الخميس , مارس 28 2024
ماجدة سيدهم

إزدراء فاتن حمامة ..بيت القصيد

ماجدة سيدهم

هكذا أكتملت أركان الجريمة المحكمة ضد الجمال والفنون والرقي ..جريمة ضد  الحضارة والعراقة والتاريخ ..ضد الإنسانية والكيان الإنساني في هذا الوطن ،حين يصدر حكم محكمة وهو أمر كارثي بقضاء رفع اسم “فاتن حمامة”  عن مدرسة وهو كارثة أجل-  بإحدى  محافظات الوطن -مصر- وهو أجل  الكوارث، أن يصل التردي الثقافي في مصر التى كانت تـُلقب بهوليود الشرق  إلى حال ازدراء  اسم “فاتن حمامة  “ليشمل معه ازدراء القيمة الرفيعة لفنانة أثرت الفن والوجدان العربي  بل وتجاوزت الحدود  بكل قيم الرقي والتهذب والجمال والأناقة

 بينما تكتمل الجريمة القبيحة حين يطالب ذات  الأهالي بالقرية “ترسا ”  برفع اسم سيدة القصر عن مدرستهم تحت مبررات أقل ما توصف أنها نتاج  التدني الثقافي المهين للإنسانية والهوس من لا شيء، تلك الثقافة  التى تسللت إلى العقل المصري كما الأفعى ، تتلوى بالتوحش في  كافة المؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية

  تهشم الوعي، تحطم الحضارة، تحرم العلم والتطلع ،  تخرب الروح ،تشوه القيم  والفنون ،تقصي العقل كلية حتى  يطل علينا لفظة شاذة  “فاتن لمؤاخذة ” خجلا من اسم “حمامة ” الذي  يحمل دلالة مشوهة في الموروث القيمي والأخلاقي ، هكذا  ترص جثث البشر كرص الموتى في توابيت  من الفتاوى والتخلف والبداوة ونصوص الحلال والحرام والتهديد والوعيد لتمتد مساحات الجدب  والتآكل الروحي تصيب كل التفاصيل الحياتية، حتى صار الاختناق مداه ،صارت الحياة مُرة ..الحلم مُر ..العلاقات مُرة ..الطموح  والحب والإبداع 

حتى الخبز والضحك مُر في مُر ، هكذا باتت الاتجاهات كلها مرتبكة وعشوائية  لا تثمر غير الانتقام والخوف والكذب والانتماء

 كل هذا تحت مرأى ومسمع رعاة الثقافة والفن والتعليم في هذا البلد الذي قاده مصيره التعس أن يتهاوى  فوق  رحاب شيوخ الجهالة والفكر النجيس وتحت ريادة قادة جبناء ،شرهون للمال والسلطة ، فيدفعون بالجمع  إلى منحدر الطاعة الرخوة والتملق والتغاضي والشهوات المتناسلة ..

 ، ثم يخرج أحدهم يعلل الفعلة المشينة بأن مسقط  رأس فاتن حمامة”  أولى بها

هذا أيضا نتاج ثقافة خربة ،ثم يزيد الطين بلة متسائلا  بأنه ما علاقة التعليم بالفن..؟

وهو أيضا نتاج ذات الخراب الراسخ من عهود طويلة ،وعليه يضيف واثقا  أن من  حيثيات الحكم 

أن يطلق على المدارس فقط اسم لعالم أو لشهيد ..!

 يا للعجب  هكذا صار التردي ولم يتساءل  أحدهم  ألم تؤثر “فاتن حمامة” في وجدان هذا العالم

الذي أبدع في علمه أوشكلت بفنها جمالا ما  في أعماق  هذا الشهيد لتروى روحه بالحب والعطاء

فيقدم ذاته  بملء الانتماء  والمرونة فداء للوطن ، وعليه يمثل ازدراء “فاتن حمامة “

بكل تاريخها النبيل جريمة كبرى لازدراء الفنون والنور والجمال والثقافة بجملتها  ، ازدراء متجدد وخيانة مؤكد ة للإنسان وهو بيت القصيد ..

بكل الأسف في الوقت الذي يتصاعد فيه ازدهار قانون ازدراء الأديان يتصاعد معه متوازيا ازدراء الإنسانية  كلها .. في الوقت الذي يعلو الصوت بضرورة  فصل الدين عن الدولة نجد  السعي الأكيد لفصل الثقافة والفنون عن الوعي المصري ..

.. عذرا “فاتن حمامة” .. حدث هذا بعد رحيلك عن واقع متسخ بثقافة الموتى  وفي ظل جهات معنية لا تؤمن بالثقافة  ولا تحترم الانفتاح ولا تعترف بالإبداع ، تنافق  فنانيها بل والكثير من مبدعيها وتحولهم إلى موظفين  تابعين جديرين بالبلادة ومدّ الفراغ الفكري والروحي ، ما أبشع ان يقوم بمهام الثقافة موتى يقررون ويؤثرون .. وما أحط الحصاد ..

ومازال الوجع حيّ ..!

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.