الإثنين , أبريل 29 2024

ماجد سوس يكتب : المسكين القوي

في الذكـرى السنويـة العاشـرة لنياحـة الأب متى المسكين باعث النهضة الرهبانية في العصر الحديث ، نظَّم دير ”بوزيه Bose“ بإيطاليا، مؤتمراً دولياً عن: ”الروحانية“ ، إختار القمص متى المسكين ليحتفي بذكراه العطرة كواحد من علماء الكنيسة الأرثوذكسية في العالم.
الأب متى المسكين (1919-2006م) كان أباً لراهبان دير القديس أنبا مقار في برية شيهيت، يعتبر رائد حركـة التجديد الروحي، والرهباني في الكنيسـة القبطيـة الأرثوذكسية.
و قد جاهد جهادا مريرا متنقلا بين المغائر و الصحاري و بدأ حياته في دير بعيد فقير هو دير الأنبا صموئيل المعترف بجبل قلمون فقام بتعميره و كان كلما ذهب الى مكان صارت نهضة روحية و معمارية عظيمة فيه و فعل نفس الأمر في المغارات التي حفرها و عاش في و تلاميذه قرابة العشر سنوات في منطقة وادي الريان و حين أنتدب للخدمة بالإسكندرية كوكيلا للأب البطريرك قام بعمل نهضة روحية و إدارية عظيمة نظم بها شئون البطريركية و الكهنة بطريقة مذهلة حزت حزوه القاهرة و باقي الإبيارشيات من بعده و أسس الكلية الإكليريكية بالإسكندرية بعد ان كانت قد أغلقت من القرن السادس .
في عام 1952 و هو في دير السريان كتب واحد من اعظم الكتب في العصر الحديث و هو كتاب ” حياة الصلاة الأرثوذكسية ” كتب مقدمته الأستاذ نظير جيد – قداسة البابا شنودة الثالث الذي كتب قائلا : ” الأب متى المسكين هو مثال مضيء في تاريخ الرهبنة” و قد كان الأب متى المسكين بمثابة الأب الروحي له .
حدث خلاف بينه و بين اب اعترافه البابا كيرلس السادس لم يكن خلافا لاهوتيا او فكريا و لكن البابا كيرلس طلب من جميع الرهبان في مصر العودة الى اديرتهم و كان ابونا متى قد أسس بيتا للتكريس بحلوان و معه 12 راهبا فسمع بالخبر فأرسل للبابا كيرلس يعرف الى اي دير يريدهم الذهاب و طلب احد الاساقفة منه مغادرة القاهرة الى دير السريان و لكنه أصر ان يعيش في مغائر موحشة في منطقة وادي الريان فتبعه مجموعة كبيرة من الرهبان كان من بينهم ابونا انطونيوس السرياني – البابا شنودة الثالث فيما بعد – و الذي خرج من السريان موجهاً حديثة للأنبا ثاوفيلس رئيس الدير قائلا ” الرهبنة ليست مكاناً و إنما الرهبنة تلمذة و معلّم و بما أن أبونا متى المسكين هو معلمنا و أستاذنا الذي ترهبنا على يديه فكما يفعل نفعل و سنخرج معه و نذهب معه “. فوجيء الجميع بنشر الأنبا ثاوفيلس اعلان في جريدة الأهرام بتجريده من درجته الكهنوتية.
إلا انه بعد مرور ست سنوات ارسل له البابا كيرلس طالبا منه ان يختار ثلاثة من ابنائه للخدمة بدير الأنبا صموئيل ثم بعد تلاتة سنوات استدعاه قداسة البابا كيرلس السادس و طلب منه تعمير دير القديس الأنبا مقار بودادي النطرون و بتواضع البابا الشديد أصر على ابونا متى المسكين طالبا منه ان يقول له حاللتك (من سلطان الحل) و قد احرج منه ابونا متى و قال له الله يحالك و يحاللني وفرح البابا كيرلس بهذا اللقاء و اعاد لأبونا متى مكانته و رتبته.
وثق فيه المتنيح الأنبا ميخائيل رئيس الدير طالبا منه ان يدير كل شئون الدير فقام بتعمير دير انبا مقار و اصبح حديث العالم بنهضته الروحية و المعمارية و كان الأنبا ميخائيل يشدده و يعضدده و شخص في قامة الأنبا ميخائيل لا يقبل ان يترك ديره يقود شخص تعاليمه خاطئة و لا سيما ان الأنبا ميخائيل له من الإفراز الروحي ما يجعله يعرف من هو رجل الله الحقيقي لذا سجل كلمة يوم انتقال الأب متى المسكين كتب قائلا “للحق‏ ‏والتاريخ‏ ‏أقول‏ ‏بأن‏ ‏الأب‏ ‏القمص‏ ‏متي‏ ‏المسكين‏ ‏كان‏ ‏علامة‏ ‏مضيئة‏,‏ونقطة‏ ‏فاصلة‏,‏ومرحلة‏ ‏جديدة‏ ‏للكتابة‏ ‏والتصنيف‏ ‏ملازما‏ ‏لحقبة‏ ‏رهبانيته‏,‏ومازالت‏ ‏ممتدة‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏جاهد‏ ‏كثيرا‏ ‏وصارع‏ ‏كفارس‏ ‏مناضل‏ ‏مسرعا‏ ‏صوب‏ ‏هدفه‏ ‏المنشود‏ ‏وهو‏ ‏محمول‏ ‏علي‏ ‏الأذرع‏ ‏الأبدية‏ ‏ومستودعا‏ ‏رسالته‏ ‏التي‏ ‏بذل‏ ‏غاية‏ ‏جهده‏ ‏لأجلها‏,‏واضعا‏ ‏إياها‏ ‏بين‏ ‏يدي‏ ‏المسيح‏ ‏المخلص‏..”
رفض ان يدافع عنه أحد و كان يقول دع من يقول يقول و سيحكم بيننا الله و الكنيسة من بعدنا و في شدة الحرب ضده كان يجد تشجيعا من عمالقة الكنيسة أمثال الأنبا اغريغوريوس و الأستاذ يسى عبد المسيح و القمص بيشوي كامل الذين كانوا يدعمونه و ارسلوا له خطابات تشجيعية و في الوقت التي منعت كتبه من بعض الأماكن رفض الأنبا ميخائيل و الأنبا اثناسيوس المتنيح و القمص بيشوي كامل و غيرهم منع كتبه من كنائسهم .
عند انتقاله رأته القديسة الام ايريني في رؤيه جالساً في مكانة عظيمة مع القديس مقاريوس و قديسي القرن الرابع فكتبت ما رأت بيديها في رسالة محفوظة في دير انبا مقار و قد أكد لي هذا الكلام شخصيا الاب يوحنا المقاري و المتنيح الاب لوقا المقاري
انتقده البابا شنودة في بعض افكاره و لكنه لم يحاكم او يناقش في افكاره و كما اسلفنا انه رفض ان يدافع عن نفسه ألا ان ابنائه الرهبان في اخر أيامه نشروا كتابا من جزئين بعنوان ” دراسة الأصول الأرثوذكسية الآبائية لكتابات الأب متي المسكين”
أعاد البابا تواضروس الثاني كتبه الى المكتبات و حين سئل عن الكتب في لقاءه بشباب المهجر في كاليفورنيا اجاب ان كتب ابونا متى ليست ممنوعة و موجودة في كل مكان بل و قام برسامة احد ابنائه وهو نيافة الأنبا أبيفانيوس رئيسا لدير القديس انبا مقار و سمح له و للعالم المقاري الأب أثناسيوس بإلقاء محاضرات في الداخل و الخارج معظمها يدور حول كتابات الأب متى المسكين و فكره.
الأب متى المسكين إعتبرته كل كليات اللاهوت في العالم احد اعظم علماء اللاهوت الأرثوذكسي و جاء لزيارته يوما الاب العازر مور احد اباء البرية و من قديسي الكنيسة الارثوذكسية الشرقية.
قام معهد فلاديمر اللاهوتي الأرثوذكسي المهتم بنشر كتابات العظماء أمثال اثناسيوس و كيرلس الكبير بنشر كتابات الاب متى المسكين و قبلها قام عميد المعهد الاب ألكسندرشميمان بزيارة تاريخية لابونا متى المسكين في ديره.
عام 2008 قام الدكتور جورج ديونسيوس عميد و استاذ علم الآباء بالكنيسة اليونانية بنشر كتاب ألقاب المسيح و كتب مقدمة للكتاب و كتب ان الاب متى المسكين امتداد لأنطونيوس و اثناسيوس
كلمة في النهاية ، ابونا متى لم يشغل باله بالدفاع عن نفسه و في تحديه لصعاب عديدة انشغل بإخوة المسيح و قام بتأسيس اكبر خدمة للفقراء بمصر و هو مشروع الملاك ميخائيل الذي يجول في كل بقاع مصر ليساعد المحتاج . أبي الحبيب كنت بالفعل مسكين بالروح لكنك قوي بما قدمته للكنيسة و للرهبنة و لشعب المسيح صلي لأجلنا و أذكرنا امام عرش الرب القدوس .

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.