السبت , أبريل 27 2024
Amal farag
أمل فرج

الحياة ليست رجلا ..

بقلم / أمل فرج
أحبها عمرا طويلا ، أحبها حبا كثيرا .. كذلك هي أحبته أخيرا، وتمنته طويلا .. تحمل حماقتها ؛ فتحملت حماقته ..
هي فتاة مرحة ، منطلقة ، لها من بشاشة الوجه والملامح والطباع ما يجعلها حلما لغيره .. ولكنه تركها ؛ فقد كانت فتاته في منتصف العقد الثالث من عمرها .. ولقد فكر هو بتفكير أناني يليق بالرجل الشرقي في مثل هذه الأمور ، وبعجرفة الرجل الذي ظن نفسه إلها يقضي ويحكم ؛ فقد قدّر لها أن تكون عقيما وأرضا بورا لن تُثمر .. هكذا رآها عقله الذكوري ، ضاربا عرض الحائط بقلبه ومشاعره انتصارا لأنانيته .. مبررا لضميره أن يكون أبا أغلى من أن يكون شهما مع محبوبته ووفيا لحب صادق لا يجود به الزمان كثيرا ـ هذا إن كان بالفعل صادقا ـ ، وقد يكون الرجل محقا فيما رأى، ولكن لماذا يحكم الرجل الشرقي فيما لا يملك الحكم فيه ؟! لماذا يأخذه الغرور إلى أن يرى نفسه ربا يقضي ويقدر ؟!..
لماذا حتى اليوم ، ورغم تطور أدوات الطب ، ورغم قدرة الله وإرادته فوق كل شيئ لا يعترف الرجال في الشرق بأنوثة وخصوبة المرأة في الثلاثينات والأربعينات ، ولو حتى منتصف الأربعينات ؛ فرغم أنها سن اكتمال الأنوثة و الخصوبة إلا أن الرجل يتدخل تدخلا إلهيا لا يليق به كإنسان ؛ ليحكم على الفتاة في هذه السن بالعجز والعقم ، رغم أن الله لم يخلقهن كذلك في هذه السن .. وقد تكون ابنتة العشرين عقيما ، في حين تلد ابنة الأربعين توءما ، وليس الامر بالقليل أو النادر ، عزيزي المجتمع الشرقي ليس الأمر بالسن قدر أنه أمر الله اولا وأخيرا ، كما أن هؤلاء الفتيات في هذه السن هن فتيات شابات لم يمسهن الهرم بعد لتحكم عليهن بالوهن والعجز ..
لقد ضحى بفتاته وحبه لأنانيته وأوهامه الشرقية ؛ إذا عزيزتي حواء في كل سن : إن كان الرجل في الشرق بكل هذا الغرور فلستِ بحاجة لأن تخضعي لغروره ؛ فلن يُذلك رجل بعد أن أعزكِ الله من المهد إلى اللحد .. لا تبالي بأمر الجهلاء ، ولا تتخلي عن حقك وحلمك في زوج ترتضينه بكامل إرادتك لا رجل تضطرين إليه .. وحتى لو كلفك الأمر لأن ترافقي الوحدة ، وإن كانت الوحدة قدرك ، فانظري لها بأنها الحرية من رعونة الرجال وغرورهم وأنانيتهم ..
عزيزتي جدا ـ فتاة الثلاثين والأربعين ـ : كوني قوية ، كوني امرأة بألف رجل ، حتى يهديكِ القدر لرجل بكل الرجال .. سيري أمام كل من رفضكِ لسنك بكل شموخ واعتزاز ، واعترفي بقوة وليس بخجل أنك مرفوضة ليس لعيب يعيبك أو يخصك ، ولكنك يا فتاتي تسددين ضريبة انتمائكِ وبقائك في مجتمع شرقي متخلف ، انت تدفعين ثمن موروثات ثقافية راسخة في الجذور ، كوني على ثقة ويقين بأنك فتاة جميلة كاملة النضج والأنوثة والخصوبة ، وأن العقم الحقيقي في عقول هؤلاء الرجال الذين يهديهم تفكيرهم لهذا النهج العقيم الجاهل ، هم ناقصو عقل ودين ..
لا ترتبكي ؛ فأنت تحققين مالم يحققه كثير من الرجال ، آنستي : أنت الرجل الحقيقي ، امتلئي فخرا بنفسك ، واهدئي بالا ؛ فالحياة ليست رجلا..

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.