الإثنين , أبريل 29 2024
اياد طارق

العنوان : لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة .

بقلم:طارق فكري
لطالما سمعناها ،ولطالما رددها منا البعض ،يعلن بها فصل الدين عن السياسة، ولقد تبناها كثير من المفكرين، والكتاب ،منكرون بذلك فكر الآخر ،ومنهجه لا لأنه كفر بالديمقراطية أو ،لأنه أهدر معالم الحرية بل، لأن مرجعيته إسلامية ،ومثل هؤلاء تجدهم على حالتين:
الحالة الأولى: مقصده وغايته قصف الآخر شعبوياً ،وعزله سياسياً فهو لا يعبأ بالأيدلوجية ،ولا الأفكار السياسية ،إنما يتخذ المرجعية تكئة وحيلة.
الحالة الثانية:
تلَبَّسَ بأفكار ،ومذاهب المستشرقين غيرَ مكلفٍ نفسه بالبحث والتنقيب
،ولقد اجتهد أصحاب الحالتين في الترويج لفكرة فصل الدين عن السياسة مستخدمين في ذلك ما يدعمهما من شعارات ،ومصطلحات ،ومنها مصطلح الإسلام السياسي قال الأستاذ عطية الويشي في كتابه حوار الحضارات: أول من استخدم هذا المصطلح هو هتلر ،حين التقى الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين ،إذ قال له: إنني لا أخشى من اليهود ولا من الشيوعية ،بل إنني أخشى الإسلام السياسي. انتهى
وهذا أصح ما ذكر في مصدرالمصطلح. – نقول بأن المستشرقين وجدوا في النظام السياسي في الإسلام مرتعاً ًخصبا ًلبث الشبهات؛ وعليه تم تربية جيلاً من أصحاب الأقلام؛ ليكونوا بمثابة الوجه الأوروبي للتنوير المضاد في بلاد المسلمين، حيث أذاع بعض المستشرقين بأن الإسلام جاء لإقامة الدولة الثيوقراطية، لتكون نسخة من الدولة الثيوقراطية التي عرفها الغرب بحكم البابوات.
– كما زعم البعض منهم أنه ليس للإسلام نظام سياسي أصيل ،وإنما هو فكر مستورد نقله العرب والمسلمون.
وانطلقت الأبواق من بني جلدتنا تنشر إنتاج المستشرقين ،وتشوه صورة الإسلام الجميل؛ لينجحوا فيما أخفق فيه المستشرقين من نشر سمومهم في بلادنا المسلمة .
وليعلم كل من جهل: أن الإسلام وضع أُطر عامة للنظام السياسي، ولم يضع صوراً محددة مفصلة ؛تقديراً منه لمتغير الواقع ،وطلباً منه لإعمال العقل والإبداع .
فعندما أسَّس الإسلام لمؤسسة الخلافة الإسلامية كإحدى المؤسسات الرئاسية الحاكمة لم يضع تصوراً كاملاً لبنائها فقد تكون في صورة شبيهة بمنظومة الاتحاد الأروبي ،أو حلف الناتو ،أو ينبثق عنها سوق اقتصادي إسلامي ،أو قد تُوحِّد العملة كما وحّد الاتحاد الأوروبي عملته اليورو
فالهدف منها هو: عمل منظومة سياسية عالمية تربط الدول الإسلامية ببعضها؛ لتكون مرجعية لها في حالة الأزمات الداخلية، والخارجية، وبمثابة حلف قوي ضد الأخطار الخارجية في زمن التحالفات السياسية ،والاقتصادية ، والدفاعية .
كما أن النظام السياسي في الإسلام يرفض النظريات الميكافيللية التي أسسها نيكولو ميكافيللي القائمة على الغاية تبرر الوسيلة بل، جعل النظام السياسي في الإسلام الأخلاق مرجعية في كل التعاملات السياسية من تحالفات سياسية ،و صدق، وشفافية في البرامج الإنتخابية مع وضوح الغاية ،وإبراز الأهداف، ونظافة الوسيلة.
النظام السياسي في الإسلام نظام مدني تمتنع معه وفيه الكهنوتية الدينية تحكمه نظم إسلامية سواء كانت أخلاقية، أو تشريعية، أو عقدية، وعليه نقول : مقومات النظام السياسي في الإسلام:
سيادة الشريعة – العدل -الشورى -الحرية -المساواه
– ها هو النظام السياسي في الإسلام يقبل التعايش مع الأيدلوجيات الأخرى مع وجود خلاف عقَدِي منصوب بينهما ،ومرجعية هذا التعايش تستمد من قوله تعالى “ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ” وقوله تعالى “تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم “.
ولكن من الغريب والمستغرب ومن القريب وليس المستقرب ! أن تجد من المسلمين من يرفض هذه الأيدلوجية ليس رفضَ اعتناق إنما رفض تعايش ،ومشاركة بلغت لدرجة المطالبة بالعزل والإقصاء مع قبوله لمرجعيات شيوعية ماركس ،أو ليبرالية جون لوك ،أو مرجعيات عنصرية كما عند الأكراد ،والدروز .
والسؤال يطرح نفسه:
ما هو التوجه السياسي الذي حاول إعطاء بديل تغييري شامل ؟
فالتوجه الشيوعي له توجه تغييري يقتصر على إلغاء ملكية الفرد ،واعتماد الميكافيللية كنظرية تطبيقية ،وكل شيء عندهم يرتبط بالإنتاج حتى الأخلاق.
والتوجه الليبرالي له توجه تغييري يقتصر على الإيمان بالنزعة الفردية القائمة على حرية الفكر والتسامح ،واحترام كرامة الإنسان ،وضمان حقه بالحياة ،وحرية الاعتقاد، والضمير ،وحرية التعبير ،والمساواة أمام القانون ،ولا يكون هناك دور للدولة في العلاقات الاجتماعية عكس الشيوعية.
وكثير من التوجهات ترى التغيير بعين واحدة، ولا تتصف بشمولية الرؤية مثل، النظام السياسي في الإسلام الذي شجع الملكية الفردية، وضبط الأسواق بمنظومة قوانين تشريعية
كما كفل الحرية للفرد ،وضمن ضبط العلاقات الاجتماعية من خلال تدخل الدولة ،ورسّخ مبدأ الشورى كنظام سياسي في اختيار الحاكم وإدارة نظام الحكم.
نداء لشركآء الوطن ، لا ترتدوا عن الحرية ، ولا تؤمنوا بالديمقراطية بالنهار، وتكفروا بها بالليل في برامج التوك شو ،وكما أن لكم مرجعية فلنا مرجعية، الحََكَمُ عليها هو الشعب، فلا تحتكروا المرجعيات في مرجعية جون لوك وماركس ولينين وغيرهم، واقبلني كي اقبَلك ،وشاركني كي أُشاركك ؛لنصنع وطناً امناً متقدماً.

شاهد أيضاً

ليلة أخرى مع الضفادع

في ضوء احداث فيلم الوصايا العشر بشأن خروج بني اسرائيل من مصر التى تتعلق بالضربات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.