الثلاثاء , أبريل 16 2024
Amal farag
أمل فرج

الصمت الصارخ .

بقلم/ أمل فرج
الصمت قناع من المساحيق والملامح الكاذبة لنخفي ثورة أعماقنا ؛ حتى نبدو للمجتمع أكثر هدوءا ، لم يُخلق الصمت أبدا كتعبير عن القبول والقناعة فقط ، وقد يعني كذلك ، ولكن لم يعد هو المعنى الأرجح ..
ففي جوف الصمت قد تثور الصيحات والآهات والآلام والآمال .. كم من صمت قتل حُلما ، وكم من حلم انتحر في صمت ..
الصمت هو الخيار الأقرب حين تيأس من أن يصدقك من تحب .. هو محطة الارتياح من عاصفة القلب والفكر الذي يحجبه عن تطفل العيون والاسماع ..
هو الخيار الوحيد حين تُجبر على الاستسلام .. هو السلاح الوحيد الذي قد ننجح حين نقاتل به قسوة الأيام .. وقد تقتلنا به الأيام .. فما أكثر أن نتكلم بعد أن يصمت الكلام ويفوت الأوان .. وما أكثر أن نصمت حين تستجدينا الأحلام أن نتكلم .. كم هي حماقتنا ! ، وكم هو غرورنا ! .. أم تُرى هو سوء حظنا ؟! ..
كم مزق الصمت ثوب زفافنا ! ، وكم تراقص وهو يحيك لنا أكفاننا ! ..
سيظل في أيامي من صمتي نزيف ، وفي أحلامي جراح من كلامي تلتئم بلا تنظيف؛ كلما هدأت صرخ الألم في صمت شريف ؛ لا يجرؤ على تجريمه المتطفلون .. وإن كنا في الحقيقة مجرمين في حق أنفسنا قبل غيرنا ..
نحن مَن يئد الحلم وهو يتنفس الحياة ؛.. فبكلمة صمتنا عنها تضيع الأماني .. وبكلمة ننطقها تولد الأحلام .. دعونا نكون أكثر تواضعا ؛ لنتعلم من جهلنا وسخافاتنا ، ولنُردد على أنفسنا درسا من دروس العمر أرهقنا العمر كثيرا حتى فهمناه ، ذلك الدرس الذي تعلمناه في سنين لنسطره اليوم في سطر واحد : أن بالصمت قد تولد حياة ، وبكلمة قد تموت .. فقط نحن مَن لا يعرف متى يكون الصمت أبلغ كلام ،ولا نعرف الكلام حين يقهرنا الصمت .. وما بين هذا وذاك يضيع العمر والحلم ونضل الطريق ، ثم نفيق.. نعم ، ولكن يكون قد فات الأوان ..
هكذا سيُجيب الصمت الحزين في صدرك ، ولكن ستظل الأيام تنبض بالحياة من حولك ، فقط ستتعطل أنت عن الوجود ، في وقت لن يمهلك عالم الغاب مهلا حتى تقوم من عثرتك .. وتعود للصمت مجددا ، وكأنها الحياة في ثوبها الأخير .. حينها سيلعنك الصمت والحلم والألم معا في صمت واحد .. نعم ، أعنيها ـ في صمت واحد ـ
فستسير الحياة حولك هادئة ويقوم البركان في صدرك وحدك دون حراك من العالم .. ولكن لن يلعنك الأمل ؛ فسيظل دائما أبدا للطف الله القلم الأعلى حين تُلبد سماؤك بالغيوم ؛ ليكتب الغيث السطر الأخير؛ .. فاضحك للحياة أيا ما كان أو حتى فابتسم في صمت .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.