الثلاثاء , أبريل 16 2024
طارق فكرى

كلينتون وترامب .. وجهان لعملة واحدة .

بقلم: طارق فكري – كاتب وباحث سياسي
تلقى الانتخابات الأمريكية رواجا إعلاميا وشعبويا في بلاد العالم الثالث ، فتحظى بالمتابعة والتقصي من رجل الشارع العربي ، ولما لا !
وأمريكا صاحبة السيادة على هذه الدول العربية التابعة لسياستها الدولية ولأجندتها الاقتصادية ، فكان حقا على الشعوب العربية أن تتابع وتنحاز ، وقد هيأ لذلك أن أصبح العالم قرية صغيرة من خلال وسائل الإعلام التي تنقل وتحلل الخبر ؛وكل هذا بسبب أدوات العولمة والحداثة، وما تفرضه على الشعوب من جذب ثقافي ، واقتصادي ، وسياسي ،ولكن كان لزاما على الشعوب العربية أن يكون عندها درجات راقية من الوعي الثقافي والسياسي لا يسمح لها بالذوبان وفقدان ذاكرة الصراع؛ مما يترتب عليه فقدانها لمنهج سياسي ناجح تجاه قضايانا المتأزمة، وبالتالي عدم تحديد عدوها من صديقها .
– ترامب وكلينتون وجهان لعملة واحدة فكلاهما لا يرضى للعرب والمسلمين تقدما ولا رُقيا ولا تملكا للسيادة السياسية ولاتفردا بالقرار بعيدا عن الغرب ، ومن المؤسف المضحك أن البعض يهفو قلبه بالدعاء والأماني أن تنجح كلينتون ،وكأنها راعية العروبة والإسلام ،والفارق بينهما أنه عدو كالثور الأحمق ، وهي عدو كالثعلب الماكر ،وما حدث في المناظرة خير شاهد ودليل :
اتهم ترامب كلينتون أنها تركت داعش تتمدد وكان من الممكن القضاء عليها في بداياتها ، وكان من أسباب ذلك في وجهة نظره ترك القوات الأمريكية للعراق ، وكان له تصريحات سابقة ضد المسلمين نادي فيها بإخراجهم من أمريكا وقتلهم .. وغيرها من التصريحات الرعناء.
عرجت كلينتون منتقدة على تصريحات ترامب بشأن المسلمين، مبينة أن الولايات المتحدة تتعاون مع حلفائها من الدول الإسلامية في الشرق الأوسط للحصول على المعلومات التي من شأنها منع وقوع هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة، ” في الوقت الذي أهان فيه ترامب المسلمين، فهم يقدمون إلينا معلومات لا يمكن لنا أن نحصل عليها من مصادر أخرى، فلا يمكن أن نبعدهم أو نقصيهم”.
والمتأمل لتصريحات ترامب وردود كلينتون يلحظ منها :
– أنهما يتعاملا مع المسلمين ليس بصفة الشركاء ، ولا بصفة الأصدقاء ، بل تعامُلا يتصف بالدونية والنفعية .
– ترامب لا يجد منفعة من التواجد الإسلامي بأمريكا بل يجده مُضراً بأمن أمريكا ، وكلينتون تراه نافعا من منطلق كونه ضمن سلسلة من العلاقات مع المسلمين تفيد أمريكا ؛ حيث أنها تحصل على معلومات تمنع وقوع هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة ، وهذه المعلومات بحد تعبيرها لا يمكن الحصول عليها من مصادر أخرى .
والسؤال هنا ما مقدار الفائدة العائدة على الدول العربية والإسلامية من التعاون مع الولايات المتحدة ؟
ولو كان هناك أدنى فائدة للعرب والمسلمين لذكرتها كلينتون ؟
– أما موقف ترامب من روسيا يحتوي على مدلول واضح في التعامل مع قضايانا العربية والإسلامية ، فترامب تتلخص تصريحاته حول بناء جسور من التفاهم والتوافق بين السياستين الروسية والأمريكية ؛ وبالتالي سيكون مردودها اتفاق ضد ثورات الربيع العربي ، ودعم الحكام الديكتاتوريين المستبدين وما تقوم به روسيا في سوريا دليل واضح على ذلك ، ولروسيا ولترامب هذا التوجه والتكنيك السياسي ، في حين أن كلينتون تسلك نفس المسلك ،ولكن بأسلوب السياسة الناعمة بمعنى لا تقف ضد ثورات الشعوب ولاتسمح لصعود الإسلام السياسي لِسُدة الحكم في بلادنا أو أي توجه لا ينفذ الأجندة الأمريكية ، ولكن تستبدل ذلك بأوجه جديدة تَفي باتفاقيات الولاء والتبعية لأمريكا ، وعليه :تصبح النتيجة لنا من ترامب وكلينتون واحدة .
-بلا شك هيلاري كلينتون سياسية متمرسة ذات خبرات في السياسة الخارجية تتميز بالديكور الدبلوماسي الذي لا يُظهر النفعية المقيتة ولا العداء الهمجي على خلاف نظيرها المدعو ترامب .
– وأقول سقط ترامب بجداره في المناظرة الأولى ، وفي السؤال الأول المعني بالاقتصاد والمال ، والمفترض أن يتفوق ترامب فيه على نظيرته لصلته بدنيا المال والأعمال حيث أنه عمل على خفض الضرائب مما يعود بالنفع على رجال الأعمال ، وكلينتون ضد خفض الضرائب مما يعود بالنفع في الخدمات على متوسطي الدخل ؛ وبهذا تكسب كلينتون قطاع بالطبع هو أوسع في الناخبين .
وعليه : لن يُصبح ترامب قادرا أن يواجه كلينتون في برنامج السياسة الداخلية أو الخارجية ، فهذا عملها وميدانها ،وتلك خبراتها المتراكمة خلال سنوات من العمل السياسي والدبلوماسي بداية من كونها عضو بالكونجرس إلى وضعها كوزيرة للخارجية الأمريكية .
– الناخب الأمريكي على درجة من الوعي تمنعه أن يختار رئيس يتصف بالهجومية في حواره ،وبالتسرع في تصريحاته مع إبداء مفاهيم العداء تجاه المسلمين ، إنما يبحث الناخب الأمريكي من يؤدي أجندة ترامب ،ولكن بسياسة ناعمة متوفرة في هيلاري كلينتون .
وأقول : يجب أن يكون لدى المواطن العربي وعيا سياسيا بوضعه الداخلي ،وكل ما يتعلق به من سياسات خارجية ، وأن تتعامل الجاليات العربية والإسلامية مع هذه المفارقات والأحداث بنضوج سياسي، وعمل مؤسسي لهذه الجاليات داخل الولايات المتحدة ؛ليكون لهم القوة في صناعة ما يخصهم من القرار الأمريكي المسيطر على عالمنا العربي والإسلامي .

شاهد أيضاً

ليلة أخرى مع الضفادع

في ضوء احداث فيلم الوصايا العشر بشأن خروج بني اسرائيل من مصر التى تتعلق بالضربات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.