلم العربية لكنه يصلي أو يقرأ القرأن أو الكتب الدينية الإسلامية بلغة عربية بلكنة أهل البلد .

لم يستمر الغزو العربي الأسلامي في الغرب . لكنه استمر واستقر الى يومنا هذا في دول منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وفي الصين وروسيا على سبيل المثال لا الحصر .

حاول محمد على باشا أن يغامر فأرسل قوات برئاسة ابنه ابراهيم باشا لغزو فرنسا ، لكن المهمة باءت بالفشل . فتراجع محمد على باشا عن فكرة غزو أوربا التي بدأها بفرنسا . وتولى أبناؤه الحكم كسلاطين يحكمون مصر والسودان بعد دمجهما في دولة واحدة الى أن تغير اسم السلطان فؤاد إلى جلالة الملك فؤاد ، وحمل الملك فاروق نفس اللقب .

في فترة محمد على باشا عاش المسلم والمسيحي واليهودي والأجنبي فوق أرض مصر المحروسة كمواطنين مصريين يعملون في تناغم وفهم ومحبة دون قلاقل أو مشاحنات . إستمر الحال حتى عهد الملك فاروق والذي كانت القوات الأنجليزية مازالت في مصر تتحكم في شئون البلاد ومصيرها . على الرغم من الأحتلال البريطاني ومحاولته تفتيت الوحدة المصرية منذ اليوم الأول للأحتلال في عام 1882 وحتى جلاءه في عام 1954 . لكنه فشل فشلا ذريعا .

كانت علاقة الشعوب العربية ومن ضمنها مصر مع أوربا ” على الرغم من الأحتلال البريطاني والفرنسي وبعض من الدول الغربية ” إلا أن شعوب المنطقة كانت تنظر الى الغرب على أنه قمة الثقافة والتعليم والنظافة . مما حدى بالشيخ محمد عبده بعدما زار فرنسا أن يقول ” أخلاقهم مثل ديننا ، ودينهم مثل أخلاقنا ” وكان يقصد بالطبع مدح أخلاقهم وذم دينهم لأنهم ” كفار ” . أيضا أصبح يفتخر أغنياء العرب بتعليم أولادهم في الدول الغربية . كذلك بدأ بعض من العرب يهاجرون إلى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية . وكان تناغما وتفاعلا بين كل عربي أو مسلم غير عربي يؤدي واجبه على أكمل وجه في الدول الغربية التي يعيشون فيها .

يأخذنا التاريخ الى العام 1928 حيث ظهرت جماعة الأخوان في الوقت الذي كانت الدول الأوربية فوق صفيح ساخن يهدد بحرب عالمية ثانية لتدهور الأحوال الأقتصادية في دول الأنظمة الديمقراطية ” فرنسا ، بريطانيا وأميركا على الرغم من انتصارهم على الأنظمة الفاشية والتي على رأسها ” ألمانيا ” في العام 1918 إلا أن تلك الحرب كبدتهم خسائر جسيمة مما أدى الى تدهور الحالة المعيشية في البلاد .

عام 1928 الى جانب انه عام ظهور جماعة الأخوان التي أسسها الشيخ حسن البنا وكان هدفها الدعوة الأسلامية بمنظور الشيخ حسن البنا .

في نفس الوقت تم القضاء على الخلافة العثمانية الأسلامية في تركيا وتولي القائد العسكري كمال باشا أتاتورك إدارة البلاد فغير الكثير من الأمور التي كانت سائدة قبل ذلك ودفع بتركيا إلى التقدم الفكري والعلمي والديني مما جعلها لا تختلف عن الدول الأوربية .

ظهور هتلر على الساحة السياسية وضربه في عرض الحائط بكل ما فرضته الدول الفائزة في الحرب العالمية الأولى على ألمانيا وحلفاءها فكون جيشا قويا وبدأ بإظهار قوته الى أن وصل الأمر إلى إعلان الحرب عام 1939 والتي استمرت حتى العام 1945 وهزيمة هتلر وحلفائه وأهمهم اليابان التي هاجمت ميناء ” بيرل هاربر ” مما دفع بأميركا إلى إستخدام السلاح النووي في كل من هيروشيما ونجازاكي .

خسرت ألمانيا خسارة كبيرة في تلك الحرب وخاصة بين الشباب والرجال مما دفع بها الأستعانة بشباب ورجال تركيا المسلمين الذين هاجروا وعملوا بكل إخلاص وكانوا مثالا يحتذى بين بقية شباب العالم بما فيه العالم الأسلامي الذين اندمجوا مع المجتمات الأوربية دون مشاكل .

استخدمت أميركا السلاح النووي ضد اليابان . لأن اليابانيين هاجموا موقعا إستراتيجيا في ميناء بيرل هاربر .

استخدم المسلمون بأميركا الطائرات الأمريكية لأزالة برجي التجارة العالميين من على سطح الأرض . ولم يفعل أي رئيس شيئا تجاه من قاموا بالفعل ، أو من دفعوا بهم لهذا الفعل . على الرغم من عدد ضحايا الحادث الذين بلغوا أكثر من ألف شهيد. لكن بوش الإبن أصر على تفتيت العراق وتقسيمه بحجة استخدام العراق لأسلحة الدمار الشامل ” الفتاك ” . فهل يوجد وجه للمقارنة ؟ لا أظن !.

نعود الى مصر ومحاولات جماعة الأخوان الأستيلاء على الحكم بعد قبول الشعب المصري بثورة الضباط الأحرار عام 1952.

حاول عبد الناصر ارضائهم بالمشاركة في الحكم ولكنهم رفضوا المشاركة وطالبوا بالحكم كاملا أو أن تكون لهم اليد العليا على الأقل في الحكم . من الطبيعي رفض عبد الناصر طلبهم فحاولو إغتياله في المنشية بالأسكندرية في العام 1954.

تم القبض على معظم القيادات الأخوانية وألقيّ بهم في السجون والمعتقالات ، ففر من فر سواء الى السعودية أو الدول الغربية التي استقبلتهم كلاجئين سياسيين هم وعائلاتهم . وكان للمملكة المتحدة ” بريطانيا ” النصيب الأكبر منهم ” الأخوان”.

وصل السادات الى سدة الحكم وسار عكس تيار عبد الناصر وبعد السادس من أكتوبر 1973 وتوقيع معاهدة الصلح مع إسرائيل جعل من أفرج عنهم من الأخوان الذين كانوا في المعتقلات والسجون بعدما توليه الحكم ، والذين أيضا رفضوا ما عرضه عليهم عبد الناصر في العام 1964 . فأعادهم إلى السجون والمعتقلات . من الطبيعي في السجون والمعتقلات تبلورت أفكار وتعددت الجماعات بأسماء مختلفة لكنهم جميعا خرجوا من عباءة الأخوان المسلمين . وكانت المأساة بإغتيال السادات بأيدهم يوم الأحتفال بعيد النصر أكتوبر 1981 .

في عهد مبارك بدأ الأخوان يفرضون أنفسهم فرضا على الشعب المصري خاصة في الأرياف سواء في صعيد مصر أو في شمال مصر في الدلتا . فعاسوا في الأرض إفسادا بإيهام الشباب الألتحاق معهم وما سيدر عليهم من منافع مع تغير الوجه الحضاري للمرأة المصرية بفرض النقاب والحجاب كزي رسمي لا يجب عدم تطبيقه . وكان من الطبيعي الأنصياع لأوامرهم خاصة أن آية الله الخوميني بعدما عاد الى إيران واستقبل استقبال الأبطال الفاتحين وطرد الشاه وأسرته خارج البلاد ، بعدها أعلن عن الحجاب والنقاب لباسا شرعيا للمسلمات .

في الغرب كان عدد المسلمين في تزايد . من الطبيعي رضخت المرأة المسلمة في الغرب لما نادى به الأخوان وآية الله الخوميني من التحجب والتنقب دون أي إعتراض من حكومات الغرب . فكانت فرصة لجماعة الأخوان لتشجيع كل مسلم ومسلمة التمسك بشرع الله دون الأهتمام بقوانين الدول التي يعيشون فيها .

لم يعد المسلم الذي يعيش في الغرب منذ هذا التغير وحتى الأن هو نفس المسلم الذي هاجر سواء هربا من عبد الناصر ، أو إنصياعا لمطالب الأخوان في الأنتشار فبدأوا بتكوين جماعات إخوانية وسلفية وجهادية وغيرها في إنتظار الفرصة المواتية للمطالبة بتطبيق الشريعة الأسلامية وعدم التقيد بأي قوانين مدنية في هذه الدول . وبالفعل هناك من يطالب بذلك علنا وفي شكل مظاهرات ليس فقط بطلبات تحقيق ما يريدون ، لكن بفرض ما يريدون على أهالي تلك الدول .

والسؤال هنا ..لماذا يطالب المسلمون في الغرب بتطبيق الشريعة تطبيقا كاملا في الدول الغربية ، مع العلم أن الدول الغربية لم تمنعهم من بناء المساجد والصلاة خارج المساجد أيام الجمع وأن تكون لهم مدارسهم الإسلامية الخاصة ،بينما لا يحصل المسيحي في البلاد العربية واحد على خمسة مما يحصلون عليه المسلمون في البلاد الغربية ؟؟؟

كذلك ما هو مصير العالم مع الجماعات الأسلامية المتطرفة مثل ” داعش ” وغيرها من تنظيمات إرهابية !.

لكن يبدو أن المسلمين في الغرب على وشك إتمام حلمهم وتحقيق ما فشلوا فيه من إحتلال للغرب . وهاهي الفرصة الأن متاحة لأخضاع الغرب ” الكافر ” للحكم الأسلامي ونشر الأسلام دينا ومعتقدا وأسلوب حياة جديد للمجتمعات الأوربية والأمريكية وتوابعهما .

أخيرا .. هل ما يحدث في العالم الأن ينذر بتجمع سحب الحرب والتي لا يعلم غير الله مدى خطورتها ؟

لا نملك سوى الصلاة ليرحم الله الأنسان من غدر أخيه الأنسان …

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.